يقول المواطن سيف ياسين من أهالي محافظة الانبار انه خلال السنوات السابقة لم يكن يستطيع الذهاب إلى محل التصوير لالتقاط صورة تذكارية مع عائلته، فخلال تلك السنوات التي شهدت أعمال عنف وسيطرة الجماعات المسلحة على مدينته كان مثل هذا الأمر "بدعة" في نظر تلك الجماعات التي أفتت بتحريمها وأحرقت محال عديدة.
لكن ياسين البالغ من العمر 33 عاما يقول لـ (أصوات العراق) ان " الاستقرار الأمني خلال الفترة الأخيرة اثر القضاء على تلك المجاميع المسلحة والتكفيرية أعاد الحياة إلى المدينة وفتحت استوديوهات التصوير أبوابها لتنتعش من جديد بعد سنوات عديدة."
وكانت محافظة الانبار خلال السنوات الأخيرة تعد من أكثر المناطق في العراق سخونة بسبب أعمال العنف وسيطرة الجماعات الارهابية المسلحة والتنظيمات الإسلامية المتشددة من تنظيم القاعدة وتنظيمات أخرى التي منعت مظاهر عديدة من الحياة المدنية والمهن والحرف بحجة انها تتنافى والشريعة الإسلامية، مثل محال الحلاقة وبيع الثلج ولم تسلم من فتاويهم حتى بيع الطماطم والخيار معا بحجة عدم جواز اجتماع المؤنث والمذكر بحسب ما يتناقل الناس عن وقائع حصلت فعلا في هذا الشأن في المحافظة.. قبل أن ينحسر نفوذ هذه الجماعات خلال الفترة الأخيرة بعد طردها من قبل القوات الحكومية وقوات الصحوة المكونة من ابناء العشائر.
المصور حيدر سالم قال لـ (أصوات العراق) ان "عودة استوديوهات التصوير والاستنساخ في محافظة الانبار بعد القضاء على الإرهاب وعودة الأمن إليها بفضل سيطرة القوات الأمنية وطردها لمجاميع الخوف والظلام من مدن العراق."ولم يقتصر المنع والتحريم من قبل تلك المجاميع التي وصفها المصور سالم بـمجاميع "الخوف والظلام" على محال التصوير، بل انها تعدت لتشمل مهن يتكسب منها الناس رزقهم مثل محال الاستنساخ ، ويشير سالم إلى ذلك موضحا بقوله أن "ازدياد استوديوهات التصوير ومكاتب الاستنساخ في المحافظة حرمت ومنع الناس من اخذ صور خاصة حتى للمعاملات بحجة أنها "بدعة"وأحرقت العديد من محالات التصوير في الانبار من قبل تلك المجاميع الإرهابية دون أي سبب مقنع لمنعها وإحراق تلك المحالات "
وتابع "اليوم تشهد استوديوهات التصوير ومكاتب الاستنساخ انتشارا واسعا في عموم الانبار بسبب كثرة المعاملات التي تقدم للدوائر الحكومية من قبل المواطنين ومنها ما يخص تقديم الخريجين وبحثهم عن وظائف شاغرة عند هذه الدائرة أو تلك" ولفت إلى ان "أكثر الأيام التي تشهد فيها زخم على استوديوهات التصوير يومي الاثنين والخميس الخاصة بأفراح العرسان الجدد الذي يلتقطون الصور التذكارية لهذه اللحظات السعيدة من حياتهم"
أما المصور فلاح هادي والبالغ من العمر 40 عاما يستذكر قائلا "التصوير الفوتوغرافي مهنتي منذ الصغر وكانت سابقا تقام المعارض الخاصة بالعديد من المصورين العراقيين والمسابقات لاختيار أجمل صورة لمنظر طبيعي أو لصورة أخذت بشكل عفوي إما ألان لا يوجد هناك اهتمام بسبب صعوبة الحياة وغلاء الأسعار مما دعي المصور يعمل لسد لقمة أطفاله"وأضاف ان " محالات التصوير في السنوات السابقة شهدت تهديدات ومنع أصحابها من اخذ الصور التذكارية لأفراح المواطنين وحتى صور المعاملات منعت وحرمت من قبل أشباح الظلام الأسود"
واشار إلى ان "كثرة المعاملات التي تقدم إلى الدوائر الحكومية في محافظة الانبار من قبل مواطنيها السبب في انتعاش حركة المصورين ومكاتب الاستنساخ لحاجة المواطن لأخذ الصور واستنساخ المستمسكات المطلوبة منة لتقديم طلب أو شكوى أو بحثا عن وظيفة في بعض الدوائر الحكومية في المحافظة"
المواطن جعفر علي والبالغ من العمر 38 عاما ويعمل كاتب إمام محكمة الانبار يقول "اعمل في كتابة العرائض والشكاوى التي يحتاجها المواطن ليقدمها إلى القاضي وينفق المواطن لإكمال أي معاملة من 6000 إلى 1900 إلف دينار،والأوراق الثبوتيه والمستمسكات التي ترفق مع المعاملة هي حمل أخر تنهك المواطن البسيط حتى يكمل معاملته" وأضاف "في السنوات السابقة كنا لا نستطيع إن نعمل إمام الدوائر الحكومية والمحاكم كونها كانت مستهدفة من قبل المسلحين إما ألان وفي ظل الاستقرار الأمني فتحت استوديوهات التصوير ومكاتب الاستنساخ وبكثرة لزيادة المراجعين عليها "
وتابع قائلا "ابرز المعاملات التي تلقى رواجا هي معاملات التعويض جراء العمليات الإرهابية ومعاملات طلب التعيين للخريجين الجدد وتشهد مكاتب الاستنساخ مراقبة أيضا من قبل الأجهزة الأمنية خوفا من التزوير لبعض المستمسكات ويتعاون أصحاب تلك المكاتب والمحالات مع تلك الأجهزة لمنع تزوير المستمسكات والوثائق الرسمية"
وزاد "لا ننسى ظهور العديد من الأحزاب الموجودة في الانبار والتي تحتاج إلى إعلانات وصور كبيرة مع طبع الكراسات التعريفية التي توزع للمواطنين إثناء بداية الحملات الدعائية لتلك الأحزاب باقتراب موعد ألانتخابات مما جعل هناك زخم على استوديوهات التصوير ومكاتب الاستنساخ من قبل تلك الأحزاب والكتل السياسية الموجودة في المحافظة"
أما المواطن ياسين الذي أصبح بإمكانه الآن أن يذهب لأي أستوديو تصوير لالتقاط صورة له بعد ذهاب تهديد الجماعات المسلحة إلى غير رجعة، فعاد ليتحدث عن انتعاش محال التصوير وأهمية تواصل الحياة بكل مظاهرها الطبيعية في المدينة التي لطالما غابت عنها في ظل هيمنة ما وصفه بقوى الظلام من الجماعات التكفيرية التي قتلت العديد من ابناء المدينة، ويشير إلى ان "ذوي الشهداء من أبناء الانبار الذين سقطوا جراء العمليات المسلحة والذين قتلوا من قبل القوات الأمريكية أو من قبل عصابات القتل والتكفير، يرغبون إن يكبروا صور أبنائهم الشهداء وان يعملوا صورا تذكارية كبيرة توضع في بيوتهم ومحلاتهم والدواوين العشائرية حتى يبقى الشهيد في الذاكرة ولا ينسى."
وزاد على ذلك "كما توزع البوسترات والصور الملونة المضاف إليها صور الشهداء في المناسبات الدينية وشهر رمضان المبارك الذي توزع فيه الإمساكيات الرمضانية والتي توزع على أروح الشهداء من أبناء الانبار."
https://telegram.me/buratha