التقارير

ممتهنون الفقر يجوبون الشوارع من غير رادع

4117 13:51:00 2009-07-15

تحقيق : حيدر حسين الاسدي

مع إطلالة كل يوم تشهد مدينة النجف الاشرف انتشار العشرات من الاطفال والنساء بل والرجال ايضاً في ساحات وشوارع وازقة المدينة وحتى المقابر منها وبين السيارات المتوقفة عند الطرقات لاستجداء ما يجود به الناس لهم من المال ، ويكاد يرى كل راكب لسيارة نساء منقبات مبتذلات يطرقن زجاج النوافذ من دون يأس وهن يحملن صغارا بعمر الزهور ، او أوراقا متهرئة لتقارير طبية ، او اي شيء اخر يمكن ان يقنع الاخرين بأنهن فقراء يستحقون ورقة من احدى العملات الصغيرة. ممتهنون الفقر من شتى الأعمار ، بعضهم يكتفي بالاستجداء على أبواب المحال، وآخرون يدخلون مزايدات في ما بينهم من اجل شراء رصيف كامل، ويتحكمون بكل من يشحذ فيه.وأسعار الأرصفة قد ترتفع أو تنخفض تبعا لموقعها ، ونوع العابرين عليها وكثافتهم ، لكنها لا تخلو أبدا من شحاذين يلاحقون المارة في كل اتجاه.الاصالة نزلت الى الشارع واستطلعت اراء المواطنين يقول (ابو احمد) إن ظاهرة الاستجداء وممتهنو الفقر تفاقمت الى حد تجاوز المعقول ، وعلينا ان نتعامل مع فقيركل نصف ساعة . ويضيف " هؤلاء يفضلون محال الصاغة لأنهم في الغالب ينجحون في إحراج العرسان الجدد اثناء اختيارهم للنيشان ، فيحصلون على بضع أوراق نقدية ". ويرى (ابو علي) صاحب احد محال الملابس ، إن بعض الشحاذين هم عبارة عن لصوص متنكرين .ويتابع " انهم يلتصقون بالناس بحجة الحصول على صدقة ، لكن سرعان ما نكتشف انهم سرقوا شيئا ، والصغار منهم يبرعون في هذا الامر .وبشأن تعامله مع مثل هكذا حالات يقول " اصبحنا نعرفهم جيدا ، ونبادر الى طردهم حالما نراهم يقتربون من زبائننا ".ويروي (عبد الستار) احد سواق سيارات الاجرة قصة امرأة طاعنة في السن ، تأتي بها سيارة صباح كل يوم ، ويحملها شاب ويضعها على الارض ، ثم يأتي الشاب نفسه ليأخذها مع حلول المساء ، بعد ان يلملم ما القي اليها من صدقات. ويضيف " حزنت على حالها وما يفعله ذلك الشخص بها ، فقررت ان اجلب لها كل يوم شيئا من الطعام ، وكانت لا تتكلم في البداية حتى اطمأنت لي ، فكشفت لي ان الشاب هو ابنها الوحيد ، وانه يقوم باستغلال عجزها وعدم قدرتها على السير ، فيضعها هنا ليأتي نهاية اليوم ليتسلم ما جنته من مال الاستجداء!ان السؤال الذي يطرح نفسه الان من المسؤول عن انتشار هذه الظاهرة ؟ الأستاذ جعفر صادق "باحث في الشؤون الاجتماعية" يعزو تزايد اعداد الفقراء (المكادية) في الشارع الى استفحال ظاهرة الجهل والاستغلال وامتهان الفقر كوسيلة سهلة لكسب المال دون أي جهد كذلك هناك سبب اخر هو وجود مافيا متخصصة تستغل الحاجة والتشرد في تشغيل فرق من الناس تنتشر في شوارع المدينة وهذا امر نشاهده كلنا حين نتجول في المدينة والدليل على كلامي هذا هو عدم إمكانية تواجد أي فقير لا ينتمي لهذه العصابات في منطقة معينة . الاطفال الذين لم يلتحقوا بمدارسهم او تغيبوا عنها نجدهم في اول قائمة الشحاذين التي لا تنتهي". وتؤكد السيدة رنا فاضل ان تفاقم ظاهرة الاستجداء تعود الى " استسهال بعضهم امتهان الشحاذة، خاصة ان اغلب الناس في مجتمعنا يعتقدون ان اعطاء مبلغ من المال صدقة، قد تدفع عنهم البلاء.وتضيف " انا لا أعطي الشحاذ أبدا ، لأنني مقتنعة تماما ان هذا يشجعهم على الاستمرار في مهنتهم السيئة".وتساءلت " ما معنى ان يأتيني شاب بكامل صحته ، او فتاة يمكنها ان تعمل في دائرة أو محل لبيع الملابس ، ليطلبوا مني المال ، ربما لو فتشت ثيابهم سأجد انهم يملكون نقودا تفوق ما احمله ".اما رواد هذه المهنة ، فلديهم مبرراتهم التي لا يتعبون من تكرارها كلما سألهم احد ، لماذا لا يعملون في مهن شريفة بدلا من الاستجداء على قارعة الطريق.احدى الشحاذات، وهي عجوز تفترش الأرض ، اجلست الى جوارها طفلين أمام كراج الداخل ، وتساءلت " ماذا أفعل ، انا أرملة واقوم بتربية هؤلاء الايتام ، ليس عندي مهنة او شخص يتكفلني ، انا لا اعرف حتى الخياطة ". وتابعت وهي ترسل دمعتها " إنهم أبناء ابنتي التي قتل زوجها في انفجار ، وهي تسكن عندي الآن ولا معيل لنا سوى ما يجود به أهل الخير". في حين تقول (رحاب) الطفلة ذات الثمانية اعوام " أنا وأخواتي وإخوتي نستجدي، انا وأختي عند التقاطعات نقف.وهي تعتقد ان الاستجداء ليس عيبا لأنها مهنة عائلتها ، وهي احسن من السرقة او القتل على اي حال ، كما تقول. وحين اقترب منا رجل كان يتابع حديثنا عبر الشارع ، قالت " هذا خالي ابو عبدلله ، فهو الكفيل بمراقبتنا خشية ان يتعرض احدنا الى سوء او اعتداء من أي شخص غريب". قصص (المكادية لا تنتهي) هذا ما قاله احد الموظفي ، ويتابع قائلا: ان هذه المهنة لا تحتاج الى رأسمال ، بل مجرد حفظ بعض الادعية ، واراقة ماء الوجه ، كي يستمر الشحاذ في العيش مهما كان مرّاً!.ان الفقراء والشحاذين وانتشارهم في شوارعنا لهوا امر معيب ومخيف وغير حضاري نحتاج إلى إقفاله خصوصاً وأن مدينتنا قبلة للزوار والسواح من جميع بلدان العالم ومشاهدة مثل هكذا مناظر امر ينقل صوره مظلمة عن الواقع الاجتماعي وما نحتاجه الان هو تحرك سريع وتطبيق واقعي للوعود التي اطلقها المسؤولون في القضاء على هذه الظاهرة والضرب على يد كل من يتعاون معهم من رجال امن ومنتفعين، ولعل هذا الحديث يثير حفيظة العديد من القراء الاعزاء ولكني اختم تحقيقي هذا بالقول ان لو كان هؤلاء حقاً فقراء ومحتاجون لكان كلامنا غير هذا الكلام ولكنا اول المدافعين عنهم وعن حقوقهم ولكانت ابواب العمل الكثيرة وبشرف مفتحه امامهم ويمكن لكل واحد منهم ان يستحصل رزقه بالجهد الشريف ولكن هؤلاء الذين نراهم في تقاطعات الطرق هم مالكون للاموال اكثر من الناس الذين يعطوهم بعض الدنانير ولديهم ارصده وحسابات في المصارف واملاك قد يعجز البعض عن حصرها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
بنت العراق
2009-09-07
هؤلاء المتسولون لاتعلم بهم جائز انهم محتاجين .قبل قليل قرات على هذه الصفحه ان امراءه تدعوا على وزير النقل بان اهل الخير اعطوها فطره ولا يعطوها مجال تستلمها .بربكم ومقاله اخرى قرات ان صحيفه اردنيه تصرح بان محصول النفط العراقي الماخوذ من فم هذه المراءه وايتامها يوفر الى بلد يعتدي علينا ويحمي مجرمين وقتله يوفر لهم 108 مليون دولار والبلد هذا هو الاردن .اي دمقراطيه عظيمه في العراق. اللعنه على الحيه الرقطاء الجاثمه على رقاب العراق اتركوها تخرج خرجت روحوهم الى جهنم .هل سمعتم كافرا حنه على مسلم.
البهادلي
2009-08-15
المضوع يستحق المتابعةلانه يسنغل من قبل جهات عديدة لاعمال دنيئة اة ارباك الوضع الامني من توزيع منشوزات او نقل صورة سلبية عن المنطقة التي يتواجدون فيها وانا ممن عزف عن الذهاب الىالنجف لاني شاهدت العجائب ممن يتواجدون في المقبرة وتشعر وتشاهد العجائب من الفانيين والسواق وبائعي الماء واليخور ونفاط السيطرات وعيونهم الرادار للنساء وكان القادم لهذه الاماكن في نزهة وحقيقة الامر انهم يسلبون كل من يدخل النجف بطريقة او اخرى وكل ضابط شرطة له حصة مندخول بعض السيارات اقول تنكرو وراقبو مايشيبمنه الراس ولاحول ول
محمد حسين
2009-07-20
اعتقد بان كاتب المقال لم يكن موضوعيا في نقده لظاهرة الكدية والتسول...فهو قد عمم المسألة بشكل غير علمي وحكم على كل المتسولين بانهم سراق وان لهم حسابات في المصارف وانهم يستسهلون الكدية والخ... فهل الجلوس في الشمس الحارقة طيلة النهار هو شي سهل حتى يستسهل؟ وهل التعرض لاهانات المارة وعباراتهم النابية هو شي سهل؟ لماذا لم يذكر الكاتب الفقر المنتشر في العراق؟ فالكل يعرف ان الاعانات لا تصل كل من يحتاج اليها وانها تسرق من قبل بعض الموظفين في الدولة وهؤلاء هم الاولى بالتشخيص والاستنكار فهم السراق..
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك