مضت ١٢ سنة على آخر تعداد اجراه الجهاز المركزي للاحصاء لسكان العراق. ولم يستطع الجهاز منذ ذلك الحين اجراء التعداد في موعده الدوري كل عشر سنوات بسبب الاوضاع الامنية السيئة التي عاشها العراق في السنوات الماضية.
"نقاش" التقت مهدي العلاق وكيل وزير التخطيط العراقي ورئيس الجهاز المركزي للاحصاء وحاورته حول التعداد العام والاحصائيات التقريبية لسكان العراق والخطة الامنية التي سترافق عملية التعداد، وفيما يلي نص المقابلة:
نقاش: في البداية اود سؤالك عن الاحصاء التجريبي الذي نفذتموه قبل ايام في ست محافظات عراقية. ماهي اهدافه ؟
العلاق: التعداد العام للسكان يحتاج الى عمل كبير جدا ويحتاج الى مئات الالاف من الكوادر فضلا عن المتطلبات المادية، ولذلك اجرينا التعداد التجريبي في ست محافظات واخترنا مناطق محددة من المحافظات الست لاجراءه، وهذه المحافظات هي بغداد ونينوى وديالى وذي قار والنجف والسليمانية. واخترنا مناطق حضرية وريفية وهيأنا لهذا الغرض ألفين من كوادرالاحصاء المركزي للاحصاء ووزارة التربية ووزارة البلديات ونظمنا دورات تدريبية مكثفة لهذه الكوادر قبل المباشرة بالعمل. الهدف منه هو تمرين الكوادر، فضلا عن جس نبض الشارع في هذا المجال.
نقاش: أجرى العراق اخر احصائية رسمية لسكانه في عام 1997. تبعته عمليات تقديرية سنوية، على أي أساس قامت هذه التقديرات اللاحقة؟
العلاق: في عمليات التخطيط ورسم السياسة هناك حاجة الى معرفة اعداد السكان سنويا. ما يجري هو ان يتم بين كل تعدادين عمليات اسقاطات سكانية، اي تقدير عدد السكان، ولكن هذه العملية بحد ذاتها هي عملية كبيرة ومبنية على قواعد علمية اهمها التأكد من الفرضيات التي تجري وفقها عمليات التقدير ومنها فرضية الولادات وفرضية الوفيات وفرضية الهجرة سواء كانت داخلية او خارجية ولذلك نجري هذه التقديرات معتمدين على الفرضيات وعلى معدلات النمو السنوي للسكان في البلاد .
نقاش: الى أي مدى تعتمدون على احصائيات وزارة التجارة (البطاقة التموينية) في اجراء مثل هذه التقديرات؟
العلاق: نحن نجري مقارنة بين تقديراتنا واحصائيات وزارة التجارة، ونعتمد عليها بنسبة كبيرة بسبب كون بياناتنا عمومية اما بيانات وزارة التجارة فمحددة، وتجري عليها تعديلات كلما حصل تغيير على ارض الواقع مثل الهجرة الداخلية والخارجية التي لا نستطيع نحن اكتشافها قبل اجراء التعداد. وارقام وزارة التجارة بالاجمال هي واقعية ومتقاربة مع ارقامنا.
نقاش: نود ان نعرف تقديراتكم لعدد سكان العراق هذا العام.وهل هناك تفاوت بين عدد الذكور وعدد الاناث؟
العلاق: نعم اجرينا تقديرا لعدد السكان في بداية العام واتضح منه ان العدد الكلي للسكان 31 مليون نسمة، والملفت للانتباه ان عدد الاناث اكثر من عدد الذكور، اذ اتضح ان المقارنة هي 103 انثى تقابل 100 ذكر.
نقاش: ألا تعتقد أن العدد مبالغ به، إذا ما أخذنا بالحسبان الهجرة الخارجية وعدد ضحايا عمليات العنف في البلاد؟
العلاق: نعم لكن عدد الولادات طغت على الوفيات والهجرة، ففي العراق يتضاعف عدد السكان كل 25 عاما. كما أن هناك مبالغة كبيرة في عدد الوفيات. على كل حال التعداد العام للسكان سيكشف عن الحقائق بشكل ادق.
نقاش: في احصاء عام 1997 كم كان العدد الرسمي للسكان؟
العلاق: التعداد العام لسكان العراق في عام 1997 فيه مشكلة انه كان يقتصر على 15 محافظة، حيث استثني اقليم كردستان بعد انفصاله عن الحكومة المركزية من عملية التعداد، وكان عدد السكان انذاك 19 مليون نسمة، وفي ذلك الوقت اضفنا تقديراتنا لعدد سكان كردستان وكانت بحدود ثلاثة ملايين، فأصبح عدد السكان الرسمي 22 مليون نسمة.
نقاش: لنعد الى التعداد العام المزمع اجراءه في تشرين الاول/أوكتوبر المقبل،هل لديكم تنسيق مباشر مع اقليم كردستان حول اجراء العملية داخل الاقليم؟
العلاق: نعم هناك تنسيق كبير حول هذه النقطة، فالتعداد سيجري وفق قانون رقم 40 لسنة 2008، والمشرع من قبل مجلس النواب ومقر من قبل هيئة الرئاسة، فهو ملزم لجميع الاطراف.ولدينا لدينا غرفة للعمليات في كردستان تعمل بالتنسيق مع غرفة الجهاز المركزي وبالمنهجية ذاتها. والفرق الوحيد هو اننا سنحول الاستمارة الخاصة بالاحصاء الى اللغة الكردية لتسهيل عملية التعداد في الاقليم.
نقاش: ألم يجري الاقليم احصائيات سابقة للسكان في السنوات الماضية؟
العلاق: آخر تعداد كامل في الاقليم جرى في عام 1987، وجميع العمليات اللاحقة كانت تقديرية، وحاليا يصل عدد السكان الى 4 ملاييين او يفوق الرقم بقليل وفق تلك التقديرات.
نقاش: ماهي ابرز المعوقات التي واجهتكم في التعداد التجريبي، والتي تتوقعون ان تواجهكم في التعداد العام؟
العلاق: صعوبة التعداد تكمن في انه عمل ميداني يستهدف كل بيت وكل صريفة وخيمة في البلاد من الصحراء الى القرية وصولا الى المدينة. فالانتشارالجغرافي للسكان من البدو الرحل والقرى النائية والاهوار هو واحد من اهم الصعوبات، ونجاح التعداد مرتبط بالوصول الى جميع هؤلاء، ولذلك فأن الصعوبات تتعلق في الميدان والكادر البشري الذي يتوجب ان يكون مدربا بدقة، فضلا عن الميزانية المخصصة من قبل الحكومة والتي تأثرت بتخفيض الموازنة العامة وهي واحدة من تحدياتنا الحالية،وقد رفعنا كتابا الى مجلس الوزراء نطالب باعادة ما قطع من الميزانية لان الارقام محسوبة بشكل دقيق ولا تقبل التقليص .
نقاش: وماذا عن التحدي الامني، سيما وان هناك مناطق لا زالت تعاني اوضاعا امنية سيئة قد تعيق وصول العدادين اليها؟
العلاق: نحن في العراق نعيش مستويات مختلفة من الاجواء الامنية فهناك اماكن آمنة جدا، ومناطق اخرى امنها يرتقي الى المستوى المقبول وثالثة امنها هش. وضعنا خطة امنية محكمة بالتعاون مع وزارة الداخلية التي ستلعب دورا حاسما في الموضوع ، هي (أي الخطة) واحدة من عوامل نجاح التعداد وسنناقشها بالتفصيل مع اللجنة الامنية. اما بالنسبة للكوادر فنحن بحاجة الى ما لايقل عن200 الف عداد سيتم اعدادهم بشكل جيد. ومن الناحية العملية سيبدأ العدادون بالتجوال في المناطق قبل اربعة ايام من موعد التعداد للتعرف على الاسر وجمع بعض المعلومات الاولية عنها.
نقاش: ومتى تتوقعون ان يتم اعلان النتائج الاولية والنهائية للتعداد؟
العلاق: في كل بقاع العالم نتائج التعداد تتأخر لمدة عام، لكننا وضعنا خطة لاخراج النتائج النهائية للتعداد في تموز/يوليو عام 2010، اي بعد مرور تسعة اشهر على التعداد. هنا أتحدث عن نتائج تحليلية تفصيلية ،اما النتائج الاولية التي تتعلق بعدد السكان الكلي ونسبة الذكور والاناث، والبيئة الحضرية والريفية وغيرها من المعلومات فسيتم اخراجها بعد اقل من شهر.
نقاش: من خبرتكم في مجال التعداد ووفق الاحصائيات المتوفرة، ضمن اي تصنيف تضعون المجتمع العراقي؟ هل هو من المجتمعات الفتية ام الهرمة؟
العلاق : نحن في العراق لازلنا في طور المجتمع الشاب االذي تكون قاعدة الهرم السكاني فيه عريضة وقمته مدببة، اذ ان عدد السكان من صغار العمر اكبر بكثير من باقي الفئات حيث تصل نسبة السكان دون سن العمل الى قرابة النصف، وتزداد نسبة الاعالة للفئة الصغيرة، وهناك انتقال في المجتمع العراقي نحو ما يسمى بـ (الهبة الديموغرافية) التي يزيد عدد السكان المنتجين فيه على غير المنتجين لكن هذا الانتقال لن يحدث قبل عشر سنوات.
https://telegram.me/buratha