وتقرير "الإسماعيليون في نجران: مواطنون سعوديون من الدرجة الثانية" الذي جاء في 67 صفحة، والذي يستند إلى أكثر من 150 مقابلة ومراجعة الوثائق الرسمية؛ يوثق نسقاً من التمييز ضد الإسماعيليين في مجالات التوظيف الحكومي، والتعليم، والحريات الدينية، ونظام العدالة.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تُروج الحكومة السعودية للتسامح الديني بالخارج، لكنها تُعاقب باستمرار المواطنين الإسماعيليين على معتقداتهم الدينية". وتابع قائلاً: "ويجب على الحكومة أن تكف عن معاملة الإسماعيليين باعتبارهم درجة ثانية في التوظيف ونظام العدالة والتعليم".
ويعيش في المملكة العربية السعودية ما لا يقل عن مئات الآلاف من الإسماعيليين، وربما يصل عددهم إلى المليون، وهم جزء من الأقلية الشيعية في بلد يبلغ تعداده 28 مليون نسمة. ويعيش أغلب الإسماعيليين في منطقة نجران، على الحدود الجنوبية الغربية مع اليمن، حيث تزايدت التوترات عبر السنوات القليلة الماضية.
وقامت المملكة العربية السعودية بغزو نجران إثر حرب قصيرة مع اليمن في عام 1934، وضمت إلى المملكة الفرقة السليمانية الإسماعيلية، إحدى الفرق الإسماعيلية. وظلت نجران مقراً لكبير الفرقة السليمانية الإسماعيلية، وهو الداعي المطلق، منذ القرن السابع عشر.
وعلى الرغم من أكثر من 70 عاماً من التاريخ المشترك، فإن السلطات السعودية وعلى أعلى المستويات مستمرة في الترويج لخطاب الكراهية ضد هذه الأقلية الدينية. وفي أبريل/نيسان 2007، أطلقت هيئة كبار العلماء – وهي الهيئة المكلفة بالتفسير الرسمي للشريعة والممارسات الإسلامية – على الإسماعيلية وصف " كفار فساق فجار ملحدون زنادقة". وفي أغسطس/آب 2006، أعلن كبير قضاة المملكة، شيخ صالح اللحيدان لجمهور قوامه المئات، أن الإسماعيليين "ظاهرهم مسلم، لكن باطنهم كفر". ولم يرد غيره من المسؤولين السعوديين على هذه التصريحات أو هم تبرأوا منها.
وقد أدت التوترات المتزايدة منذ أواسط التسعينيات بين الإسماعيليين وأمير نجران، الأمير مشعل بن سعود بن عبد العزيز، إلى وقوع مصادمات في أبريل/نيسان 2000، بعد أن اعتقلت السلطات رجل دين إسماعيلي اتهمته بـ "عمل السحر". واعتقلت قوات الأمن المئات من الإسماعيليين، وعذبت وحاكمت سراً العشرات غيرهم. ثم قامت السلطات بحركة تطهير أخرجت بموجبها زهاء 400 إسماعيلي من السلك الوظيفي الحكومي المحلي.
ومنذ ذلك الحين، فإن المسؤولين المحليين الذين تم إرسالهم إلى نجران من مناطق أخرى من البلاد والذين يعكسون الفكر الوهابي المُحافظ السائد في البلاد، مستمرون في التمييز ضد الإسماعيليين في التوظيف والتعليم ونظام العدالة، وتدخلوا في قدرتهم على ممارسة شعائرهم الدينية.
وواحد فقط من كل 35 رئيس قسم في حكومة نجران المحلية إسماعيلي المذهب. ولا يوجد إسماعيلي واحد تقريباً يشغل منصباً أمنياً كبيراً أو يشغل وظيفة مُدرس دين. وتقول الكتب الدراسية السعودية إن الإسماعيلية تُعد "شركاً كبيراً" بالله. ويقوم المُدرسون الوهابيون في نجران بإكالة الإهانات للمعتقد الديني الخاص بالطُلاب الإسماعيليين ويحاولون تحويلهم إلى المذهب السني، باستخدام التهديد بالرسوب والضرب.
ولا يتمتع الإسماعيليون بحرية نقل تعاليمهم الدينية إلى الأجيال الجديدة. فالسلطات قامت في بعض الحالات بنفي الداعي المطلق من نجران أو وضعته قيد تحديد الإقامة قسراً في المنزل. كما تحظر السلطات السعودية استيراد أو إصدار الكتب الدينية الإسماعيلية. ويواجه الإسماعيليون معوقات في الحصول على تصاريح ببناء مساجد جديدة أو بتوسيع المساجد القائمة، بينما تمول الدولة وتبني مساجد السنة في نجران، حتى في المناطق التي لا يوجد فيها سكان من السنة.
ويقوم قضاة الشريعة في المملكة – ويتبعون الفكر الوهابي – بالتمييز بصفة متكررة ضد الإسماعيليين بسبب معتقدهم الديني. وفي مارس/آذار 2006 فرق أحد القضاة بين رجل إسماعيلي وامرأة سنية، وقال إن الرجل عديم الكفاءة الدينية. وفي مايو/أيار 2006 منع قاضٍ آخر أحد المحامين الإسماعيليين من تمثيل موكله السني.
وقال جو ستورك: "إن التمييز الذي ترعاه الدولة وتتسامح معه الحكومة بحق الإسماعيليين في نجران يفرض تهديداً جسيماً لهويتهم ويحرمهم من حقوقهم الأساسية". وأضاف: "وتقوم السلطات بإبعادهم عن التعليم والعمل الحكومي والمهن الأخرى".
وفي يوليو/تموز 2008، افتتح الملك عبد الله مؤتمراً لحوار الأديان حظي بمتابعة إعلامية جيدة، وهذا في إسبانيا بمبادرة من المملكة العربية السعودية، وبحضور رجال دين مسلمين ويهود ومسيحيين وهندوس وبوذيين.
وقال جو ستورك: "سوف يكون مقياس التسامح الديني السعودي بما يتم داخلياً، وليس فقط بما تروج له السعودية في الخارج".
https://telegram.me/buratha