التقارير

خامسُ الفائزين وأولُهم أسودُ الأطلس ومغربُهم


د. مصطفى يوسف اللداوي ||

 

استكمالاً لمقالي السابق ووصلاً به، واستدراكاً للحقيقة التي يستحقها والمكانة التي حققها، أثبت هنا أن خامس الفائزين المغرب، مملكةً وشعباً ومنتخباً، بل هو أولهم وأسبقهم، وأصدقهم وأنبلهم، وهو الرائد العربي الأوحد الذي تقدم وكد وتعب، والفارس الذي انبرى وأعلى الراية ورفع العلم، والفائز الأكبر والفريق الأجدر وإن كان للكأس لم يتأهل، إلا أنه حقق رفعةً نتوق إليها، وتفوقاً نتطلع إليه، وجعل لنا اسماً نَحِنُ إليه ونتمناه، وقد علقنا عليه الآمال ليصل، ويوماً ما نظنه بإذن الله قريباً سيصل، وسيكون بطل العالم، وسيحوز على الكأس، إذ كان أداؤه رائعاً، وتعاونه جميلاً، وثقته عالية، وإصراره قوياً، كما استحق مدربه الإشادة والتنويه، لقيادته الرشيدة، ومتابعته الدقيقة، وتبديلاته الموفقة.

إنه الفريق الفائز الذي ما سقط من مقالي سهواً ولا أهمل قصداً، بل هو ثابتٌ أصلاً وأولٌ حكماً، وكنت قد كتبت عنه ابتداءً، وخصصته بمقالٍ دون غيره، سموت به وحلقت، وتغنيت به ومجدت، وأشدت به ومدحتُ، كونه حصان العرب الذي ما كبا، ولا ساخت أقدامه وانكفأ، بل سما وعلى هام الزمان مضى، أملاً يرتجى وحلماً يبتغى، فكان مقالي "عرينُ الأسود وأسودُ الأطلس صفحاتُ عزٍ وتاريخُ مجدٍ"، خاصاً بهم وتقديراً لهم، وقد قرنته بعرين الأسود المقاومين في نابلس، وجعلت ما قدمه على أرض الملاعب رفعةً للعرب وذكراً لهم، ومقاومةً عربيةً نعتز بها ونفخر، ويتردد صداها نصراً في فلسطين، وعزةً لدى الفلسطينيين، وقهراً بين الإسرائيليين، وغيظاً يكاد يمزق نفوسهم ويفتت قلوبهم.

كنت قد ظننت أنني قد اكتفيت بمقالي عنهم، وضمنته ما أريد من المعاني والأفكار، وعبرت فيه عما أشعر وكل العرب والفلسطينيين تجاه أسود الأطلس الأماجد، ورجاله الشجعان، وأبطاله الصِيدِ الكُماة، الذين شقوا بأقدامهم طريقاً للمجد، وخاضوا في ملاعب الكرة معارك الشرف، وصنعوا لنا مجداً تليداً ولو كان في ميادين الرياضة، إلا أنني وقد حصرت في مقالي السابق "الفائزون الأربعة في مونديال قطر 2022"، شعرت بأنني قصرت وأخطأت، وأنه كان يجب علي أن أضعهم في الصدارة والمقدمة، فهم حقاً أول الفائزين وأشجع المغامرين، إذ أنهم الذين سبقوا العرب إلى رفع العلم، والهتاف باسم فلسطين، وفرض قضيتها على العالمين، وكادوا بمواقفهم العدو وحلفائه.

وإن كان فريق أسود الأطلس قد نجحوا في ملاعب الكرة، وأثبتوا رغم ضيق ذات اليد، وقلة الميزانيات وضعف الإمكانيات المالية، أنهم رياضيون مهرة، ولاعبون مدربون، ويمكنهم منافسة الكبار وبزهم، ونزالهم وهزيمتهم، فقد أثبتوا أيضاً أنهم أبناءٌ بررةٌ، يحبون بلادهم، ويبرون آباءهم ويلتمسون البركة منهم، ويتطلعون إلى الفوز برضاهم عنهم ودعائهم لهم، فرقصوا وأمهاتهم، وقبلوا أيديهن عرفاناً بفضلهن وشكراً لهن، وهو ما أغاض البعض وحرك ضغائنهم، ودفعهم للسخرية والتهكم، ممن يبغضون العرب ويكرهون أواصرهم، ويحاربون تماسكهم الأُسري وبنيانهم العائلي.

أسود الأطلس وجمهورهم والشعب المغربي بأسره، يستحقون كأس المونديال وأن يكونوا أصحاب اللقب الأول في كأس العالم 2022، فلهم باسم فلسطين وشعبها، وبلسان العرب وأحرارهم، نرفع القبعة تقديراً واحتراماً، وتشخص عيوننا إليهم أملاً ورجاءً، وتعلو أصواتنا لهم شكراً وعرفاناً، فهم أسود العرب وأبطال الأطلس، خير من يعبر عن الأمة ويعكس مواقفها، فهنيئاً لهم نصرهم الذي تحقق، وحلمهم الذي تجسد.

 

بيروت في 21/12/2022

moustafa.leddawi@gmail.com

 

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك