التقارير

طه والعربية الإنسانية..اليوم العالمي للغة العربية

1471 2022-12-19

د.أمل الأسدي ||   من أفضل ما يُحتفی به بمناسبة  يوم الضاد العالمي، ذكر ما تعلمناه من لغتنا،وبشكلٍ مجمل: -تعلّمنا من العربية الوضوح والبيان؛ إذ لا ضبابية ولارمادية ولا تأرجح بين بين!! ـ  تعلّمنا من العربية الانفتاح علی الآخر، والتفاعل مع الإنسان؛ لأنها أمُّ، يتسع حضنها لأبنائها وأبنيتها، وأبناء أخواتها، فهي اشتقاقية، ولّادة، وبيتها عامر، وبابه مفتوح، لايُغلَق إلا في وجوه الجاحدين!!  - تعلّمنا من  العربية الاستمرارية وعدم الجمود،المواصلة والعمل الحثيث؛ إذ تتسم بالمواكَبة والمعاصَرة!  وكل ما ذكرناه تجسد في القرآن الكريم،الذي حفظ العربية وأبقاها خالدة، وصنّف ناطيقها صنفين: عربي: يسير في  ركبه وركبها. وأعرابي: يتركه مهجورا، ويتمسك بها، فتلفظه هي، ولا يظهر أثرها عليه نعمةً!! هكذا يصبح قوله تعالی:((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) بطاقةَ حياتها الخالدة الأبدية، ويصبح قوله تعالی:(( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ۞ عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ۞بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ )) ضمانةً لعالميتها وقدرتها علی التأثير في أيّ إنسانٍ،فإن لم يكن تأثيرها بتركيبها، كان بدلالتها، وإن لم يكن بدلالتها، كان بصوتها!! فتبارك الله أحسن الخالقين، إذ جعل السامعَ يخاف العثرة حين يسمع:((فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ)) وإن لم يفهم معنی الكبكبة!! فقوة صوت الكاف المتكرر مع الواو، تكفي لتجسيد لحظة الخطر!! وتبارك الله الذي جعل السامعَ يستبشر، ويستأنس، حين يسمع قوله تعالی:((فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا۞إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)). وتبارك الله وهُزم الشيطان وحزبه، إذ يدرك السامعُ خطر الوسوسة، من صوت السين الذي يخيّم علی مشهد المحاولات الشيطانية، وحضور الاستعاذة واللجوء الی الملاذ الآمن، حين يسمع قوله تعالی:((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۞ مَلِكِ النَّاسِ ۞إِلَهِ النَّاسِ ۞ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۞الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ۞مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)) وتبارك الله الذي مكّن عباده من إدراك مكانة الرسول الأعظم(صلی الله عليه وآله) حين يسمعون قوله تعالی:((طه۞مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ)) وهو يواسيه ويرفع الشقاء عنه، الشقاء الذي جسدته جملة (لتشقی) فقدمت مزيجا من صوت الشين المتفشي المنتشر، ومن قلقة القاف واستعلائه، ليوازي هذا المزيج مدی شقاء رسول الله وتعبه ومعاناته وتحمله المسؤولية، فواساه الله تعالی،وخفّف عنه، وأعلمه أنه لم يُنزل القرآن لشقائه، وإنما تذكرةً لمن يخاف ويتقي:((إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى)) ـ وتبارك الله الذي جعلنا ندرك مقام حبيبه (صلی الله عليه وآله) حين قال:((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ )) فأكد بلام الابتداء، وقرنها بـ (سوف) ليعكس حالا زمنية ممتدة  في تحقيق رضا رسوله، ثم حذف المفعول به الثاني للفعل(يعطيك) ليجسّد حال الشمول والإعمام والتفخيم لهذا الرضا!!  وقد قال الإمام محمد  الباقر (عليه السلام)  عن هذه الآية:(( والله إنها الشفاعة؛ ليعطاها في أهل لا إله إلا الله حتى يقول: رضيت))  فتبارك الذي أوجد هذه اللغة، لغة الجمال المتفردة، والحمد لله الذي حفظ عطاياه الجميلة بالقرآن الكريم، إذ لا فضل ولا منّة لأحدٍ في حفظها سوی القرآن الكريم، وحملة القرآن الكريم، محمد وآل محمد(صلوات الله عليهم أجمعين) والسلام علی أفصح العرب، مولانا أبي القاسم محمد(صلی الله عليه وآله) والسلام علی بيته  الفصيح الكريم، والسلام علی من ربّاه وحماه ووثّق تفاصيل حياته للأجيال، أبي طالب سيد البطحاء، الذي قال  حين خطب له خديجة(عليها السلام):[الحمدُ للهِ الذي جعلنا مِن زَرْعِ إبراهيمَ، وذريةِ إسماعيل، وجعل لنا بلدًا حرامًا، وبيتًا محجوجًا، وجعلنا الحكامَ على الناسِ. ثم إِنَّ محمدَ بنَ عبدِ اللهِ ابنَ أخي مَن لا يُوَازَنُ به فتًى مِن قريشٍ إِلا رَجَحَ عليه برًّا، وفضلاً، وكرمًا، وعقلاً، ومجدًا، ونبلاً. وإنْ كان في المالِ قُلٌّ؛ فإنما المالُ ظِلٌّ زائلٌ، وعاريةٌ مُسْتَرْجَعَةٌ. وله في خديجةَ بنتِ خويلدٍ رغبةٌ، ولها فيه مِثْلُ ذلك، وما أحببتم مِن الصَّداقِ فعليَّ] فجُل عزيزي القارئ، بعينيك بين هذه السطور، ولاحظ الاختزال والتكثيف بما يتلاءم  مع مناسبة  الخطبة، وتفحّص الدقة والقصدية في قوله: "زرع إبراهيم، وذرية إسماعيل" كيف أجمل ثم فصّل وحدد، وكأنها رسالة مفتوحة الی يومنا هذا، وإلی لحظتنا هذه،" ذرية إسماعيل" فلا مجال لتذويب الخاص والرجوع الی المجمل، ولا مجال لزيغ الأبصار، فالمال ظله مؤقت،  والمال قيدٌ مستعارٌ لابد من استرجاعه!! وبهذا قعّد أبو طالب لنا الأسس التربوية التي ينبغي أن نبني عليها الأسرة، وبيّن حسن الاختيار باليسير من الكلمات، وببضع جملٍ، وهذا كله متأتٍ من جمال اللغة العربية، ونابعٌ من قدرة من حَملَها، وصفاء نفوس الجماعة التي تحولت اللغةُ في بيوتهم - بيوت الوحي المحمدية العلوية- من المحلية الخائفة المترقِّبة، إلی العالمية الخالدة.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك