التقارير

زينب عصام.. ليست آخر ضحايا الإجرام الأميركي

1135 2022-09-25

عادل الجبوري ||

 

زينب عصام. فتاة عراقية تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا، تسكن مع عائلتها في بيت ريفي بقرية البو علوان بقضاء أبو غريب، غربي العاصمة بغداد، وكانت قد خرجت من بيتها في الصباح الباكر ليوم العشرين من شهر ايلول/ سبتمبر الجاري لتساعد أهلها في اعمال الزراعة، لكن رصاصة طائشة أردتها صريعة مضرجة بدمائها بلا أي ذنب. وهذه الرصاصة الطائشة التي اخترقت جسد زينب انطلقت من معسكر قريب، تستخدمه القوات الأميركية كميدان للتدريب والرمي.

بعبارة أخرى، زينب عصام مثلت ضحية أخرى من قائمة طويلة جدًا لضحايا الاحتلال الأميركي للعراق على امتداد ما يزيد على التسعة عشر عامًا.    

هذه الجريمة المروعة، سواء حصلت عن قصد أو من دون قصد، فإنها تؤشر الى جملة حقائق لا ينبغي بأي حال من الأحوال التغاضي عنها والقفز عليها. ومن بين تلك الحقائق:

ـ أن الوجود العسكري الأميركي في العراق، أيًا كانت اشكاله ومظاهره وأحجامه ومبرراته وحججه، يعد عامل قلق واضطراب، ناهيك عن كونه يمثل اخلالًا بالسيادة الوطنية.

ـ أن الكثير من الوقائع والشواهد على مدى عقد من الزمن، أثبتت أن الأميركي لا يهتم، ولو بالحد الأدنى، بأرواح الناس بقدر ما يهتم بتأمين حياته ومصالح بلاده. وعلى سبيل المثال لا الحصر، لم ولن تغيب مشاهد مجزرة ساحة النسور التي ارتكبتها شركة "بلاك ووتر" الامنية الاميركية في مثل هذه الايام من العام 2007، وكذلك جرائم التعذيب التي قامت بها القوات الاميركية ضد مئات المعتقلين في سجن ابو غريب عام 2004، وغيرها الكثير الكثير.

ـ لا يمكن لمشاكل وأزمات العراق السياسية والأمنية والاقتصادية أن تنتهي ما لم يتم اخراج آخر جندي اميركي من الأراضي العراقية، لا أن تبقى القواعد العسكرية في بغداد والموصل واربيل وصلاح الدين وكركوك والانبار مزدحمة بالآف الجنود الأميركيين بكل أسلحتهم وعدتهم، وما لم يتم جعل السفارة الأميركية في العراق بعثة دبلوماسية حقيقية، لا قاعدة عسكرية ووكرًا مخابراتيًا للتآمر والتجسس.

ـ إن غياب الموقف الوطني الموحد لمختلف القوى والتيارات السياسية والمجتمعية العراقية حيال الوجود الاميركي في البلاد، أتاح لواشنطن التمادي كثيرًا في تعاطيها السلبي، رغم أنها واجهت مقاومة شجاعة وشرسة في كل الأوقات، اذ لا يخفى أن هناك أطرافًا سياسية، ما زالت حتى الآن تدافع عن ـ وتؤيد ـ استمرار الوجود الاميركي خلافًا لتوجهات الرأي العام العراقي وقواه السياسية والدينية والمجتمعية المنادية بضرورة طي صفحة اميركا في العراق الى الأبد.

ومع أن الكثير من الأصوات ارتفعت، مطالبة بالكشف الكامل عن ملابسات مقتل زينب عصام، وبقيام الحكومة عبر أجهزتها المختصة والمعنية باتخاذ كل الاجراءات المناسبة لحفظ الدم العراقي، إلا أن مستوى ردود الافعال ازاء جريمة أبو غريب الأخيرة، لم تكن بالمستوى المطلوب، لا على الصعيد السياسي ولا الاعلامي ولا الشعبي ـ الجماهيري.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن عموم الاعلام العربي والاجنبي ـ الغربي، في أفضل الأحوال، مرّ مرور الكرام على مقتل زينب بنت الخمسة عشر ربيعًا، في منهج فاضح للغاية بإخضاع القضايا الانسانية للحسابات والاجندات السياسية، وإلا لماذا تنشغل منظومات الاعلام الغربي ومعها أغلب منظومات الاعلام العربي بحادثة وفاة الفتاة الايرانية مهسا اميني، والتي لم تتضح كل ظروف وملابسات وفاتها، بينما لم تحظَ وفاة العراقية زينب عصام التي كان واضحا منذ البداية ظروف وأسباب مصرعها، ومن يقف وراء ذلك، ولو بجزء صغير من الاهتمام الحقيقي؟

وهكذا بالنسبة للكثير من القضايا التي يتم تسليط الاضواء والتركيز عليها حينما تحدث ببلد معين لا تربطه علاقات طيبة مع الولايات المتحدة الاميركية والقوى الدولية والاقليمية الدائرة في فلكها، في حين يصار الى غض النظر عنها تماما حين تحصل في أي من الاخيرة، وما الجرائم الدموية المتواصلة للكيان الصهيوني ضد ابناء الشعب الفلسطيني الا مثال صارخ على ذلك.

لن تكون زينب عصام الضحية الأخيرة للعنهجية والاستخفاف الاميركي، وهي قطرة في بحر الجرائم والمجازر الاميركية ـ الغربية ـ الصهيونية في العراق وفلسطين وسوريا واليمن وغيرها من شعوب الارض.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك