حوار: حاتم السروي
الدكتور أحمد راسم النفيس انتمي في شبابه لجماعة الإخوان المسلمين ويعتز كثيرا بنسبه الذي ينتهي إلي السيد موسي الكاظم أحد أبناء السلالة الحسينية، وأحد أئمة الشيعة المعصومين، هذا الاعتزاز بالنسب وهذا الانتماء السابق للإخوان وهذه الثقافة الدينية المنزع خلق مناخا إسلاميا تراثيا عايشه وتدرج فيه من الإسلام السياسي كما هو عند الإخوان إلي التشيع كما هو عند المدرسة الإيرانية، لذلك لم يستغرب هو نفسه هذا الانتماء الشيعي في بلد لا يحفل أهله إلابالسعي إلي الرزق، والمغزي الأخلاقي للدين. وكان هذا هو سؤالنا الأول:
*مع انتهاء حكم الأسرة الفاطمية انتهي التشيع عمليا في مصر، هل تعتقد أن مذهبا كمذهب الشيعة يساير بلدنا التي لا تنقسم طائفيا، وتركز علي الجوهر الأخلاقي أكثر من التفصيلات العقائدية كما أن لديه معادلا للتشيع هو التصوف؟
- دعني أتكلم بصراحة مطلقة وأخبرك أن أهل السنة.. «وهم» فأنا لا أعرف تحديدا من هم أهل السنة ولا متي بدأ هذا المصطلح كما أن معناه ينجر إلي الشيعة أيضا باعتبارهم أهل سنة هم أيضا، أما إذا أردت أن تطلق هذه الكلمة كتسمية لهذه الجماعة البشرية الضخمة التي لا تدين بالتشيع فأنت وشأنك ولا أستغرب عن نفسي كوني اتجهت إلي التشيع فأنا لم أصل لقبلة ثانية! وللتوضيح فإني لم أتشيع باعتبار التشيع مفهوما سياسيا معارضا وإنما هو في اعتباري محض عقيدة صحت لدي، أما قولك إنه مع انتهاء العصر الفاطمي انتهي التشيع فهذا كلام غير صحيح، فالذي قضي علي التشيع بالعسف كان صلاح الدين، وقد فعل بذلك في رأيي جريمتين ألغي التشيع المذهبي الذي نباركه ونقتدي بأئمته، وألغي في ذات الوقت مفهوم «الثقافة»، لقد حول مصر من حاضرة خلاقة إلي دويلة تابعة للخليفة العباسي.
لقد كان الأطباء في مصر أيام الدولة الفاطمية يستخدمون الموجات فوق الصوتية لعلاج بعض الأمراض.
وأنا أتساءل هل من حقك كغير شيعي أن تدمر منجزات حاضرة الخلافة وتحولها إلي ركام ليحكمها المماليك المجاليب مدة 6 قرون مرة لوحدهم وأخري مع آل عثمان؟.
ويذكر المؤرخون أنه بعد انتهاء الدولة الفاطمية وقيام دولة الأيوبيين هاجر غالب المصريين! وتوزعوا بين البلاد فتجد منهم جماعة في اليمن وهم المكارمة الذين يدينون بالمذهب الإسماعيلي وتجد منهم في جنوب أسوان والسودان وتنزانيا والهند بل في رواندا وبروندي تجد أن ثمة من يرجع أصله إلي مصر، يا سيدي الجيش الفاطمي الذي دمره صلاح الدين كان أكبر جيش في العالم بعد جيش الإسكندر والعقاد يقول لم نعرف في مصر حضارة بعد فترة البطالمة ولا حضارة الفاطميين.. وللطاعنين في نسب الفاطميين نذكر هذه الواقعة فقد فصل صلاح الدين رجال الفاطميين عن نسائهم ومنعهم من التزاوج حتي انقطع نسلهم تماما.
وأنا ونظرائي في مصر تعبير خالص عن ولاد المصريين للسادة أهل البيت الماثل في جينات أبناء النيل، أننا كوردة النار،وعددنا غير قليل لكنه غير معروف إلي الآن.
*هل تعتقد أن التشيع تَكِأَة تستخدمها إيران لبسط سيطرتها علي الدول المجاورة؟
- ليس تكأة ولا خلافة، فعندما أقول إن السلفيين وأنصار السنة ممولون، لا أحتاج إلي تدليل، ولست مضطرا لأن أبين لك بالحجج أني غير ممول من إيران، بل دعني أن أسألك بأي دليل سألت مثل هذا السؤال؟، ما هي معطياتك، لإيران علاقة بحزب الله يجاهر بها الطرفان ولها علاقة سياسية بحماس، أعرف ذلك لكن هل سبق أن سمعت أن لها شبهة علاقة بالشيعة في مصر؟ إنه سؤّال يبين مقدار الهلع في نفوس الذين يكرهون التشيع وأنا أمامك «علي باب الله» وليس لدي جمعية ولا جماعة ولا أي شيء.
*هل تعتقد أو توافق علي أن ثمة مشروعا لتجزئة مصر والوطن العربي عبر انبعاث الطائفيات؟
- لا أعتقد ولا أوافق، والفوضي الخلاقة كما نسمعها الآن كثيرا بدأت مع الوهابيين، في القرن الثامن عشر كان ثمة دولة كبري تحكم المسلمين نكرهها ونمقتها لكننا لو كنا موجودين في أيامها لما شاركنا في تفتيتها هي الدولة العثمانية، والوهابيون من أوائل من حاربها، ليس من منظور إسلامي بل ضمن رؤية بريطانية استعمارية، فتركيا كانت عقبة كأداء أمام الدول الغرب الأوروبية.
فخرج الوهابيون ليشتتوا شمل المسلمين، ثم خرجت نغمة القوميات، وأنا بالمناسبة مع العروبة عندما تكون انتماء قوميا لكني ضدها عندما تصبح تعصبا للعرق لأنه ليس هناك ما يمكن أن نسميه عرقا عربيا خالصا، ولأن العرب إلي الآن لم يضيفوا شيئا في اعتقادي!!.
*وكيف نواجه الوهابيين في نظرك؟
- عن دوري أنا أؤلف الكتب العلمية في دحض معتقداتهم، لدي كتاب جديد أسميته «نقض الوهابيين» وفي اعتباري أن الوهابيين لا هم تحليليون ولا تسندهم سلطة ظواهر النصوص التي يلجأون إليها فهم لا عقل ولا نقل أنهم امتداد فاضح لمقولات ابن تيمية فكتاب التوحيد لـ محمد بن عبدالوهاب ماهو إلا اختصار باهت لكتاب «اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم» لـ «ابن تيمية» في هذا الكتاب يبني ابن تيمية تكفيره للشيعة علي كونهم كفروا «الشيخين» وأبغضوا كلا من طلحة والزبير وعائشة والشيعة لم يكفروا أحدا، ثم أتنقم علي الشيعة رفضهم لخلافة الشيخين ولا تنقم علي طلحة والزبير وعائشة رفضهم لخلافة علي بن أبي طالب؟ بأي منطق يتحدثون؟ وأعتقد عن نفسي أن الرد علي الوهابيين ليس معضلة لقد رددت علي يوسف البدري في إحدي مقالاتي بالقاهرة والوهابيون أكثر كلامهم يندرج تحت بند الإرهاب النفسي.
*التشيع هل هو معادل لما يمكن أن نسميه «الشعوبية الفارسية»؟
- لا يوجد مبرر واحد لأن يحقد الفرس علي العرب!! فما لدي العرب ليس أكثر من «شوية جاز» والفرس أيضا لديهم النفط، إن الشعوبية قصة اختلقها بعض الناس قديما، وأبرزها صدام، وأقول لك كما يقول القذافي: «لا مفر من إيران» وقد كنت ومازلت أتمني أن أفتخر بعروبتي لكن لا أعتقد أن ثمة مؤامرة ستفعل فينا ما لم نفعله بأنفسنا!.
- التشيع، الاعتزال، الحرورية والخوارج والأزارقة والمشبهة وحتي الأشاعرة، تسميات تاريخية، لماذا نُصر علي ابتعاثها الآن؟ وهل يجدي الحديث عن خلاف حاصل حول الخلافة منذ أكثر من 14 قرنا في زمن انتهت فيه الخلافة؟؟!.
- التشيع ليس تسمية تاريخية، إنه قائم بالفعل كما أننا نجد جذوره في القرآن الكريم، وهو يعني لغويا «الولاء»، وكلمة حبل الولاء التي يستغربها البعض ذكرت نصا في القرآن: «واعتصموا بحبل الله جميعا»، «الله ولي الذين آمنوا»، والتصاقنا بأهل البيت هو بفهم وقدوة وقيادة قادمة هي الإمام المهدي عليه السلام.
إن التشيع موجود منذ الصدر الأول، إذ يقول علي عليه السلام «قتلوا شيعتي وعمالي»، ومعاوية يقول «انظروا من كان من شيعة علي فامحوه من الديوان واهدموا بيته».
والخلاف بين علي ومعاوية خلاف قيم ولا يوجد أحد في العالم ليس له مَثل غيرنا، إن خلافنا مع الآخر خلاف علي «القدوة»، وليس خلافا صدئا هرما، وشعاري هو «اعرف الحق تلزم أهله»، وأهل الحق هم أهل البيت هم الشيعة الذين يرعبون اليهود الآن، فالشيعة مثالهم علي بن أبي طالب الذي نزع باب الحصن في خيبر، وهزم اليهود.
https://telegram.me/buratha