التقارير

بلد الوثائق المنهوبة.. مقاربة للتدارك..

1928 2021-11-26

د.نعمه العبادي ||   تمتاز البلدان التي تحكمها حكومات شمولية ذات طابع بوليسي بكثرة الوثائق والاثباتات التي تطلب من المواطنين، حيث يدون المواطن خلال حياته وعمله وحتى بعد مماته مئات الاستمارات والوثائق التي في الغالب تطلب معلومات مكررة، كما، ان الحصول على اي خدمة او سلعة او اي شيء يتصل بالدولة، يمر عبر بيروقراطية تصرف أطنان الورق، وتتعاقب عليه عشرات الاختام والتوقيعات، والعراق مثال مميز في هذا المضمار خصوصاً في الازمنة الغابرة، ومع كل هذا الكم من الاثباتات التي يدونها او تدون على كل مواطن بغض النظر عن مهنته ومكانته، فإن رصيدنا من ذاكرة الوثائق هو الادنى، بل كثيراً ما يكتشف الانسان الذي أمضى سنين طويل في مجال ما بأنه بلا تأريخ ولا أي اثبات يدلل على وجوده بما في ذلك سجلات النفوس والعقارات وغيرها من الاصول المهمة، فبعض نهبته الحروب، وآخر احرقته الاضطرابات، وقسم أخفاه الفساد، وقدر أتلفته الانظمة والسلطات عن عمد، وما بقي أجهزت عليه الاحتلالات، فتصور أنك: - تدرس عشرات السنين وتعبر مئات الامتحانات وكل ما يتصل بحياتك الدراسية، ثم يصدمك الواقع بأن جميع وثائقك الدراسية منهوبة او محروقة من مدرستك ومن التربية في محافظتك ومن الوزارة المعنية، ويكون الجواب، نعتذر عن تزويدك بأي وثيقة، فتكون انت ومن لم يدرس على حد سواء..! - أو انك قضيت خدمة عسكرية طويلة في حروب ومعارك، ونقلت الى عشرات الوحدات العسكرية، ومرت بك أيام عصيبة، ثم لا تجد ما يثبت ذلك او ان الاثباتات لا تعبر إلا عن ربع او عشر المدة التي قضيتها. -أو انك تعرضت للملاحقة والحبس والتعذيب ودارت عليك الاهوال ومرت بك ألف رزية ورزية، ولكنك تعجز عن اثبات ذلك بسبب ضياع الاوراق والوثائق، فليس لك اي سجل او ذاكرة لدى الدولة لتسعفك. - قضيت شبابك وهرمك في عمل وظيفي، وتدرجت خلاله، وخدمت بلدك في سنين طويلة ثم لا تجد ما يثبت ذلك، وتكون بلا تاريخ...! - لم تجد سجل ولادتك، ولا قيد احوالك، ولا صحيفة عائلتك، وكأنك لم تكن قد أتيت إلى الدنيا، ولست وجودا فيها.. - عملت وشقيت واشتريت ملكا او ورثته او وصلك بطريقة ما، ثم يصدمك الواقع بأنه لم يبقى اي دليل رسمي يثبت ملكيتك وان لست صاحب حق، ولا يمكنك الوصول الى حقك.. هذه مجرد نماذج وعناوين عامة، وادرك اننا لو عملنا تحري وتفتيش لسمعنا قصص وغصص في هذا المجال.. طبعا، هذا الفقد لا يعني غياب الوثائق وحسب، بل يعني: - انك تفقد جميع الفرص والامتيازات التي تستحقها ولكنها موقوفة على تلك الوثائق. - وانك لا بد ان تدخل في دوامة بحث لمخرج ما لقضيتك المعجزة لكي تستعيد او تثبت انك وجود.. - وانك لابد ان تحضر نفسك لمراجعات مضنية، وايام تعيسة، والمزيد من الابتزاز من قبل ضعاف النفوس لغرض الوصول الى حل.. وبناء على هذا الحال، ولأن الامر عام، ولا تخلو مدينة او قصبة او قطاع او مؤسسة من هذا التحدي، أرى وكأسبقية وطنية لأي حكومة مهما كان نوعها وتوجهها العمل على الآتي: ١- اطلاق مشروع استعادة وثائق الدولة، والذي يعني البحث على المستوى الوطني في اي موضع داخل البلد وخارجه عن اية وثائق رسمية لها صلة بالدولة ومؤسساتها او المواطنين بما في ذلك عرض مكافئات تشجيعية لمن يسلم ما بحوزته من وثائق واوراق ولو نسخ منها. ٢- فتح تحقيق شامل يبحث في خلفيات نهب وسرقة الكثير من الوثائق، ومطالبة اي جهة استولت على الوثائق او تصرفت بها بتحمل المسؤولية، واصدار احكام قضائية بهذا الشأن. ٣- اصدار قرارت تعالج الحالات العامة بطريقة تصبح حل وطني قابل للتطبيق على كل حالة مماثلة مثل موضوع فقدان الوثائق الدراسية وامثالها من الحالات المشابهة. ٤- اعادة النظر في متطلبات بعض الامتيازات والحقوق على اساس ظروف فقدان الوثائق.  ٥- توجيه كل الدوائر بأعادة التأكيد والفحص والتحري من تركتها من الارشيف للقطع بخلوها من الوثائق المبحوث عنها، إذ ان هناك ارشيف وسجلات في دوائر لم يتم بحثه والتحري عنه بشكل دقيق. ٦- الطلب الى كل مؤسسات الدولة لتوثيق كل شيء مهم ويتعلق بحياة الناس ومصيرهم بأكثير من وسيلة وفي اكثر من موضوع، واستحداث آليات لحفظ الاصول المهمة، واختيار مواضع آمنة للايداع. ٧- السماح وتشجيع الجميع على الاحتفاظ بنسخ متعلقاتهم الشخصية مثل وثيقة دراسية لكل عام او اثباتات وظيفية وغيرهن، لاننا لا نضمن عدم تكرار ذلك في لحظة.. ختاما: ادعو البرلمان المرتقب ان يفتتح اعماله بقرارات جادة في معالجة هذا الملف الحساس، وستكون افتتاحية موفقة ترفع من وصيد مقبوليته لدى الجمهور، وتفتح الباب واسعا لخطوات جادة في مشروع بناء الدولة.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك