التقارير

رسائل المرجع في لقاء البابا

2425 2021-03-09

 

عادل الجبوري ||

 

   ثلاثة ايام من الفعاليات الرسمية والجماهيرية المتواصلة لزعيم الفاتيكان البابا فرانسيس خلال زيارته التأريخية للعراق، التي شملت العاصمة بغداد والنجف الاشرف وذي قار واربيل ونينوى، حيث شهدت الكثير من الكلمات والاحاديث والخطب والتصريحات، وحظيت بأهتمام سياسي وديني واعلامي واسع جدا لا على الصعيد المحلي او الاقليمي فحسب، وانما على الصعيد العالمي. وقد بدا ذلك واضحا من حجم ردود الافعال والمواقف المرحبة بهذه الزيارة التأريخية التي جاءت في خضم ظروف واوضاع معقدة وشائكة وحساسة وحرجة يعيشها العالم من اقصاه الى اقصاه، الى جانب التغطيات الاعلامية المستمرة لها بصورة استثنائية غير مسبوقة.

   ولكن ما بدا وظهر واضحا الى حد كبير، هو ان لقاء بابا الفاتيكان بالمرجع الديني الكبير اية الله العظمى الامام السيد علي السيستاني، الذي دام مدة خمسة واربعين دقيقة، كان الحدث الاهم والابرز من كل برامج الزيارة، ولايحتاج تأكيد هذا الاستنتاج الى الكثير من البحث والتقصي والتدقيق والشرح والتفسير، فما تناولته مختلف وكالات الانباء العالمية والقنوات الفضائية الواسعة الانتشار، وغيرها من وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والالكترونية عن لقاء البابا فرانسيس والامام السيستاني، عبر في جانب منه عن ابعاد ودلالات اجتماع زعامتين روحيتين عالميتين في مدينة النجف الاشرف، التي تمثل مركزا دينيا عالميا متميزا، حيث المرجعية الدينية والحوزة العلمية ومرقد امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، وفي جانب اخر منه عكس طبيعة ومضمون وماهية الرسائل التي انطلقت من ذلك اللقاء التأريخي، وهي رسائل عميقة للغاية، اشرت الى اشكاليات الواقع القائم، والاخطاء والانحرافات الفاضحة والمؤلمة فيه، والتي تجلت وتبلورت عبر مظاهر الظلم والطغيان والاستبداد والفقر والحرمان والاضطهاد ضد العديد من الامم والشعوب المسلمة.

   فقد تطرق المرجع السيستاني الى ما يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الاساسية وغياب العدالة الاجتماعية، لاسيما بعض شعوب المنطقة التي ترزح تحت نير الحروب والعنف والارهاب والحصار الاقتصادي وعمليات التهجير، ومن بينها الشعب الفلسطيني. وهذه اشارة واضحة من المرجع السيستاني برفض الاحتلال الصهيوني لفلسطين ورفض مشاريع التطبيع معه، ودعوة زعيم الفاتيكان الى تبني مواقف قوية وحازمة بهذا الخصوص، من خلال تأكيده على الدور الذي ينبغي ان تضطلع به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة لوضع حد لهذه المآسي والويلات، فضلا عن التأكيد والتشديد على قيام القوى الدولية الكبرى بتغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب والعدوان، وعدم التوسع في رعاية مصالحها الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة.

   ولاشك ان اية الله العظمى السيد السيستاني، شخص مكامن الخلل والضعف في منظومة العلاقات الدولية، وحقيقة الاسباب والعوامل والاطراف التي تقف وراء مختلف المشاكل والازمات التي تأن تحت وطأتها الكثير من الدول والشعوب، وهي غير مقتصرة على المسيحيين-كأقليات في الدول ذات الاغلبية المسلمة، وانما في جانب كبير منها تطال المسلمين في مجتمعاتهم الكبيرة، وكمكونات وجاليات في الدول غير المسلمة، ولعل الشواهد على ذلك كثيرة جدا، من الماضي البعيد والماضي القريب، وكذلك من الواقع الراهن، فماسي المسلمين في البوسنة والهرسك وكوسوفو مازالت حاضرة في الاذهان، وماسي المسلمين في ميانمار  لم تجف دمائها بعد، وغيرها ربما الكثير، ناهيك عن انتهاك الحريات الفردية والاساءة الى مقدسات المسلمين من قبل العديد من الاوساط السياسية والمحافل الفكرية ووسائل الاعلام في العالم الغربي، التي تتطلب مواقف رفض وادانة واضحة من قبل الزعامات الدينية المسيحية، كما تتعاطى الزعامات الدينية المسلمة ايجابيا مع الانتهاكات التي يتعرض لها المسيحيون وابناء الديانات الاخرى، وهو ما اشير اليه في بيان الفاتيكان حول لقاء البابا بالمرجع السيستاني، بالقول "ان اللقاء مثل فرصة للبابا لتقديم الشكر إلى آية الله العظمى السيستاني لأنه رفع صوته مع الطائفة الشيعية في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعا عن الأضعف والأكثر اضطهادا، مؤكدين قدسية الحياة البشرية وأهمية وحدة الشعب العراقي".

   وفي واقع الامر لايحتاج تطبيق قيم التسامح والتعايش، وتكريس مباديء الحق والعدل، ومواجهة الظلم والاستبداد الى الاستغراق بعقد المؤتمرات، وابرام الاتفاقيات والمعاهدات، وتوقيع الوثائق والمواثيق، بقدر ما تتطلب نوايا حسنة وارادات جادة ومواقف شجاعة، تشخص الخلل والخطأ، وتقف بوجه الظالم وتنصف المظلوم، ايا كان الدين والمعتقد والمذهب والعرق والقومية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك