التقارير

من يصنع التغيير في الانتخابات القادمة؟!


 

إبراهيم العبادي ||

 

لاشيء يهدد النظام السياسي في العراق اكثر من جموده وتصلبه وفشله في تغيير نفسه من الداخل .! فليس اخطر على النظم السياسية من فقدانها لشرعية التمثيل بسبب  خسارتها لثقة الجمهور الواسع . فمنذ سنوات والرغبة عارمة في العراق لاصلاح النظام السياسي وتحسين ادائه ،  بعدما جمد عقل القوى المشاركة فيه ،  عن اجتراح حلول كبيرة لازماته المتفاقمة ، بما دفع  الجمهور المحبط الى الخروج بتظاهرات مطلبية  واحتجاجية كبيرة ،كانت بمثابة استفتاء كبير على شرعية  النظام ووصوله  الى نهايات مسدودة .

كان الخوف على اشده من انفجار عنف كبير تختلط فيه الامور ،  ويصبح عسيرا تفكيك عناصر الالتباس فيه  ،فثمة قوى عديدة تتربص بالنظام وتفكر بأسقاطه ،وهي قوى معادية لأصل التغيير الذي حصل في عام 2003، لكن قوى جديدة التحقت بالراغبين في سقوط النظام ،وهي قوى مستفيدة من  التغيير ابتداءً ،لكنها وصلت الى قناعة بان النظام يعاني شللا وعجزا عن ادارة الملفات الكبيرة والصعبة ، وان المستفيدين من بقاء نظام اللادولة ، يعملون على بناء دول عميقة وموازية بمعاذير وشعارات متعددة ، وصولا الى ابتلاع الدولة وقضم مؤسساتها وقرارها !!!!!! .

ولأن الاصلاح المنشود لم يتحقق ،  فلا يبقى غير البحث في الخيارات الاخيرة وهي خيارات عنيفة وانقلابية تستهدف تغيير النظام السياسي ،غير انها ظلت مجرد افكار وتمنيات واطروحات نظرية  .

مايحول بين هذه الافكار (المتطرفة) وبين تحققها ،ليس في انعدام الجرأة لدى متبنيها وفقدانهم عناصر المبادرة فحسب ،بل لان بديل التغيير العنيف ،  هو الفوضى وانقسام البلاد وربما الحرب الاهلية ،بسبب هشاشة بنى الدولة والمجتمع ،  ولان التفكير الجمعي  لم يغادر منطق المكونات والهويات الفرعية ،  ولم يدخل مرحلة الوعي بمصالح الجماعة -الامة .

رغم ازدحام شعارات  الاصلاح ومطالبات  التغيير التي تتحدث بها شخصيات وزعامات عراقية عديدة ،  مستفيدة من مطالبات الشارع ومسايرة له  ،بيد ان  مشروعا واضحا يشخص مشكلات الدولة والمجتمع ، ويرسم خارطة طريق واضحة للسير بأتجاه الحل ، لم يدخل في البازار السياسي العراقي ، وهذا أمر يبعث على التسأول عن اسباب هذا الضمور وانعدام المبادرة  والابتكار وقلة الحيلة !!!! .

تحدثت في مقالات سابقة عن (نظريات)طُرحت لادارة الدولة ،  يظن اصحابها انها كفيلة بالانطلاق نحو الحل الضروري لازمة الدولة والمجتمع ،لكن هذه النظريات لم تجد من يتبناها من القوى السياسية التي تطمح للحصول على تفويض الامة في الانتخابات القادمة ، ومازلنا نسمع عن ولادة احزاب وتجمعات سياسية جديدة استعدادا للمشاركة في الانتخابات ،  مظافا الى الاحزاب والقوى التي شاركت وتشارك في السلطة ، هذه الاحزاب الجديدة تراهن على (فكرة )التغيير أو (التجديد) في الوجوه  ،غير ان الاهم من الوجوه الجديدة ،هو الافكار والمشروع الجديد ، فمجيء عشرة أو عشرين نائبا من حملة فكر التغيير لن يكون ذا جدوى عملية ،ولن يكون رقما مؤثرا في سياقات  التغيير ،فضلا عن ان المنافسة الشرسة والاستقتال على البقاء قيد الحضور البرلماني ،  سيكون احد الموانع لوصول قوى تغيير حقيقية بغياب حماس ومشاركة شعبية واسعة ،وهذه الاخيرة تتوقف على الثقة بأجراء انتخابات نزيهة ومراقبة جيدا ووجود برامج جادة  وشخصيات قادرة على اختراق المواقع المحجوزة للاحزاب ، هذا ماتذهب اليه استطلاعات الرأي المبكرة ، وعليه لابد من تصميم (استراتيجية )انتخابية يتوافق فيها شعار التجديد والتغيير والاصلاح من شمال العراق الى جنوبه ،فالجيل الذي سينتخب يحتاج الى خطاب جديد يقنعه بالمشاركة ،  ويحفز لديه ارادة صنع المستقبل ، وكسر قيود الهيمنة الايديولوجية ، ثمة امل بالتغيير اذا تحالف المعتدلون الجدد مثلا في قبال تحالف المتشددين  ، او تحالف قوى الدولة في مواجهة قوى اللادولة ،او تحالف قوى التغيير ضد جبهة الرافضين للتغيير .بغير ذلك لن نشهد مشاركة واسعة وحماسا للانتخابات ، وهما شرط التغلب على الاصوات الحزبية التقليدية التي تعرف كيف تجيش محازبيها للمحافظة على مواقعها .

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك