التقارير

رمضان في العراق.. طقوس وتقاليد غيّبها وباء كورونا  

1355 2020-05-21

عادل الجبوري ||

 

  اختلفت صورة شهر رمضان الكريم في العراق خلال هذا العام عن الاعوام السابقة بسبب وباء فايروس كورونا الذي ألقى بظلاله الثقيلة المرعبة على كل مناحي الحياة، اذ ان مجمل العادات والطقوس والشعائر الدينية والاجتماعية والتراثية اختفت بشكل شبه كامل ان لم يكن بالكامل، وحلت محلها اجواء ومناخات وضوابط وقيود غير مسبوقة ولا معتادة من قبل.

 

·        مراقد ومساجد فارغة 

 

   ولعل واحداً من ابرز مظاهر شهر رمضان في العراق، اكتظاظ المراقد الدينية المقدسة للائمة (ع) والصحابة الاطهار في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية وسامراء ومدن اخرى بحشود الزائرين، لا سيما خلال الفترة الممتدة من عصر كل يوم وحتى صباح اليوم التالي، اذ ان مختلف المراقد كانت تحتضن الكثير من البرامج الرمضانية من قبيل جلسات تلاوة القرآن الكريم، والادعية والزيارات، مثل دعاء الافتتاح ودعاء السحر وزيارة الامام الحسين عليه السلام، والمحاضرات الدينية والثقافية والمجالس الحسينية، وصلوات التراويح، فضلا عن احياء ليالي القدر المباركة وذكرى استشهاد امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام.

   الأمر نفسه يصدق على المساجد والحسينيات، التي كان الكثير منها يقوم اضافة الى تنظيم البرامج الرمضانية بتقديم وجبات الافطار للصائمين، ومساعدة العوائل الفقيرة بتزويدها بالسلات الغذائية الاساسية.

   ولان أحد الاجراءات التي اتخذتها الجهات الحكومية المعنية، لمواجهة وباء كورونا هو اغلاق المساجد والحسينيات وكذلك المراقد الدينية، وفرض حظر التجوال داخل المدن وبينها، فإن تلك الشعائر والطقوس توقفت ولم يعد لها وجود في شهر رمضان الحالي.

 

·        طقوس اجتماعية شبه غائبة

 

  ولم تقتصر تبعات واثار وباء كورونا على الطقوس والمظاهر الدينية، بل انها امتدت الى الطقوس والعادات والمظاهر الاجتماعية، فبينما كانت المطاعم والاسواق والمولات والمتنزهات والحدائق العامة تعج بالعوائل، لا سيما في اوقات المساء، فلأن ذلك لم يعد ممكنا في ظل شمول العديد من الاماكن العامة بقيود واجراءات الحظر، من قبيل المطاعم والمولات والاسواق الكبيرة والمتنزهات، ناهيك عن تحديد أوقات حظر التجوال من الساعة الخامسة عصرا وحتى الخامسة صباحا.

  مضافا الى ذلك فإن تبادل الزيارات واقامة الولائم الرمضانية من قبل الاقارب والاصدقاء والجيران، انحسر الى حد كبير، إما بسبب صعوبة وعدم امكانية التنقل بين المدن والمناطق، او نتيجة التزام اعداد كبيرة من الناس بضوابط وتعليمات التباعد الاجتماعي وتجنب الاختلاط واقامة التجمعات، وحتى حركة الاسواق -وان لم تتوقف تماما- الا انها  تراجعت بصورة واضحة وملموسة، حيث ان التبضع بات يقتصر في جانب كبير منه على الحاجات الاساسية، في ظل تعطل وتوقف نشاط وحركة مختلف مفاصل القطاع الخاص، وفقدان الكثير من الاشخاص فرص عملهم، وهو ما اثر بالتالي على مجمل أوضاع الأسواق التجارية، في ذات الوقت، غابت الامسيات الرمضانية التي كانت تقام في معظم المناطق الشعبية، وتتخللها مسابقات لالعاب شعبية تراثية، من قبيل المحيبس، وكذلك بعض النشاطات والفعاليات الرياضية المتعارف عليها.                 

ليس هذا فحسب، بل ان اللقاءات السياسية التي كان يحفل بها شهر رمضان في السابق، غابت وانحسرت هي الاخرى، ولم تعد تعقد في شهر رمضان الحالي الا في حالة الضرورات القصوى، كعقد جلسة البرلمان لمنح الثقة للحكومة الجديدة، او اجتماعات مجلس الوزراء واجتماعات خلية الازمة الحكومية لمواجهة فايروس كورونا.         

 

·        بدائل واقعية

 

   في مقابل ذلك، فإن اجراءات حظر التجول والحجر المنزلي – الطوعي أو الاجباري - ساهمت في اتساع نطاق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، سواء في انجاز بعض الاعمال التي يمكن انجازها الكترونيا وعن بعد، أو للتعويض عن فقدان امكانية التواصل والتزاور والتنقل ضمن العالم الحقيقي عبر اللجوء الى العالم الافتراضي، وبالتالي سد اوقات الفراغ الطويل، حتى ان هناك دراسات وتقارير احصائية تشير الى تزايد اعداد المستخدمين لشبكة الانترنت في العراق منذ تفشي وباء كورونا وبقدر أكبر خلال شهر رمضان، مع تزايد ساعات وأوقات الاستخدام، خصوصًا وأن القنوات الفضائية التلفزيونية، راحت تخصص المزيد من أوقات بثها للبرامج التفاعلية، مثل المسابقات الرمضانية، وتلاوة القرآن الكريم وزيارة الأئمة الأطهار عن بعد وغيرها، ناهيك عن التركيز على عرض الاعمال الدرامية التلفزيونية، التي أثار البعض منها الكثير من الجدل والسجال في أوساط الرأي العام والمحافل الثقافية بسبب خوضها في موضوعات سياسية واجتماعية تنطوي على محاذير أو قضايا حساسة.

   ومع رغبة وتطلع أعداد من المواطنين الى تخفيف اجراءات حظر التجوال مع قرب حلول عيد الفطر، فإن ارتفاع حالات الاصابة بالوباء في الآونة الأخيرة، خصوصا في العاصمة بغداد ومحافظة البصرة، دفع الجهات الحكومية الى التلويح بامكانية اعادة فرض حظر التجوال الشامل، فضلا عن ذلك، فإن خلية الازمة الحكومية المعنية بفايروس كورونا استبقت الامور واعلنت منذ الاسبوع الماضي ان ايام عيد الفطر ستشهد حظرا شاملا للتجوال، وهو ما يعني ان تقاليد وعادات وطقوس العيد ستغيب هي الاخرى بصورة شبه كاملة كما غابت تقاليد وعادات وطقوس شهر رمضان.

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك