التقارير

الهجوم التركي على أدلب لنصرة الإرهاب وموقف العرب  


د . جواد الهنداوي *

 

         لم يعْ العرب بعد ، للاسف الشديد ، بأنهم مُستهدفدون جميعاً ، دولاً و ثروات و قيم ، من قبل الصهيونية متمثلة بأمريكا و باسرائيل و أدواتهما وهذا الاستهداف لم يُعدْ سّراً و لا صعبْ الإدراك و إنما علناً و وجهاً لوجه .

       لم تصبرْ تركيا على هزيمة جبهة النصرة الإرهابية و الجماعات المسلحة الاخرى في شمال سوريا و أدلب ، تدخل الآن في محيط أدلب عسكرياً بمساندة الإرهابين بالدبابات و بالمدفعية ، تدخل بمباركة أمريكية و غربية ، و مع ذلك يتلوا علينا السيد بومبيو ، وزير خارجية امريكا و غيره بيانات و تصريحات عن " أمن و استقرار المنطقة " ، وعن دور " ايران الخبيث " ، وهو في زيارة الى المملكة العربية السعودية ، وفي الوقت الذي تواصل فيه تركيا انتهاكها لسيادة سوريا و دعمها جبهة النصرة ، وصلَ عدد الجنود الأتراك في محيط أدلب الى ١٥٠٠٠ جندي ، كذب وخداع السيد بومبيو في تصريحاته تتناغمان مع كذب وخداع ونفاق الرئيس اوردغان عندما يقول " نخوض نضالاً ملحمياً في سوريا وهو امر بالغ الأهمية ليس فقط لامن حدودنا فحسب ، بل أيضاً لأجل ان ينام ٨٣ مليون مواطن بسلام في منازلهم " ( القدس العربي ، يوم ٢٠٢٠/٢/٢٠ ) . يبدوا ان امريكا وجدت في شخصية اوردغان المُغامر صدام حسين ثاني ؛  و صاحب غزوات ميدانية و عسكرية على العرب (العراق ،سوريا ،ليبيا ) ، وصاحب غزوات سياسية ضّد مصر والإمارات و السعودية . فاق اوردغان صدام بدعمه المُعلن للإرهاب.

     اقدمتْ تركيا على عدوانها بعد فشل لقاءاتها مع روسيا ، ورفض الرئيس بوتين لقاء الرئيس اوردغان ، و ربما حتى رفضه للتحدث معه هاتفياً . تغتنم امريكا فرصة تدهور العلاقة التركية الروسية و تهّور الرئيس التركي للانغماس اكثر في الاعتداء على الجيش العربي السوري . توظّف امريكا تركيا والإرهاب لاضعاف القدرات العسكرية السورية ،  بموازاة سعي اسرائيل لاضعاف الدعم العسكري الإيراني لسوريا . تدرك روسيا تماماً هذه المعادلة ، وهي ( اي روسيا ) إنْ تهاونت مع القصف الاسرائيلي لمواقع ايرانية في سوريا ،كما تعلن اسرائيل ، لن تتهاون من منع سوريا لبسط سيادتها على أدلب و اخراج الارهابيين من أراضيها . نفاق الغرب و امريكا وصلَ ذروته في اجتماعات مجلس الامن لانتزاع قرار بمنع سوريا من محاربة الإرهاب وتحرير أراضيها و بسط سيادتها ، لم يتحدثوا عن دور جبهة النصرة في سوريا و المنطقة ، المصنفة كتنظيم ارهابي ، لم يتحدثوا عن الاعتداء والغزو التركي للأراضي السورية ، وعن القانون الدولي و عن الشرعية الدولية ، لا بلْ أعلنت مندوبة امريكا في الامم المتحدة عن دعمها الكامل لحليفها الناتوي ، تركيا ، في انتهاكاته و اعتداءاته على دولة أخرى .

    التمدد التركي في أراضي و مياه العرب لم يعُدْ حلم توسعي ، وانماّ واقع ملموس وبتأييد أمريكي ، ولغرض ذرف الرماد في العيون و دغدغة المشاعر و النزعة الطائفية لدى البعض ، تصّرح امريكا جهاراً وليل نهار عن " التوسّع الإيراني و دور ايران الخبيث " . مثلما دعمت امريكا اسرائيل بالاستيلاء على مقدسات العرب في القدس ، لا نستبعد أبداً ان تقوم امريكا بتجريد العرب من الولاية على مقدساتهم في المملكة العربية السعودية .

   يأسف وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الامارات العربية المتحدة لغياب الدور العربي في أدلب ، في تصريح له في ٢٠٢٠/٢/٢٠ ( القدس العربي بذات التاريخ ) ، ونقول ، وللأسف، توجد ادوار تتلاعب في الامن و الاستقرار و المصير العربي ، والدور العربي في سوريا كانَ مُسخراً لدعم الجماعات المسلحة وإسقاط النظام ، وكما اعلنَ ، اكثر من مرّة ، رئيس وزراء قطر الأسبق ، الشيخ حمد بن جاسم آل ثان . ما تشهده سوريا من تداعيات و اعتداءات تركية ، مِنْ اسبابه هو الدور العربي في سوريا .

*سفير سابق ، و رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات . بروكسل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك