التقارير

العراق بين حراك الخارج واشكاليات الداخل

2480 2019-01-18

عادل الجبوري   في غضون اربع وعشرين ساعة فقط لا اكثر، زار العراق ثلاث شخصيات سياسية دولية من العيار الثقيل، وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، وملك الاردن عبد الله الثاني، ووزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان. وخلال الفترة الزمنية القصيرة السابقة على مجيء كل من ظريف وعبد الله ولودريان، في يومي الثالث عشر والرابع عشر من شهر كانون الثاني-يناير الجاري، كان قد زار بغداد، رئيس الوزراء الاردني عمر الرزاز، ووزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، ووزير النفط الايراني بيجن زنكنة، وساسة ومسؤولين دوليين واقليميين كبار اخرين، وبعد ذلك زار العراق وزير الدفاع الاسترالي كريستوفر باين. ومن المؤمل ان تستقبل بغداد خلال الشهور الثلاثة المقبلة زعماء كبار، من بينهم الرئيس الايراني حسن روحاني، والرئيس الفرنسي ايمانوئيل ماكرون، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مثلما اكدت مصادر خاصة في رئاستي الوزراء والجمهورية. فضلا عن ذلك، فأن مسؤولين عراقيين رفيعي المستوى، لعل في مقدمتهم رئيس الجمهورية برهم صالح، جالوا، خلال الشهرين الماضيين على عواصم عربية واقليمية عديدة، واجروا مباحثات معمقة وتفصيلية مع نظرائهم، حول قضايا وملفات مختلفة تشغل اهتمام الجميع. ولاشك انه من غير الصحيح التعاطي مع ذلك الحراك السياسي-الدبلوماسي اللافت، بصورة عابرة، والمرور عليه مرورا سريعا، لانه من حيث الكم والنوع والمستوى والتوقيت والامتداد وطبيعة الموضوعات المطروحة على طاولات البحث والنقاش، يؤشر ابتداء الى ان هناك نظرة خاصة من قبل المجتمع الدولي والمحيط الاقليمي الى العراق في هذه المرحلة بالذات، وما ينتج عنها من ترتيبات، تساهم بدورها في رسم وبلورة وصياغة معالم وملامح المرحلة او المراحل المقبلة الاخرى. ولعل القراءة الواقعية والدقيقة لذلك الحراك الدبلوماسي المتميز بين بغداد والعواصم الاخرى في الشرق والغرب، ترتبط في جانب كبير منها بحقيقة ان العراق بات يمثل محورا وطرفا اساسيا في اي مسارات يراد رسمها، او اي خيارات يراد وضعها لمشاكل للمنطقة، سلبية كانت ام ايجابية، نظرا للتشابك والتداخل الكبيرين في مساحات مصالح الاطراف والقوى المختلفة. العراق غادر وتجاوز مرحلة الوقوع والغرق في مستنقع الحرب الداخلية، رغم ان ساحته السياسية لم تبلغ مستوى الاستقرار والهدوء المطلوب، ونجح في التغلب على تحدي الارهابي الداعشي، رغم انه لم يعد محصنا بالكامل من مخاطره، وهذين الامرين يحتمان مراجعة السياسات والاستراتيجيات الدولية والاقليمية المتخذة حياله، وبالتالي تصحيح مساراتها واتجاهاتها، ارتباطا بما تشهده المنطقة من اوضاع قلقة ومضطربة، نتيجة التقاطعات الحادة، والاستقطابات الخطيرة، وانحسار فرص التوصل الى تفاهمات بناءة وحقيقية بين الفرقاء والاعداء والخصوم. وطبيعي ان من جاءوا الى العراق، وزاروا بغداد والنجف واربيل، لديهم اجندات مختلفة، ومصالح متباينة-ان لم تكن متقاطعة-ومن غير المعقول ولا المنطقي ان ينجح كبار صناع القرار في العراق بتوحيد تلك الاجندات، وتقريب تلك المصالح، ناهيك عن ان ذلك لايعد من بين اولوياتهم الا ما يتعلق منها بمصالح بلدهم، واستقرار المنطقة، من قبيل تعزيز حضور العراق في المحافل السياسية الدولية بشتى اسمائها ومسمياتها، وتكريس وترسيخ سيادته الوطنية، والنأي به عن الاصطفافات والمحاور والاستقطابات التي يمكن ان تعيده الى المربع الاول، واخراجه من دوامة الصراع الاقليمي-الاقليمي، والصراع الاقليمي-الدولي، والعمل على احتواء وتطويق ازمات وحروب المنطقة، كالازمة السورية والازمة اليمنية. وكذلك يفترض بصناع القرار العراقي، السعي الى استثمار حالة الانفتاح الاقليمي والدولي للنهوض بالاقتصاد، وتحريك عجلة اعادة البناء والاعمار، لاسيما في المدن والمناطق المتضررة جراء الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي منذ صيف عام 2014 وحتى اواخر عام 2017. بيد ان ما ينبغي التأكيد عليه هو ان الانفتاح والتواصل مع الفضاء الدولي والمحيط الاقليمي، يتطلب وجود بيئة سياسية داخلية مناسبة، ومنهجيات وسياقات واحدة، محورها الحكومة العراقية الاتحادية، لا منهجيات وسياقات حزبية متعددة، يسودها التقاطع والافتراق والارتباك، ابتداء من ادق واصغر الامور الى اكبرها واوسعها، من قبيل تعدد بعض مراسيم الاستقبال البرتوكولية، ، وكأن في العراق دول!، واختلاف المواقف والاطروحات، وتناقض التصريحات، وضياع الاولويات. من يأتي الى العراق، اما يبحث عن سياسة واحدة ورؤية واضحة، تتيح له ان يتحرك ويتحدث ويتحاور ويناقش على ضوئها، لا ان يسمع في بغداد شيئا، وفي اربيل شيئا اخر. او انه يأتي الى العراق عارفا بكل تعقيدات المشهد واشكالياته ومتناقضاته، وبالتالي، فأنه يحاول استغلال تلك التعقيدات والاشكاليات والمتناقضات بما يخدم مصالحه. وفي كلتا الحالتين، فأن العراق-كدولة وشعب-لن يجني المكاسب والمنافع المرجوة، جراء ارتباك واقعه السياسي، فالداخل المتماسك البعيد عن الانقسام والتشضي والتناحر، يمكن ان يجعل الحراك الدبلوماسي مع الخارج ومن الخارج اكثر جدوى. وحتى الان فأن مستوى انسجام وتماسك الداخل مازال بعيدا ومتخلفا عن حراك الخارج، واذا لم تعالج هذه الاشكالية، فأن الجانب –او الشق-السلبي لحراك الخارج سيفرض نفسه ويطغي على الجانب الايجابي. وهذا امر طبيعي ومتوقع، لان النتائج لابد ان تكون محكومة ومرتبطة بالمقدمات، وهذا هو منطق الاشياء.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك