تقرير الزميل احمد الحلفي ـ خاص بوكالة انباء براثا
جاء في قانون حقوق الطفل الصادر من الجمعية العامة لعام 1959م في المبدأ الثاني(يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن يمنح، بالتشريع وغيره من الوسائل، الفرص والتسهيلات اللازمة لإتاحة نموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية والكرامة. وتكون مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين لهذه الغاية.( وجاء في المبدأ التاسع (يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جمع صور الإهمال والقسوة والاستغلال. ويحظر الاتجار به علي أية صورة.ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه السن الأدنى الملائم. ويحظر في جميع الأحوال حمله علي العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعة تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي).
هذه ما يخص بعض البنود الخاصة بالطفل في العالم والذي أقرته الجمعية العامة في هيئة الأمم المتحدة. ولكن كيف هو حال الطفل عندنا ؟، وهل تراعى هذه القوانين الدولية ؟ ام اننا نعيش في وضعا مختلف. احمد ومصطفى وجدتهما يبحثان عن قناني البيبسي الفارغة في القمامة سألتهم عن عملهم هذا فأجاب أحدهم: اننا نعمل منذ سنين بهذه المهنة والسبب هو إعالة العائلة، اما المدرسة فقد تركناها، احمد عند الثالث الابتدائي ومصطفى في الخامس الابتدائي.
احمد ومصطفى نموذج مصغر لما هو موجود على ارض الواقع فهما يعانيان من الأهمال والضياع، وبما ان العملية مشتركة ولا تختص بجناب معين أو جهة محددة استطلعنا بعض الأراء لمعرفة أسباب هذه المشكلة ومحاولة الوصول إلى معالجة لها أو الحد منها، كان حديثنا الأول مع اولياء الأمور :
الاستاذ ناظم كاظم (مدرس45 عاما) أول من تحدث لنا فقال : الطفولة عالم جميل مليء بالأحلام الوردية، وما لهذا العالم من تأثير كبير في الحياة وتكوين الشخصية منذ الصغر ومن خلال ارتباطه بوالديه وبيئته التي تحيط به ومن خلال كوننا مجتمع شرقي وإسلامي فقد اهتم ديننا الحنيف بالطفولة وخاصة من خلال تشريعات تحرم تشغيل الاطفال والاستفادة من عملهم وهذا ما يصب بصورة مباشرة بموضوع مسؤولية الاباء لتوفير الحياة الملائمة والظروف المناسبة لنشئ جيل خال من المشاكل الاجتماعية. وبسب الظروف الاقتصادية الصعبة وضعف التثقيف الديني والثقافي لدى الوالدين وانخفاض مستوى التعليم في المدارس. حيث يكون الوالدين قدوة سيئة لاطفالهم في بعض الاحيان نتيجة الجهل وقيامهم بدفع ابناهم للنزول إلى الشوارع اما للعمل أو التسول ومن هنا يبدأ الاهمال من قبل العائلة، وهنا يبدأ هذا العالم الجميل بالاصطدام بواقع مر وغريب على الطفولة وهو العالم المنفعيات ومحاوله الحصول على المال باي طريقة لارضاء الأباء أو أي شخص مسؤول عن تربيته وهنا تبدأ نقطة التحول نحو الضياع حيث يبدأ هذا الطفل بالاختلاط مع أناس اكبر منه سنا وما لهذا الاختلاط من عواقب وخيمة من تدمير هذا العالم(الطفل) حيث يقوم بعض هؤلاء بتجنيد الاطفال في أعمال مثل السرقة وما شابه ذلك.
وحول الحلول المقترحة لمعالجة هذه الحالة اضاف (ناظم كاظم): هنا يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني التي يجب ان تكون لها الدور الفعال في زيادة الوعي الثقافي لدى العائلة العراقية والاهتمام بالأطفال من خلال زيادة وعي المهات و توفير الاجواء المناسبة لهن حتى ينشن أطفالا نافعين في المجتمع وفاعلين، ولا ننسى دور الاب في توفير الحياة الملائمة للابناء من حيث المستوى المعاشي بالإضافة إلى الحنان الابوي وهذا ما يكون حلقة كاملة بين الاب والام والابناء لتعزيز دور كبير في بناء شخصية الطفل (التعلم في الصغر مثل النقش على الحجر) حديث الرسول(ص)، وكمكمل لدور الاسرة ومؤسسات المجتمع المدني في بناء شخصية الطفل الصحيحة وعدم تركه للاهمال والضياع ياتي دور المؤسسات التعليمية كدور رئيسي ومهم في حياة الطفل منذ نعومة اظفاره، وهذا الدور يجب تفعيله من خلال الاهتمام بالمؤسسات التعليمية المتمثلة برياض الاطفال و المدارس بكافة مستوياتها و الاهتمام بالمناهج الدراسية والمستلزمات الدراسية ونظافة الصفوف والاهتمام بالمستوى المهني للمعلم و يجب ان يكون على دراية عالية بأسلوب التدريس والتعامل مع الاطفال وخصوصا الصفوف الأولية ، وهنا تكون المسؤولية مشتركة في الحفاظ على أطفالنا وفلذات أكبادنا من الضياع واعدادهم الاعداد الصحيح بين الاسرة والمؤسسة التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني.
اما الرأى الاخر فكان للسيد ثائر عبد الوهاب (كاسب40 عاما) فقال: ان رعاية الطفل والاهتمام به ضروري ويجب علينا ان نرعاه ونقومه، وبما ان الطفل قد عانى ما عانى من الحرمان والفقر والاستغلال، فاني ارى ان عملية التغير أو ايجاد الحلول لهذه الظاهرة هي عملية مشتركة تبدأ من العائلة إلى الدولة التي يجب ان تأخذ على عاتقها دعم مؤسسات رعاية الطفولة والاهتمام بها وخاصة الأطفال الايتام ، والاهتمام بالتعليم الالزامي والذي يعتبر من اهم العوامل التي تحافظ على الطفل من الضياع، وكذلك الاهتمام بالرعاية الصحية .
الاستاذ حسين هندي (مشرف تربوي 38 عاما) قال: ان حقوق الطفل تشكل الشغل الشاغل للعالم اجمع ليس لكونه الطفل انسان بالدرجة الاولى له حقوق مثله مثل غيره من فئات المجتمع بل كونه يقع في فئة عمرية تحتاج وبشكل كبيرة للعناية والراعية وتوفير كافة الحقوق له ومنع كل اشكال العنف والاستغلال عليه.
وفي ما يخص الاهمال والضياع الذي يعانيه الطفل فاقول ان هذه الظاهرة (اطفال الشوارع) من الظواهر الجديدة على المستوى العالمي من عولمة الاقتصاد والتجارة والتي أفرزت نتائج سلبية على الاسرة والمجتمع وأصبح الأطفال هم المتضررون، وعلى مستوى محافظة ميسان يمكن تشخيص هذه الظاهرة في المناطق الشعبية والفقيرة ونجدها اكثر في احياء الحسن العسكري والامام الصادق وحي النداء وكذلك في المناطق الريفية النائية. ومن ابرز مظاهرها التسول والفقر والعمالة (استخدام الاطفال في العمل) وهذه بالنتيجة تؤدي بدورها الى الشذوذ والانحراف.
ومع الاسف فان هذه الشريحة لم تلقى الدعم المطلوب بعد سقوط النظام البائد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، فعلى مستوى المؤسسات الحكومية نجد بعض النشاطات المحدودة لدور رعاية الايتام وكذلك عدم وجود معاهد متخصصة لاحتضان هذه الشريحة مثل مراكز التدريب المهني ومراكز التشغيل، وانحسار دور المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني الداعمة للطفل لم يكن لها نشاط داعم وملموس، نعم هناك بعض المنظمات مثل (مرسي كور) والتي قدمت للطفولة الدعم الكبير ولكن الحاجات المتراكمة وكبر حجم الاهمال لهذه الشريحة لا يستطيع ان يفي بالغرض او يسد احتاجاتها.
وما هو دور المؤسسات التربوي في هذا الجانب؟ أجابنا الأستاذ حسين : الجانب التربوي يعاني من امور عديدة منها الامية ، عدم تغطيتنا لهذه الشريحة وهذا ناتج من نقص اعداد رياض الاطفال في المحافظة حيث توجد الان (17) روضة فقط، سبعة منها في مركز المحافظة والباقية في الاقضية والنواحي والحاجة الحقيقة الى اكثر من (50) روضة ، وكذلك عدم وجود دور الحضان حيث يوجد دار واحدة في ميسان، وعدم وجود الدعم الصحي الاسري في المناطق الريفية البعيدة وخصوصا في مناطق الاهوار، عدم وجود التوجية الثقافي الاسري وخصوصة في المناطق الفقيرة، عدم وجود برامج مخصصة للاطفال او منشورات ثقافية مدعومة.
وعن المعالجة والحلول الكفيلة بالقضاء او الحد من هذه الظاهرة، قال الاستاذ هندي : من ضمن المقترحات تشكيل فرق من الشؤون الاجتماعية لرعاية ودعم الايتام في المحافظة، رصد حالات تشغيل الاطفال واستغلالهم، تفعيل قانون التليم الالزامي، دعم الثقافي ونشر مبادىء حقوق الطفل وتعميمها على المؤسسات التربوية، التخطيط لبرنامج انمائي للطفل، انشاء مدينة للالعاب في المحافظة.
الباحث الاجتماعي ومدير دار الدولة للايتام الاستاذ مصطفى خالد قال: الاسباب عديدة لضياع الطفل واهماله منها: التفكك الاسري الموجود داخل العائلة ، حالات الطلاق الكثيرة، ، عدم مراقبة اولياء الامور لاطفالهم في ظل التطور الخطير واعني به الاجهزة التي دخلت الينا ما بعد السقوط من ستلايت او نقال وما شابه ذلك، انقطاع حلقة الوصل ما بين المدرسة والعائلة ففي الوقت الحالي نرى العملية التربوية هي عبارة عن عمل اكاديمية بحت وبهذا لغي الجانب التربوي، وعدم وجود الباحث الاجتماعي في المدارس والذي يعتبر الشخص الاقرب للطفل او المراهق، وهناك مسألة مهمة في الجانب التعليمي وهي عملية الثواب والعقاب التي يستخدمها المعلم وهذا من اختصاص ولي الامر وليس المعلم الذي يكون دوره تربوي ارشادي.
على ضوء هذه الاسباب نرى ان العملية مشتركة ما بين العائلة والمدرسة؟ الاستاذ مصطفى : هناك شراكة كبيرة فعلى سيل المثال يوجد في دار الدولة للايتام (24) مستفيد هؤلاء وفي ضل النظام الموجد داخل الدار اراهم يختلفون وبنسبة عالي عن الاطفال الذين نراهم في الشارع او المدرسة والسبب هو المتابعة والسؤال عنهم في مدارسهم ومتابعتنا لهم في الدار ومراجعة الدورس لهم والالتزام بالنظام المعمول به في الدار وبهذا حققنا نوع من التوازن ما بين العائلة والمتمثلة بالدار والمدرس.
وعن الحلول الناجعة اجابنا الاستاذ مصطفى قائلا: اننا نناشد مجلس المحافظة في انشاء مراكز اجتماعية او ثقافية او مؤسسات تأهيل او ورش عمل وبهذا نضمن الطفل ومتابعته إضافة الى الارباح التي نجنيها من عملهم هذا داخل الورش.
اما الاستاذ محمد كريم مطشر رئيس (الجمعية العراقية لدعم الطفولة ـ ميسان) قال: ان الطفولة قد عانت الكثير من الانتهاكات والاهمال على مدى ثلاثة عقود او اكثر ابان الجكم البائد حيث انه قد اهمال كل القطاعات التي من المفترض ان تكون مسؤولة عن الاطفال مثل التعليم والصحة والبيئة والامن وغيرها، وهذا مما ادى الى ابراز جيل فيه العديد من السلبيات ويعاني من الامراض النفسية والصحية.
واليوم وبعد سقوط النظام البائد برزت العديد من المشاكل التي تخص الاطفال منها ظاهرة التسول وترك المدارس وخاصة (البنات) والتدخين وغيرها من السلوكيات السيئة والخطرة على مستقبل الطفل وهذا كله يؤثر على مستقبل البلد والذي يجب ان تتضافر الجهود من اجل الوقوف على هذه المشاكل ومعالجتها بأسرع وقت قبل ان تتفاقم. وحول دور الجمعية والحلول التي قامت بها ، قال : قمنا بالعديد من الانشطة والدورات منها دورات الناشئة الاجتماعية والذي خص عشر مدارس في الاقضية والنواحي، وكذلك قمنا بزيارة (100) مدرسة في الأرياف ووجدنا ما يقارب (80%) من الطالبات يتركن الدراسة بعد سنتين أو ثلاث وذلك بسب الأعراف الاجتماعية أو الخوف وهذا مما يؤثر سلبا على قاد المجتمع، ولكن الضعف وعدم استمرار الدعم حال دون اكمال البرامج والانشطة.
ومن ضمن المقترحات اقول يا حبذا ان يرعى مجلس المحافظة مشروع اعادة الثقة أو بناء الثقة ما بين الهيئة التدريسية وأولياء الأمور واقصد به (مجلس الاباء) في المدارس، وايضا نتمنى بوجود مكتبة عامة تناسب المرحلة العمرية في كل المدارس لكي ننمي قدرات الطفل، وهناك امر اخير وهو ما نلاحظه في اغلب مدارسنا هو إهمال مادة التربية الفنية والرياضية وهذا مما يؤثر على نفسية الطالب.
اما الاخوة حسين ومحمد فقد رايتهم في مركز انترنيت يتعلمون دورس في الكمبيوتر، وعن هذه الدروس قالوا ان والدنا من شجعنا على هذه الدروس، والغرض هو التعلم والاستفادة من هذا الجهاز(الكمبيوتر) في المستقبل. وقال السيد حيدر راضي صاحب مركز الانترنيت حول هذه هذه الدورات والدروس وخاصة بالنسبة للاطفال : ارى الاقبال على دورات الكمبيوتر ومن قبل الاطفال هو اقبال جيد ونسبة التعلم والاستيعاب لما يأخذونه من دروس جيدة ولكن لضيق الوقت لا نأخذ دورات كثيرة.
وحول الاستفادة من هذه الدورات ولكن عبر مؤسسات الدولة، قال : هي غير نافعة لان المحاضر يعطي المنهج الموجود فقط ولا يكون متفرغ تماما لهذه الدروس.
وفي الختام نقول اننا نضم صوتنا إلى اصوات من طالب بتفعيل دور مؤسسات الدولة المعنية بالاطفال وذلك من خلال العديد من المقترحات والاراء المذكورة التي باستطاعة هذه المؤسسات تبنيها والاهتمام بها لرفع شان الطفل في عراقنا الجديد .
https://telegram.me/buratha