أحمد رضا المؤمنمُنذ التغيير الكبير الذي حصل في حياة العراقيين في نيسان عام 2003م بدأت الكثير من الظواهر الإجتماعية بالحدوث والبروز على السطح ومنها تزايد حالات الزواج المبكّر .والزواج المبكّر المقصود به هنا هو من ( 15 سنة إلى 25 ) ويبدو أن الأمر لا يخلو من خفايا حاولنا إستكشافها من عدة محاور أولها المحور الإقتصادي . فبعد تغيير العام 2003م إزدادت وتحسّنت مدخولات العديد من الفئات وخصوصاً مُنتسبي القوى الأمنية الذين يتجاوز راتب الكثير منهم ما قيمته 1500 دولار بالنسبة للضباط وهكذا الحال بالنسبة للأساتذة الجامعيين والأطباء .. وغيرهم المهم أن دخل الكثير من الفئات العراقية تحسنت بل طفرت إلى أعلى مُستوى لها منذ عقود .
أما المحور الثاني فهو محور الدعم والمساعدات الإنسانية لدعم المتزوجين ، يقول السيّد محمد علي الفياض الإداري في جمعية اليد البيضاء الخيرية " بعد سقوط النظام السابق تمكّنت مؤسسات المجتمع المدني الخيريّة من التحرك لإيجاد كل ما من شأنه دعم الشباب العراقي وأصبحت تتنافس فيما بينها من أجل تقديم الأكثر والأفضل وخصوصاً تلك المؤسسات الإسلامية والمدعومة من المراجع العظام ففي العام الماضي قامت مؤسسة شهيد المحراب مثلاً وبحضور الدكتور عادل عبد المهدي في النجف الأشرف بتقديم ما لا يقل عن 600 $ دولار أمريكي مع أثاث بيت متكامل مع التكفل بجميع مصاريف حفل الزواج الجماعي .
الباحث "صفاء مهدي السلطاني" يرى أن الشاب والشابة العراقيين تعرضا إلى تدمير وتحطيم في عهد الرئيس السابق صدام حسين ، حيث كان الشاب يقضي شبابه في جبهات الحروب العبثية والمشاكل السياسية والإقتصادية والسجون وبعد نهاية الحروب قضى بقية شبابه في العمل الشاق من أجل توفير لقمة العيش الشريفة الصعبة فترة عقد التسعينيات أيام الحصار الإقتصادي الأمريكي على الشعب العراقي .. لذلك فإنك ترى أن أكثر فئة مُتضررة من العراقيين من الذكور والإناث على السواء هم مواليد الستينيات لأنهم قضوا شبابهم بالحروب والإضطرابات ولم ينعموا بأجواء الحب والزواج والسلام العائلي وهو ما بدأ يتغير الآن تدريجياً "
رجل الدين السيد ياسر الحسيني يرى "أن ظاهرة الزواج المبكر منتشرة بين طبقتين في العراق هما المتدينين لأنهم ملتزمين بنصوص دينية تؤكّد عليهم ضرورة الإبكار في الزواج وخصوصاً الفتاة ، والفئة الثانية هي الطبقات العشائريّة التي ترى في الزواج المبكر ضرورة إجتماعية تعمل على إستقرار المتزوجين وتوجههم نحو بناء الأسرة وتأكيداً لقيم الرجولة . أي أن ظاهرة الزواج المبكّر لا تجدها كثيراً بين الأكاديميين الذين يفضلون العزوبية لحين التخرج أو الحصول على عمل مهم وحتى إذا ما فكروا بإقامة العلاقات فإنهم يقيمونها بشكل غير طبيعي ، فالكثير منهم يتزوج في سن 35 ـ 40 سنة" .
"باسم علي" 19 سنة مُتزوج من "مريم" 15 سنة منذ شهرين رغم أنه طالب في كُلية الآداب قسم التأريخ يقول " الزواج المبكّر هو أروع شيء بالحياة والوجود خاصة إذا كان ممن تحبها وسبق لك أن عشت معها قصة حب ، ومهما بلغت المصاعب الإقتصادية فإن الله سيُسهل عليك لأنك شباب وفي قمة قوتك .. المهم أن تكون مؤمناً بالله ومُحباً لزوجتك وأسرتك ، ولا أرى أي مشكلة أو تعارض مع الدراسة .. بالعكس تماماً فزوجتي هي التي تساعدني على الدراسة والتحضير للدوام وتعتني بي لأداء واجباتي .. فلماذا أؤخر الزواج حتى التخرج ؟!"وفي إحصائية أجرتها وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي بالتعاون مع اليونسيف ظهرت نتائج إستطلاع للرأي حول العمر المناسب والأمثل لزواج الأناث فكانت النتيجة هي :15 سنة فأقل 9.8 %16 ـ 17 سنة 12 %18 ـ 19 سنة 29.5 %20 ـ 21 سنة 34.0 %22 ـ 23 سنة 3.4 %24 ـ فأكثر 3.5 %لا أعرف 5.7 % غير مُبيّن 2.1 %
أما الزواج الأمثل للذكور فكانت النتيجة هي :15 سنة فأقل 8.7 %16 ـ 17 سنة 6 %18 ـ 19 سنة 20 %20 ـ 21 سنة 38.5 %22 ـ 23 سنة 6.6 %24 سنة فأكثر 10.4 %لا أعرف 6.1 % غير مُبين 3.7 %
الباحث ماجد الدحيدحاوي قال" إن لدى الشباب العراقي إستعداد كبير جداً للزواج المبكّر فيما لو وضعت حلولاً عاجلة ومعقولة لأزمة السكن ولأسباب كثيرة أهمها إن الشاب العراقي يتميز عن الشباب العرب بأنه شاب مُحافظ حتى لو لم يكُن متديناً ، فهو لا يُجيد العلاقات الغير طبيعيّة كثيراً لأنه ربيب بيئة دينية وعشائرية جعلت منه يبحث عن الزوجة ( الشريك ) بأسرع وقت فيما لو توفرت له الفرصة ، بينما الشباب الغربي والمناطق الأخرى قد لا يهمهم كثيراً التأخر في الزواج لأنهم يُمارسون علاقات شراكة غير طبيعية تلهيهم عن التفكير بالزواج وتحمل مسؤولية بناء الأسرة" .
https://telegram.me/buratha