برلين: كريغ ويتلوك
يعتقد مسؤولون في مجال الاستخبارات ومحللون في شؤون الإرهاب ان مقتل ابو مصعب الزرقاوي يمكن ان يعتبر نقطة تحول بالنسبة لشبكة «القاعدة» والحركات الاسلامية المسلحة في مختلف الدول. ظل الزرقاوي حتى مقتله بواسطة القوات الاميركية يوم الاربعاء الماضي مسؤولا عن تنظيم «القاعدة» في العراق، ونجح في اجتذاب مئات، إن لم يكن آلاف المقاتلين الأجانب تحت راية تنظيم «القاعدة». كما سبب الزرقاوي صداعا استراتيجيا لمؤسسي «القاعدة» بانتهاجه خطا مستقلا مخالفا في الكثير من الأحيان لأهداف هؤلاء المؤسسين. وعلى الرغم من مطالبة ايمن الظواهري، الرجل الثاني بعد اسامة بن لادن في «القاعدة»، له بتغيير تكتيكاته، فإن الزرقاوي أثار استياء جماعات متحالفة في التمرد العراقي بالإضافة الى الرأي العام العربي، بسبب قتل مئات المسلمين في هجمات انتحارية. إذ هاجمت جماعة الزرقاوي على نحو متكرر قادة وأضرحة الشيعة في محاولة منه لإشعال حرب اهلية في العراق بدلا عن محاربة القوات الاميركية وقوات دول التحالف. ويرى محللون في مجال شؤون الارهاب ان النتيجة كانت ان تنظيم «القاعدة» بقيادة الزرقاوي في العراق اصبح يعاني من العزلة والتهميش بصورة متزايدة خلال العام الماضي. إلا ان بول ولكنسون، رئيس مركز دراسات الارهاب والعنف السياسي التابع لجمعة سينت آندروز في اسكوتلندا، يرى ان عددا من رموز «القاعدة» لم يبد ارتياحا للتكتيكات التي كان يستخدمها الزرقاوي في العراق. ويرى ولكنسون انه كان واضحا لدى الزرقاوي ان القيادة الرئيسية لتنظيم «القاعدة» لا تستطيع السيطرة على الطريقة التي تعمل بها العناصر التي تنتمي الى الشبكة. وكان الزرقاوي قد اعطى دفعة لشبكة «القاعدة» من خلال إبراز وجودها في العراق بعد ان لقي بعض قادتها مصرعه واضطر البعض الآخر للفرار والاختفاء منذ هجمات 11 سبتمبر 2001.ويقول مسؤولو استخبارات اوروبيون وعرب ان ثمة مؤشرات على تراجع عدد المقاتلين العرب المتوجهين الى العراق بسبب مقتل الزرقاوي.وفي سياق الحديث عن خليفته المحتمل يعتقد بعض المحللين ان مهمة الشخص الذي سيخلفه لن تكون سهلة في توحيد المقاتلين الأجانب في العراق تحت قيادة واحدة. وأشار غودو شتاينبرغ الخبير في الاسلام الراديكالي في معهد الشؤون الدولية والأمنية في برلين ان جماعات اخرى من المقاتلين الاجانب التي كانت تحتفظ بعلاقات غير ملزمة مع الزرقاوي مثل جماعة انصار السنة، ربما تتباعد عن القاعدة في العراق بعد مقتله.وأوضح شتاينبرغ «انها خسارة كبيرة لشبكات الجهاديين. ولا اعتقد بوجود أي شخص في العراق يمكنه السيطرة على هذه الشبكة بالطريقة التي كان يسيطر بها الزرقاوي. كانت شبكة غير مركزية. وكان الزرقاوي هو الشخص الوحيدة الذي يمكنه تقديم المادة اللاصقة».وقد ظل الزرقاوي على علاقات غير عميقة مع القاعدة. وكان قد التقى بن لادن في اواخر التسعينات في افغانستان. الا انهما اصطدما شخصيا، طبقا لمسؤولي استخبارات عرب وعدد من الراديكاليين الاسلاميين السابقين. وقالت تلك المصادر ان الزرقاوي قبل اموالا لإقامة معسكره للتدريب في افغانستان، ولكنه قاده بطريقة مستقلة.وفي الوقت الذي كان فيه بن لادن يعد لمؤامرة 11 سبتمبر، كان تركيز الزرقاوي في اماكن اخرى، يتآمر لإسقاط الاسرة المالكة الاردنية ويهاجم اسرائيل. وبعد هجمات 11 سبتمبر، وخلال هرب قيادات القاعدة من القوات الاميركية، انتقل الزرقاوي ومقاتلوه الى ايران ثم الى المناطق الكردية في شمال العراق. وحافظ الزرقاوي على استقلاله في البداية. ولكن بعد الغزو الاميركي للعراق في عام 2003، بدأ يستخدم علاقاته مع قيادات القاعدة، طبقا لتقارير المحللين. وفي اكتوبر 2004 اعلن ولاءه رسميا للقاعدة وغير اسم جماعته من التوحيد والجهاد الى القاعدة في بلاد الرافدين.وقد استفاد الطرفان. فقد دعم الزرقاوي شرعيته بعد استخدام اسم القاعدة وجذب اهتمام وسائل الاعلام بالإضافة للاموال والمجندين. وفي المقابل تمكنت قيادات القاعدة من الادعاء انها في مقدمة المقاتلين لطرد القوات الاجنبية.غير ان العلاقة كانت هاشة، وأثار الزرقاوي غضب مؤسس القاعدة بخفض التركيز على الاهداف الاميركية وقتل والتسبب في اصابة الاف من الشيعة.وفي سبتمبر 2005 ذكر مسؤولو استخبارات اميركيون انهم صادروا رسالة طويلة من ايمن الظواهري نائب زعيم القاعدة، موجهة للزرقاوي تحذره علنا من ان الرأي العام الاسلامي يبتعد عنه.
https://telegram.me/buratha