تراجعت في الفترة الأخيرة حركة الاتصالات الدولية والإقليمية في السعي من أجل انعقاد مؤتمر «جنيف 2» ما يفتح الطريق أمام التسوية السياسية في سورية وينهي أعمال الإرهاب والإجرام التي تقوم بها المجموعات المسلحة في «جبهة النصرة» التكفيرية وما يسمى بـ«الجيش السوري الحر».
وبدا واضحاً أن الإدارة الأميركية في الدرجة الأولى ومعها عواصم الغرب في باريس ولندن تراجعوا إلى أبعد الحدود عن المساعي التي كانت تحصل بين هذه الدول مع القيادة الروسية في سبيل تذليل العقبات التي كانت تعترض انعقاد «جنيف» بل إن واشنطن بشكل خاص تراجعت في شكل شبه كامل عن كل ما كانت التزمت به في الاتصالات التي حصلت مع المسؤولين الروس لا بل إن الولايات المتحدة أطلقت العنان لأوسع عملية استنزاف في سورية من خلال تسليح العصابات المسلحة بالتنسيق مع حلفائها الغربيين والخليجيين وأيضاً فتح معسكرات لتدريب المسلحين من كل أنواع المرتزقة في سعي واضح لمحاولة تغيير الموازين العسكرية على الأرض.
لذلك فالسؤال الذي يُطرح هو: لماذا حصل هذا التغيير في الموقف الأميركي وما هي خلفياته وماذا يُراد منه؟
وفق المعلومات التي تجمّعت لدى مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع فإن هناك أكثر من هدف ومعطى أدى إلى هذا التغيير في الموقف الأميركي:
ـ إن هذا الانقلاب حصل بعد الإنجازات التي حققها الجيش السوري والتي كانت ستؤدي حكماً إلى فرض معطيات خلال مؤتمر «جنيف 2» تناقض المطلب الأميركي ـ الغربي ـ الخليجي الذي يسعى إلى فرض مرحلة انتقالية لا يكون فيها أي دور للرئيس بشار الأسد. بينما المعطى الميداني يضطر الغرب إلى الاعتراف الواضح بالدور المركزي للرئيس الأسد في المرحلة الانتقالية.
ـ لقد تمكن المتطرفون في الإدارة الأميركية من إقناع الرئيس الأميركي من تأجيل انعقاد مؤتمر «جنيف 2» إفساحاً في المجال من أجل تغيير موازين القوى العسكرية فاستطاع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس إحداث هذا التغيير في الموقف الأميركي لمصلحة المتطرفين والمتآمرين في السعودية.
وتكشف المعطيات الدبلوماسية أن هذا التغيير حصل بضغوط كبيرة من الإدارتين الفرنسية والبريطانية ومن تيار بندر بن سلطان ـ سعود الفيصل. وتالياً تمكن هؤلاء من عرقلة مساعي التسوية بحيث طلب تيار بندر ـ الفيصل مهلة حتى نهاية أيلول لكي يتم إحداث تغيير في التوازنات الميدانية خصوصاً أن حلف المتطرفين في واشنطن والغرب والسعودية لا يريد الذهاب إلى المفاوضات في ظل ضعف المعارضة لإدراكهم ألا إمكانية لفرض أي شرط من شروط التسوية.
ولذلك لجأ أصحاب هذا المخطط التآمري إلى تزويد العصابات المسلحة بكل تشكيلاتها الإرهابية الحليفة للغرب بكميات ضخمة من السلاح المتطور مع علم هؤلاء بأن الجزء الأكبر من هذا السلاح سيصل إلى «جبهة النصرة» وملحقاتها من مجموعات مسلحة تابعة لتنظيم «القاعدة».ما هي إذاً الخيارات المطروحة للأشهر القليلة المقبلة؟
في المعطيات التي تبلّغتها المصادر الدبلوماسية أنه وبالرغم من القرار الأميركي بإبقاء مؤسسات الدولة في سورية وعدم فكفكتها هناك قرار في الوقت الحاضر بعدم الذهاب إلى مؤتمر «جنيف» في ظل الضعف والخلافات التي تعصف بأطراف المعارضة خصوصاً المجموعات العسكرية وما يسمى بـ«الائتلاف الوطني المعارض».
وتضيف أن في مضمون الخيارات المطروحة للأشهر المقبلة من قبل هذا الحلف القيام بعملية استنزاف في الحد الأدنى والسعي لتحسين مواقع المسلحين على الأرض في الحد الأقصى وذلك لإدراك واشنطن وحلفائها ألا قدرة على إسقاط النظام في سورية. لذا فالهدف المركزي لهذا الحلف في الأشهر المقبلة هو استنزاف الدولة عسكرياً واقتصادياً على أمل أن تؤدي المعطيات الجديدة إلى فرض شروط هذا الحلف خصوصاً أن تحالف بندر بن سلطان وسعود الفيصل طلب مهلة الستة أشهر لتحسين التوازن العسكري لمصلحة العصابات المسلحة.
ومن هذا المنطلق توضح المصادر أن المعركة القائمة تستهدف إنهاك النظام لكي يقبل بالشروط التي لم يقبل بها في المراحل السابقة وبالأخص التفسير الأميركي ـ السعودي ـ الغربي لمضمون بيان مؤتمر «جنيف» الأول. لكن هذه المراهنة لن يكون نصيبها أفضل من المراهنات السابقة بعد الإنجازات التي حققها الجيش السوري واستعداد حلفاء سورية للمساعدة بكل الإمكانات وخصوصاً من جانب روسيا حيث تصدير السلاح للعصابات المسلحة يقابل أيضاً بإرسال أسلحة روسية إلى الجيش السوري.
2/5/13721
https://telegram.me/buratha