منذ بداية الأزمة السورية قبل حوالي سنتين ونحن نسمع معزوفة مشاركة مسلحين شيعة في الصراع الذي تقوده امريكا واسرائيل وتنفذه تركيا وقطر والسعودية لاسقاط النظام السوري وكانت تلك المعزوفة لها عدة اهداف منها تبرير استهداف الشيعة في العراق بالمفخخات والقتل العشوائي اضافة الى تبرير ضرب حزب الله في لبنان واشغاله بحرب طائفية تبعده عن هدفه الرئيس في محاربة الكيان الاسرائيلي كما يهدف الى تكريس اجواء العداء ضد الجمهورية الاسلامية
ولعل ما يجري اليوم في سوريا هو ترجمة عملية لتوصيات تقرير لجنة فينوغراد الذي وضعته عقب هزيمة اسرائيل في حربها مع حزب الله عام 2006 والتي نشرت وللمرة الاولى في تاريخ الكيان وبشكل علني وحددت اسباب فشل وهزيمة الكيان في حربه على حزب الله وبالتالي كان هذا التقرير بمثابة الأساس الذي إعتمده الكيان للانتقام من حزب الله دون اللجوء للقوة المباشرة التي اثبتت فشلها وعدم قدرتها فكانت صفحة المؤامرة الكبيرة على سوريا هي الخطوة الاولى تلحقها خطوات أخر تتمثل بتحريك الإرهابيين السلفيين في لبنان لمواجهة حزب الله عسكريا وجره الى حرب طائفية تبعده عن هدفه الاسمى في مواجهة الكيان الاسرائيلي .
ولعل منطقة السيدة زينب (عليها السلام ) في ريف دمشق والتي تعد من المناطق المقدسة عند الشيعة هي الخط الفاصل في الحرب الأهلية التي يخطط لها الصهاينة بين الشيعة والسنة لعلمهم انها تضم وجودات شيعية متنوعة من لبنان وايران والعراق وغيرها وبالتالي فان استفزازهم بتهديد المرقد الشريف سيجعلهم لا محالة يستقتلون للدفاع عنه وسيعملون على تشكيل مجاميع مسلحة بالتنسيق مع الحكومة السورية تتولى مهمة حماية المرقد وعندها سيكون اتهام حزب الله وايران وشيعة العراق بالقتال ضد السنة في سوريا دعما للنظام ذريعة للتحشيد الطائفي ضدهم وهذه احدى المفارقات التاريخية التي ينبغي ان يتوقف عندها الإنسان المنصف والتي بدأت تثار بشكل مكثف في وسائل الإعلام المحلية والعربية وحتى العالمية في موضوع القتال الدائر في سوريا حول محيط مرقد السيدة زينب ( سلام الله عليها ) في ريف دمشق بين مدافعين متطوعين شيعة وسنة وحتى مسيحيين وبين مهاجمين ينتمون الى الجماعات الارهابية التكفيرية من مختلف جنسيات العالم هدفهم تدمير هذا المكان وانهاء وجوده دون ان يحسبوا حسابا لقدسية هذا المكان عند جميع المسلمين وعند الشيعة بشكل خاص مع ادراكهم وادراك من يخطط لهم ويدفع بهم الى هذا العمل ان تهديم هذا المكان المقدس سيكون الشرارة التي ستشعل نيران الحرب الطائفية في المنطقة و التي خطط لها الصهاينة منذ سنوات طوال ووجدوا اليوم في الحركة الوهابية بجميع اشكالها خير منفذ . ووجه المفارقة في هذه القضية هو في الخلط الحاصل بين من يدفع الشر وبين من يقوم به لمجرد ان المدافعين هم من شيعة العراق ولبنان وسوريا ودول اخرى دون ان يتساءلوا عن السبب الذي يدفع التنظيمات المسلحة للهجوم على هذا المرقد المقدس مع العلم انهم من جنسيات مختلفة تستغرب اجتماعها في هذه البقعة والتي يفترض ان تثير التساؤل عمن يقف وراء ادخالهم الى سوريا بهذا الحجم في الوقت الذي لا ينبغي الاستغراب من وجود مدافعين شيعة قضوا سنوات طويلة من حياتهم في منطقة السيدة زينب( سلام الله عليها ) وصارت لهم وجودات اجتماعية وثقافية وحوزوية متجذرة مع تعلقهم الروحي بالسيدة زينب( سلام الله عليها ) وما تمثله من مكانة خاصة لم تصل اليها إمراة قط باستناء والدتها السيدة الزهراء(عليها السلام) بنت رسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
منطقة السيدة زينب ( ع )
يعد مقام السيدة زينب الكبرى( سلام الله عليها ) في غوطة دمشق من اهم المزارات الاسلامية في اقطار العالم يؤمه مئات الزوار يوميا فتنعم بهذا المقام بنفحات روحية تجعلهم يجددون إيمانهم وشكرهم لخالقهم العظيم ورغبتهم في الزهد بهذه الحياة وتعلقهم بالقيم الروحية والانسانية مصدر سعادتهم في الدنيا والآخرة.
كان موقع السيدة زينب( سلام الله عليها ) يعرف قديما باسم قرية راوية التي كانت مؤلفة من بضعة بيوت طينية بسيطة ومتواضعة جدا تزايدت اهميتها كثيرا منذ ان أقامت فيها السيدة زينب الكبرى(سلام الله عليها) حتى غدت تلك القرية الصغيرة المتواضعة مدينة حديثة مقدسة متجددة الاتساع العمراني المستمر والمتزايد على الدوام تحيط بها بساتين وحقول غوطة دمشق الشرقية المشهورة بجمال طبيعتها وتنوع اشجارها المختلفة والعديدة وتميزت هذه المدينة بجمال تنظيمها العمراني الذي يسوده مبنى مقام السيدة الفخم الجديد المتألق جمالا وقداسة والمشع غبطة وروحانية متميزة والذي اصبح بحق بمثابة لؤلؤة فن العمارة الاسلامية الحديثة الجذابة والمتميزة بتلبية رغبة البصر في رؤية الجمال مما أدى الى تزايد عدد سكان المدينة المقيمين فيها ونتج عنه تزايد الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعمارية والروحية والسياحية المختلفة اضف الى ذلك تزايد الزوار اليها باستمرار تبركا بمقام السيدة (عليها السلام) , وفي عهد النظام المقبور توجت الكثير من العوائل الشيعية العراقية الى سوريا وبالتحديد الى منطقة السيدة زينب( سلام الله عليها ) بسبب الطغيان والتسلط الذي مارسته سلطات البعث على الشعب العراقي فاصبح العراقيون من اكثر السكان القاطنين في منطقة العقيلة زينب (عليها السلام) , أما عن أسباب اختيار العراقيين المنطقة وقصدها دون غيرها من المناطق للجوء فيها لأن السوريين فيها سمحوا بذلك خلافا للدول الأخرى المجاورة التي فرضت عليهم قيودا في الحصول على تأشيرات- كما أن هناك علاقات اقتصادية وثقافية وعائلية بين العراقيين والسوريين وتسامح البلاد وكرمها تجاه العراقيين , ولهذا السبب وعلى مدى أقل من ثلاث سنوات قامت حركة نزوح جماعي هادئة ومستمرة جعلت من سورية الدولة المضيفة لأكبر عدد من العراقيين في المنطقة لأن سورية كانت البلد الوحيد في المنطقة الذي طبق نظام الحماية المؤقتة، الذي تم إطلاقه استباقا لحرب العراق شهر آذار 2003، وهو نظام يحول دون ترحيل العراقيين من البلدان المضيفة. وكان من أهم أسباب اختيارهم لسورية كمكان للإقامة، وفق الأولوية وجود المواقع المقدسة ، والأمن، وحسن الضيافة، ورخص المعيشة وتعليم الأطفال. ويعيش عدد كبير من اللاجئين الشيعة من العراق وأفغانستان وباكستان، وغيرها من البلدان في منطقة السيدة زينب(سلام الله عليها) في ريف دمشق , وقد تعرضت غالبية المحلات التجارية والمطاعم ومكاتب السفر والعملة في شارع العراقيين في منطقة السيدة زينب (سلام الله عليها) التي يملكها عراقيون الى السلب والنهب والتخريب من قبل جماعات تكفيرية.
ويذكر أن آلاف العوائل الشيعية في سوريا تعرضت للتهجير من قبل عصابات مسلحة، كما تعرض المئات منهم للقتل والذبح والتمثيل المريع بجثثهم، كما قام إرهابي في 21/جمادى الأولى/ 1433 باغتيال العلامة السيد ناصر بن السيد محمد العلوي, من أساتذة الحوزة العلمية الزينبية وإمام الجمعة والجماعة في الحسينية الزينبية. وبعد شهر واحد فقط قامت مجموعة إرهابية باغتيال إمام مسجد السيدة رقية (سلام الله عليها) الشهيد الشيخ عباس اللحام، وذلك بعد خروجه من المقام الشريف.
ريف دمشق منطقة حضارية ذات طابع ديني يؤمها الزوار والسياح من كل حدب وصوب لزيارة مقام ومرقد السيدة زينب (عليها السلام) نظرا لأهمية هذه السيدة وماتتمتع به من صفات قدسية حباها بها الله تعالى , ونظرا للاوضاع الاخيرة التي عصفت بسوريا من قبل الجماعات المسلحة التي قدمت من جميع انحاء العالم وباشراف امريكي اسرائيلي وبتنفيذ قطري سعودي والهدف منها اشعال الحرب الطائفية بين السنة والشيعة من خلال هذا المكان المقدس من قبل المسلمين وخاصة الشيعة , لهذا عمد بعض الشباب العراقي المتواجدين في منطقة السيدة زينب (عليها السلام) لتشكيل لواء (ابو الفضل العباس ) «علية السلام» لحماية المرقد من هجمات التكفيريين على المرقد الشريف وتطور هذا الواء ليكون من مزيج «عراقي لبناني سوري ومن جنسيات اخرى « ليضرب بيد من حديد وبقوة باسم (ابي الفضل العباس)»عليه السلام» كل من يحاول تدنيس هذا المكان الطاهر او اشعال شرارة الحرب الطائفية التي لطالما تحقق مصالح اسرائيل وامريكا .
« ياليتنا كنا معكم لنفوز فوزا عظيما» هذا ما ردده اكثر الشيعة لنصرة الإمام الحسين (علية السلام) واخته العقيلة زينب(سلام الله عليها) وهاهم يلبون النداء « الا من ناصر ينصرنا « ذلك بتسجيلهم اروع صور البطولة والكبرياء وصدهم جميع الهجمات وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل اعلاء كلمة الحق ورفع راية (ابو الفضل العباس) كما رفعت يوم عاشوراء .
كثيرة هي اراء الشارع العراقي حول هدف ضرب الجماعات المسلحة والتكفيريين لريف دمشق ومرقد السيدة زينب (عليها السلام) لكنها كلها صبت بمصب واحد وهو اشعال الحرب الطائفية بين المسلمين (الشيعة والسنة) وضرب وحدتهم واضعافهم للسيطرة عليهم بهؤلاء المرتزقة اللقطاء .
متطوعون عراقيون إلى سوريا عبر لبنان دفاعاً عن المراقد المقدسة
يؤكّد شباب عراقيون أن الدعوات إلى التطوّع للقتال دفاعًا عن المراقد الشيعية، كضريح السيدة زينب(سلام الله عليها) في ضواحي دمشق، قائمة على قدم وساق في المدن الشيعية العراقية , ومن دون الإشارة إلى الجهة السياسية أو المجموعة التي دعت للذهاب إلى الجهاد هناك، يشير حسن الساعدي من المحاويل إلى أنه سجّل اسمه في قائمة تطوّع، تضم العشرات من المقاتلين المتهيئين للانضمام إلى (كتيبة أبو الفضل العباس) (سلام الله عليه) في سوريا بالرغم من إن العملية تطوعية لاتمثل اي حزب او مجموعة سياسية او دينية .
يقول علي حسين من الديوانية إن عراقيين من مناطق مختلفة يقاتلون الآن في سوريا، «وسقط منهم شهداء دفاعًا عن مرقد السيدة زينب(سلام الله عليها) في ريف دمشق». ويشير عصام الياسري إلى أن مجالس عزاء أقيمت في بابل والنجف والديوانية لعراقيين سقطوا دفاعًا عن مراقد أهل البيت عليهم السلام في سوريا.
يلفت حسين الشامي من مدينة الصدر إلى أن شقيقًا له يقاتل الآن في سوريا، أرسل إليه صورة وهو في ساحة القتال هناك. وبحسب الشامي، فإن أخاه قد سافر إلى سوريا مع خمسة أشخاص , إذ قرر التطوّع للقتال هناك بعد ورود أخبار عن سعي جماعات تكفيرية إلى هدم مرقد السيدة زينب (عليها السلام) مؤكداً استعداده هو أيضًا للذهاب إلى هناك، حتى لا تتكرر مأساة تفجير مراقد الشيعة، كالتي حدثت في سامراء قبل سنوات.
وفي مدينة الشعب في العاصمة بغداد ، ملأ عباس الحسيني استمارة تطوّع، تتضمن العبارة الآتية (أرغب في الدفاع عن مرقد السيدة زينب في سوريا، وأضحّي بروحي من أجل هذا الواجب المقدس) اضافة الى 500 متطوع في نفس القائمة .
في جانب مدينة الصدر، عُلّقت على واجهات المتاجر وبعض الساحات صور لمرقد السيدة زينب(سلام الله عليها)، بدا فيها متضررًا من آثار القصف، وكُتبت تحتها عبارة (لبيك يا زينب كلنا فداؤك). ويشير الحسيني إلى أن هذه الصور تؤجّج المشاعر، وتلهب حماسة الشباب للذهاب إلى سوريا دفاعًا عن المرقد المقدس. وفي مدينة الشعب في بغداد، تفيد لوحة نعْي لشاب عراقي أنه استشهد في شباط دفاعًا عن مرقد السيدة(سلام الله عليها)، وتضم صورة الشاب، وخلفه رسم مرقد السيدة زينب، يحيط به مقاتلون.
ويرى الدكتور رعد جاسم ان الدفاع عن المقدسات واجب ليس وطنياً فقط انما هو واجب ديني وواجب اخلاقي ,هذه ليست قناعة المسلمين فقط انما هي قناعة جميع الاديان بالدفاع عن المقدسات ولذلك من الضروري الدفاع عن مرقد السيدة زينب (سلام الله عليها) لأن هذا المرقد لايمثل قيمة رمزية عند الشيعة فقط بل انه يمثل قيمة رمزية عند كل العالم الإسلامي.
وبخصوص عملية استهداف هذا المرقد الشريف هناك مؤشرات على إن هذا المرقد سيتعرض للاستهداف كما تعرض مرقد الصحابي الجليل عمار بن ياسر(رضوان الله عليه) فنحن لا نريد ان تتكرر هذه المأساة مثل ما استهدف مرقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام) ونحن مع كل جهد يبذل للدفاع عن هذه المقدسات من اموال وانفس وارسال متطوعين من العراق, وندعو الحكومة العراقية والبرلمان أن يتخذا إجراءات بشأن هذه العصابات الإرهابية المستهدفة للمراقد الشريفة سواء في العراق او خارجه , والهدف الأساس من استهداف المرقد الشريف هو اسقاط هذه الرمزية العظيمة ومحاولة بناء وضع طائفي يشجع على اثارة فتن في الدول الاسلامية . وان تسمية لواء ( ابو الفضل العباس) بهذا الإسم لها علاقة بالدور الذي قام به الإمام العباس (عليه السلام) في واقعة الطف وعلاقته بالسيدة زينب (عليها السلام) وكونه حامل لواء سيد الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام) لهذا تعد هذه التسمية ملائمة لهؤلاء الشجعان الذين يدافعون عن المرقد الشريف , اما بخصوص الشهداء الابطال الذين ذهبوا من العراق لحماية مرقد السيدة(سلام الله عليها) فيجب أن يكافؤوا من قبل الجهات المسؤولة لأنهم دافعوا عن الحق ويجب أن توفر لذويهم الرواتب التقاعدية باعتبارهم شهداء رسميا.وفي طبيعة الحال ان بذرة الدفاع عن المراقد الشريفة تكون عراقية دائماً وذلك بسبب إلتصاق العراقيين بالأئمة الأطهار (عليهم السلام) أكثر من غيرهم .
35/5/13501
https://telegram.me/buratha