انتقد أكاديميون متخصصون بالهندسة المدنية والعمرانية في كربلاء، المشاريع التي تنفذها الحكومة المحلية، وعدوها "غير مناسبة أو ناقصة ولا تنسجم" مع المخطط الأساس للمدينة، وفي حين بينوا أن العديد منها أحيلت على شركات تفتقد للكفاءة والخبرة، شددوا على ضرورة وضع إستراتيجية خاصة بالمشاريع التي يمكن تنفيذها على مدى السنوات العشر المقبلة وإحالتها على شركات متخصصة لديها خبرة في مجال عملها.
جاء ذلك خلال الندوة العلمية التي أقامتها كلية الهندسة في جامعة كربلاء، تحت عنوان "إضاءات هندسية على بعض مشاريع محافظة كربلاء"، بحضور مجموعة من المتخصصين والمهتمين، فضلاً
باحث: تفحص وتقويم للمشاريع
وقال رئيس اللجنة العلمية في كلية الهندسة جامعة كربلاء، ليث شاكر في حديث إلى (المدى برس)، إن "الندوة تضمنت ثلاثة محاور رئيسة تخص بعض مشاريع محافظة كربلاء"، مشيراً إلى أن "المحور الأول سلط الضوء على مشاريع المجسرات التي أنشأت في المدينة ومناقشة الطرق والآليات التي اتبعت فيها والنتائج التي حققتها"، مشيراً إلى أن "المحور الثاني كرس لظاهرة التقويم العمراني لمدينة كربلاء وما أصابه من تشوهات وظاهرة تفتيت البساتين وعدم مراعاة المعايير الصحيحة لمخطط مدينة".
وأضاف شاكر، أن "الندوة ناقشت واقع البنى التحتية مع التركيز على جدوى مشاريع المجاري ومحطات المعالجة التي تنشأ حاليا في كربلاء ومدى إمكانية الاستفادة منها".
لا توافق المخطط الأساس للمدينة
ورأى باحث آخر أن المشاريع التي تنفذ حالياً "ليست بالمستوى المطلوب لأنها نفذت بمعزل عن التصميم الأساس للمدينة بل ولم تكن متوافقة معه وبعضها غير مبرر".
وقال الباحث في الهندسة المدنية بجامعة كربلاء، حسين على عوض، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الندوة ناقشت المبررات العلمية لإنشاء مشاريع المجسرات ذات الكلفة العالية وأثرها في تحسين الحركة المرورية في كربلاء وإمكانية تطويرها لتصبح متكاملة الفائدة مستقبلاً"، مستدركاً "برغم الدور الذي أسهمت به المجسرات في كربلاء، لكنه لم يكن بالمستوى المطلوب لأن نفذت بمعزل عن التصميم الأساس للمدينة بل ولم تكن متوافقة معه".
وأوضح عوض، أن هناك "خطأ فنياً في نفق ومجسر العباس الذي أنشأ مؤخراً في تقاطع منطقة الجاير"، مبيناً أن "حركة المركبات في هذا المجسر لم تحسب بالشكل الفني المطلوب فضلاً عن وجود خط ناقل للماء تحت هذا المجسر تسبب في ارتفاع النفق عن سطح الأرض".
وتابع الباحث في الهندسة المدنية بجامعة كربلاء، "درسنا واقع الحركة المرورية وحركة المشاة في مجسر باب طويريج، في مدخل مدينة كربلاء من جهة محافظة بابل (2 كم عن مرقد الإمام الحسين)، ووجدنا أن التقاطع المروري الذي يقع فيه هذا المجسر يشهد حركة مشاة كبيرة ولا بد من إجراء بعض التطويرات فيه لمنع تعارض حركة المشاة مع المركبات".
وأكد عوض، على ضرورة "دراسة مبررات أي مشروع يقام في كربلاء والتوسعات المستقبلية بشكل يتوافق مع التصميم الأساس للمدينة".
المخالفات بالجملة
من جانبه رأى باحث في الهندسة العمرانية، أن "المشاريع التي تنفذ في كربلاء بعامة لا تبشر بالخير بسبب الكثير من التجاوزات في جانب استعمالات الأرض وأولوية المشاريع وأهميتها"، مشدداً على ضرورة "تحديد الأولوية قبل البدء بوضع الخطط وتنفيذ المشاريع".
وقال زهير الجواهري، في حديث إلى (المدى برس)، إن هناك "مشاريع نفذت وهي غير مبررة وليست ذات أهمية كبيرة"، لافتاً إلى أن "عملية التفتيت العشوائي للبساتين التي شهدتها كربلاء خلال السنوات الأخيرة أثرت على رئة المدينة وشوهت منظرها بشكل كبير"
وذكر الباحث في مجال الهندسة العمرانية، لقد "تم تشخيص الكثير من المخالفات في المواد المستخدمة وطرق التنفيذ فضلاً عن عدم مطابقة المواصفات المنفذة مع تلك المحددة في عدد من المشاريع التي تنفذ في كربلاء".
وكشف الجواهري، عن "تسلم شركات غير مؤهلة لا تمتلك الملاكات الهندسية أو الفنية اللازمة ولا الأجهزة والمعدات الضرورية، لمشاريع مهمة"، عاداً أن ذلك "يشكل كارثة بحق المشاريع والمدينة".
لا بد من خطة بعيد الأمد
بدوره، قال رئيس قسم الهندسة المدنية في كلية الهندسة بجامعة كربلاء، باسل خليل، في حديث إلى (المدى برس)، إن هناك "تفاوتاً في مستوى كفاءة تنفيذ المشاريع في كربلاء"، مضيفاً أن هناك "الجيد والمقبول فضلاً عن المتلكئ".
وذكر خليل، أن "جميع مدن العراق تعاني من عدم دخول الشركات الأجنبية إليها بسبب تخوفها من الوضع الأمني حتى الآن"، مبيناً أن من "أهم المشاكل التي شخصناها في كربلاء إحالة مشاريع على شركات ليس لها أعمال مماثلة ولا تمتلك خبرة في التنفيذ".
وتابع رئيس قسم الهندسة المدنية في كلية الهندسة بجامعة كربلاء، أن "ضعف إستراتيجية المشاريع المنفذة وتأخر الموازنة سبب اخفاقاً في تحقيق نسب انجاز لبعض المواقع"، مؤكداً على ضرورة "وضع خطط بعيدة المدى للمشاريع على مدى عشر سنوات مقبلة وتخصيص الأموال الكافية لها من الآن وإحالتها على شركات متخصصة لديها خبرة في مجال عملها".
واستطرد خليل أن "مشروع معالجة مياه المجاري الذي ينشأ حالياً في كربلاء يعتبر من المشاريع الإستراتيجية لأنه سيوفر كميات ضخمة من المياه المعالجة للاستفادة منها في ري المزارع الصحراوية والأغراض الصناعية على مدة ربع قرن مقبلة".
https://telegram.me/buratha