على الرغم من مرور خمس سنوات على استشهاد القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية، لا يزال كيان العدو الصهيوني يعيش حالة الخوف من رد محتمل لحزب الله على العملية، وقد تم رفع حالة التأهب داخلياً في الجبهة الشمالية (في فلسطين المحتلة) والسفارات الإسرائيلية في دول العالم، وتكثفت حال الاستنفار في أوساط الجيش الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، وشهدت الأيام الماضية طلعات جوية مكثفة للطائرات الحربية المعادية فوق المناطق اللبنانية، تخللتها غارات وهمية فوق مزارع شبعا ومرتفعات الجولان، كما سجلت دوريات مصفحة لحرس الحدود الإسرائيلي بمحاذاة السياج التقني في محاور الوزاني، الغجر والعباسية على الحدود مع لبنان..كل ذلك في ضوء تصعيد سياسي واعلامي اسرائيلي على لبنان، لا سيما بعد الغارة الاسرائيلية الاخيرة على جمرايا السورية.وقد وصلت حالة التأهب الأمني في الداخل إلى تشديد الحراسة على شخصيات سياسة وقيادات عسكرية حالية وسابقة، ومن أبرزهم رئيس الأركان السابق غابي اشكنازي، ورئيس "الموساد" السابق مائير داغان، "خوفاً من اغتيالهم"، بحسب تقارير أمنية إسرائيلية.وانعكست حالة القلق في الكيان العبري على شكل اتهامات "استباقية" لحزب الله بتنفيذ عمليات في الخارج، وضغوط سياسية على دول القارة العجوز لإدراج الحزب في لائحة "الإرهاب"، التي يصدرها الاتحاد الأوروبي، فيما يؤكد محللون عسكريون إسرائيليون أن "الثأر" لمغنية سيكون "مقدمة الحرب المقبلة" مع ما تحمله من "مخاطر وجودية" على "إسرائيل"، ويبدو أن مغنية استطاع أن يرعب العدو الإسرائيلي حياً وشهيداً، ولمعرفة السر في ذلك يكفي الإطلالة على شيء من سيرة القائد الجهادي. استشهد القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية وهو في الخامسة والأربعين من العمر في كفرسوسة إحدى ضواحي العاصمة السورية دمشق بتاريخ الـ12 من شهر شباط/فبراير من العام 2008، وذلك بعد سنوات مليئة بالانجازات العسكرية، وبعد 25 عاماً من المطاردة والملاحقة من قبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ـ والأميركية، وخلال تشييعه دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى "تأريخ بداية سقوط دولة اسرائيل" بعد استشهاد الحاج مغنية، وخاطب الجماهير المحتشدة، قائلاً: "إذا كان دم (الأمين العام لحزب الله الراحل) السيد عباس الموسوي قد أخرج الاسرائيليين من لبنان، فإن دم الشهيد عماد مغنية سوف يخرجهم من الوجود".سيرة مغنية الزاخرة تبدأ بانتقاله مع أهله من بلدته "طيردبا" في الجنوب اللبناني إلى منطقة الشياح (ضاحية بيروت الجنوبية)، حيث أمضى حياته الدراسية فيها، والتحق بصفوف حركة "فتح" دفاعاً عن القضية الفلسطينية (عام 1975)، ولم يكن القائد الجهادي عضواً عادياً في "فتح"، بل التحق في وحدات النخبة، وما لبث أن ترقى سريعاً في صفوفها إلى أن أصبح مسؤولاً في أحد مراكز الحركة، وكان على قدر من الشعبية جعل كثيراً من الشبان يلتفون حوله على الرغم من صغر سنه، ومع بداية الاجتياح الإسرائيلي للبنان (1982) كان من أوائل المقاتلين الذين تصدوا للجيش الإسرائيلي في منطقة خلدة مع مجموعة من إخوانه، وبقي ينشط سراً مع نفس المجموعة بعد دخول الدبابات الإسرائيلية إلى أحياء بيروت، وتطور أداء القائد الجهادي في الصراع مع العدو، ليكون من أوائل المؤسسين للعمل المقاوم ضد "إسرائيل"، فانخرط مع مجموعة من رفاقه في صفوف المقاومة الإسلامية منذ تأسيسها، ليلاحق الجنود الصهاينة بالعمليات الجهادية في عدد من المناطق الجنوب اللبناني، على امتداد مسيرة المقاومة الإسلامية وانتصاراتها، وصولاً إلى التحرير في العام 2000 والانتصار في العام 2006، وهو ما دفع بالأمين العام لحزب الله إلى اعتبار مغنية "قائد الانتصارين بحق". جهود مغنية لم تقتصر على الجنوب اللبناني، بل تعدتها إلى فلسطين المحتلة، وقد شكل نشوء قوى مقاومة جديدة دافعاً مهمّاً للقائد الجهادي من أجل توفير الدعم للفصائل العاملة داخل فلسطين، وتوفير الاحتياجات اللوجستية والمادية لهذه الفصائل، وكانت الأولوية لديه كيفية إيصال السلاح إلى الداخل، وتراكمت جهود مغنية حتى وصلت المقاومة الفلسطينية إلى ما شهدته من قوة في أيامنا هذه مروراً بحرب غزة في عامي 2008 و2012، "فكل صاروخ أطلق كان يحمل بصمات الحاج عماد مغنية"، كما قال قياديون في المقاومة الفلسطينية، وهو ما أكده ايضاً امس القائد العسكري الإيراني العميد مسعود جزائري، من أن "القدرات الإستراتيجية للمقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها الوحدات الصاروخية، مدينة لجهود القائد الشهيد الحاج عماد مغنية، الذي يعده شريكاً بانتصار المقاومة في غزة".رواية "كتاب العمليات الكبرى لجهاز الموساد الإسرائيلي"، الصادر عن دار النشر الأميركية "هاربر كولينز"، في العام 2010، لمؤلفيه "ميخائيل بار زوهار" و"نسيم ميشعال" الإسرائيليين، تكشف ظروف إغتيال مغنية في منطقة كفرسوسة (الضاحية الدمشقية) من وجهة النظر الإسرائيلية، بما لا يدع مجالاً للشك في هوية المسؤول عن استهداف القائد الجهادي في المقاومة الإسلامية على الرغم من تنصل السلطات الإسرائيلية من تبني العملية، في الوقت الذي أكدت وسائل الإعلام العبرية أكثر من مرة أن "السياسة الإسرائيلية الرسمية تبرر قيام أرفع المستويات بالكذب علناً إذا كان في ذلك مصلحة لـ"إسرائيل"، خاصة أن الأخيرة ما تزال تعيش، بعد حرب لبنان الثانية (تموز 2006) حالة ترميم لقدراتها في مواجهة حزب الله". كان مغنية بالنسبة للإسرائيليين والأميركيين، يقف خلف كل العمليات التي سببت تراجعاً لنفوذهم في المنطقة، و"على الرغم من ذلك لم يستطع أحد أن يقتفي أثره، حيث كان شبحياً، يضيع أثره بعد كل عملية، وهو بدوره كان يتجنب المصورين والحوارات التلفزيونية، وقد كانت الاستخبارات الغربية على اطلاع دائم بنشاطاته، إلا أنها بقيت جاهلة بظهوره العلني، وعاداته، ومخابئه"، بحسب "كتاب العمليات الكبرى لجهاز الموساد الإسرائيلي".الى ذلك، وفيما توافد الزوار اليوم على ضريح الحاج عماد مغنية، حيث زار وفد من حركة "الامة" ضريح الحاج عماد لقراءة سورة الفاتحة، أصدرت أمانة الإعلام في حزب "التوحيد العربي" بياناً أشارت فيه الى أن " ذكرى استشهاد مغنية تستحضر في ذاكرة الأمة والوطن تاريخاً حافلاً من زمن الانتصارات وسيرة مقاومة شريفة رفعت رؤوس كل العرب والمسلمين وارتوت بدماء شهدائها أرض الامة واثمرت انتصارا تلو الانتصار". وأكد حزب "التوحيد العربي" "الاستمرار في حمل راية المقاومة ودعم خياراتها في معركة تحرير الأرض وصون العرض والكرامة و مواجهة كل المتآمرين والحاقدين وأصحاب النفوس الضعيفة".
20/5/13217
https://telegram.me/buratha