حولت القاعدة معظم شاحنات النفط الى سورية والاردن حيث الاسعار اعلى حيث تحصل من الشحنة على 10000 دولار وكان ذلك بمثابة معاداة 30 الف شخص من سكان المدينة المحطمين
بغداد – واشنطن – الملف برس
قبل ستة اشهر كانت التقارير الاستخبارية الاميركية عن الانبار منذرة بالشؤم بشان انتشار الارهابيين فيها واحتضانهم من قبل بعض العشائر ، لكن التقارير اليوم تشير الى امر مخالف ، فان العشائر التي كانت تدعم الارهابيين الذين كانوا يدعون انهم يشنون هجماتهم للجهاد الديني تريد التحول الى الجانب الاخر مع ذات الاتجاه الديني الذي يرفض اعمال الارهابيين واغلبهم من القاعدة .
ففي المدينتين الاكثر قتلا في العراق هما الفلوجة والرمادي والمسافة بينهما 25 ميلا يشير مسؤول اميركي ان احد العسكريين المحترفين من احد الالوية العراقية اصيب بالدهشة حينما عرض عليه احد شيوخ العشائر المحليين الكشف عن مخابىء الارهابيين في مسقط رأسه ، وقال له :" لقد قررنا انه من خلال التعاون معكم فاننا نتعاون مع الله ".
وقد قبل العقيد محمود العسكري السابق العرض من شيخ العشيرة وقال :" الارهابيون يسمون انفسهم شهداء وهم كاذبون وقد فقدت جنديا وحينما سحبت عربته كان هناك دماء الشهيد وهو ذلك الجندي ".
ومع ان الجنود العراقيين والمارينز الذين قدموا الحماية فان هذا الشيخ ورجال عشيرته تجولوا في المدينة واشاروا الى الاشخاص العديدين وقد شملت عملياتهم الاخيرة القبض على 30 ارهابيا من بينهم " ابو مسلم " الذي كان مطلوبا لاغتياله جنديا عراقيا .
وتشير التقارير الاستخبارية الاميركية عن الانبار الى ان الارهابيين تحكموا بالسكان – النموذج التقليدي لحرب العصابات - وان المتشددين يعتبرون عناصر القاعدة في العراق هم الذين حققوا الهيمنة فمنذ عام 2004 امسكت القاعدة بالفلوجة وكانوا يضربون المراهقين الذين يتراجعون عن كلامهم ، ويضربون النساء اللواتي يضعن احمر الشفاه ، وكانوا يقطعون رقاب المتعاونين مع الاعداء "—وقد بشرت القاعدة برسالة تحث على الاقتناع : طريقنا او القبر .
وفي الانبار اصبحت القاعدة هي المحتلة ، فهي تخيف سائقي الشاحنات وتبتز اصحاب المحلات و تحكمت بسوق الوقود ففي كل شهر كانت تصل عشرة شاحنات من البنزين بعدد 80000 غالون وخمسة شاحنات من الكاز ولكن حولت القاعدة معظم الشحنات الى سورية والاردن حيث الاسعار اعلى حيث تحصل من الشحنة على 10000 دولار وكان ذلك بمثابة معاداة 30 الف شخص من سكان المدينة المحطمين . ولم تتجرأ الشرطة المحلية على القاء القبض عليهم .وتركيبة السلطة العشائرية التي بنيت عبر قرون دفعت جانبا ، والشيوخ الذين عارضوا تم قتلهم او تم نسف بيوتهم ، في حين هرب الاخرون .
وفي نهاية عام 2005 ، بدأ احد الالوية العراقية بشكل مقبول في العمل مع القوات الاميركية في الانبار ، ولجأت القاعدة الى الهجمات الانتحارية وقنابل الطرق ، وتجنبت القتال المباشر .وبدأ افراد العشائر بقتل عناصر القاعدة في عمليات ثأرية لجرائم فردية ، واكتشفوا ان القاعدة كانت قاسية ولكنها غير صلبة وقرب الحدود السورية انضمت احدى العشائر الى طرد القاعدة في مدينة القائم .
ومع نهاية عام 2006 اصبحت القاعدة الجهة القامعة والطائشة في ميلها للتدمير والتحطيم ، في حين صممت القوات الاميركية والعراقية والمدنيين الذين ساندوهم في مقاومة القاعدة .
وعندما فجرت القاعدة شاحنة متفجرات كبيرة في سوق الانبار في نوفمبر – تشرين الثاني وتسببت بمقتل احد المارينز وتسعة مدنيين ، فقد عرض قائد المارينز وزميله العراقي الخدمة الطبية من خلال موقع ميداني طبي للمدينة كلها وتضمنت الخدمة لاول مرة خدمة طبية نسائية استفادت منها الكثير من النساء المحليات ، ولم تكن هذه الحادثة معزولة ، وعلم بها الناس .
ومع الناس المتعبين بالحرب فان 25 من مجموع 31 من العشائر المتفرعة في الانبار ، تعهدت بمحاربة الارهابيين خلال الشهور الخمسة الماضية ، وارسلوا الالاف من رجال العشائر الى التطوع في الجيش والشرطة بقيادة الشيخ عبد الستار ابو ريشة الذي اطلق عليها اسم " صحوة الانبار " والعشائر امنت بانها تؤازر الرابحين .
وحينما قدم الشيوخ الاف المتطوعين للشرطة فقد ساعدوا على تقوية قوتهم الموروثة من خلال توفير العمل بالاضافة الى مرتب اشيع انه يبلغ 400 دولار يدفع لكل متطوع ، ووفرت الشرطة العشائرية عندئذ الامن التي سمحت للمشاريع الاميركية المدنية المربحة للمتعاقدين بالارتباط بها وتم تخصيص ميزانية تكميلية للطوارىء والتي تتضمن تخصيص الملايين لتوفير الغذاء وكتان الشيوخ في الانبار يعبئون الفجوات التي يمكن ان تزرع بقنابل الطريق المفخخة برجالهم لمنعها .
ومع كل هذا فان البعض رأى ان ما يجري يمثل انتصارا مشكوكا لسيادة القانون مع حق كل ارهابي المثول امام المحكمة . وبالنسبة للشيوخ فان ذلك نفسه امر ساذج ومهلك فالنظام القضائي العراقي في الانبار لاوجود له ، والسكان المحليون سرعان ما يتعلقون بقصص القتلة الذين يعاودون القتل لهؤلاء الذين يبلغون عنهم ، ولذلك فليس من المدهش انه في الوقت الذي يحتجز معظم الارهابيين فان البعض يختفي بسهولة ، وقد اصدر القادة الاميركيون في الانبار نظاما واضحا يحظر دعم أي ميليشيا غير مرخصة . ولكن التوجيه من الوزارات العراقية مفقود .
وفي الاسابيع الاخيرة فقد عادت هجمات القاعدة بالقنابل الانتحارية ، مستهدفة جوامع السنة في مناطق الانبار وقتلوا 40 من المصلين ، وبعدها فجروا عددا من السيارات التي احتوت على غاز الكلور الخانق في الاحياء السكنية خارج الفلوجة ، ويأملون بانهم اذا اغتالوا مجموعات عشوائية من النساء والاطفال فان العشائر سترجع الى خطهم . وهذه التكتيكات ربطت القاعدة في قتال حتى الموت ضد شيوخ العشائر .وقد عكست عدوا فقد الدعم الشعبي لجهاده ، ويتمسك بالخوف فقط .
تقول التقارير الاميركية ..هل تنبا أي محلل اميركي بان القاعدة سيهاجمون السكان السنة بالاسلحة الكيمياوية قبل تسعة اشهر ، ربما كان هذا التصور امر مضحك .
وتكمن القيمة الحقيقية للعشائر في تقديم معلومات محددة والمجندون للجيش والشرطة يرون العشائر بشكل واضح بان لها سلوكها الخاص .
وتريد العشائر حصتها من عوائد النفط ، والمزيد من السلطة وعقودا اميركية . ومن المحتمل ان تغادر القوات الاميركية خلال سنة او سنتين ، فان الحكومة العراقية هي التي عليها ان تحدد تقديم الطلبات المتواضعة . ولكن لوضع حالة الاقليم تحت النظر ، فقبل ستة اشهر اخبر قائد المنطقة الوسطة الاميركية الجنرال ابو زيد الكونغرس بان :" الانبار ليست تحت السيطرة " وفي الاسبوع الماضي قال القائد الاميركي في الانبار الجنرال والت كاسكن انه " متفاءل جدا جدا ".
وفي الفترة الاخيرة حث الجنرال بيتريوس قائد القوات الاميركية في العراق رئيس الوزراء المالكي لزيارة الرمادي واللقاء مع العشائر . وكانت تلك بداية المساومة .فالحكومة العراقية تواجه الخطر التقليدي ضد تفكير المكافأة ،والمكافأة هي ان العشائر ستقدم المعلومات والمجندون والشرطة المحلية ستقلص مناطق عمليات القاعدة . ومع مناطق اقل ستستطيع القوات العراقية التركيز في أي مكان تحاول القاعدة في التموضع او اعادة التجمع واخيرا تجفيف المستنقع فالحرب الاهلية بين العشائر السنية والمتشددين قد اندلعت في اقليم الانبار ، معقل المتمردين ، والقوات الاميركية والحكومة العراقية يجب ان تدعمها. والامن سيحل في مدن الانبار .
https://telegram.me/buratha