تدور معركة دبلوماسية شرسة بين مصر "الدكتور محمد مرسي" و دول خليجية لا تخفي نواياها في القضاء على حركة الاخوان المسلمين وامتداداتها في المنطقة، وافشال حكمها في مصر على وجه الخصوص.
هذا وقد اعتقلت دولة الامارات العربية المتحدة خلية تضمّ مجموعة من المقيمين المصريين على أراضيها، وتبعتها باعتقال خلية نسائية اخرى في إشارة واضحة تؤكد هذه النوايا، بينما إكتفت المملكة العربية السعودية باعطاء الضوء الاخضر لبعض كتابها بنشر سلسلة مقالات تهاجم الاخوان المسلمين بقسوة وتتهمهم بنكران الجميل ومحاولة قلب أنظمة الحكم.
وشملت الحملة هذه دعاة سعوديين معروفين متعاطفين مع الحركة وممثلها غير المتوج في منطقة الخليج الدكتور يوسف القرضاوي.
حكومة الرئيس مرسي الاخوانية التي تواجه جبهة معارضة داخلية قوية تتزعمها جبهة الانقاذ العلمانية، و أوضاعا إقتصادية صعبة، لجأت الى كظم الغيظ، ومحاولة البحث عن 'حلول سلمية' لهذه الازمة مع دول الخليج الثرية، وبادرت بارسال وفد برئاسة السيد عصام الحداد مستشار الشؤون الخارجية الى ابو ظبي على أمل العودة بالمصريين المعتقلين، ولكنه لم يستقبل الاستقبال المفترض من قبل مضيفيه وعاد الى القاهرة بخفي حنين.
السلطات السعودية لجأت الى تصعيد من نوع آخر يلتقي، بل يعزز، موقف دولة الامارات تجاه حكومة مصر الاخوانية، عندما أصدرت حكما بالسجن خمس سنوات، و500 جلدة، على المحامي المصري احمد الجيزاوي بعد إدانته بتهريب حبوب مخدرة، قيل انها كانت بحوزته اثناء وصوله الى مطار جدة بصحبة زوجته لاداء مناسك العمرة.
عدم الاستجابة لطلبي الرئيس مرسي وحكومته بالافراج عن المعتقلين المصريين في الامارات، والمحامي المصري في السعودية كانت عبارة عن رسالة تحد غير متوقعة موجهة الى النظام المصري ورئيسه، وجرى تفسيرها على انها خطوة تصعيدية جديدة واغلاق كل ابواب الصلح.
واذا كانت دولة الامارات لا تخفي عداءها المطلق لحركة الاخوان والرغبة في محاربتها بل و إجتثاثها من جذورها، مثلما صرح "الفريق اول ضاحي خلفان" رئيس شرطة دبي بسبب إتهامها بالتحريض ضد نظام الحكم فيها، فإن المملكة العربية السعودية تحاربهم لاسباب أخرى الى جانب السبب الاماراتي نفسه، من بينها تقارب الرئيس مرسي وحركته مع ايران، و إختياره الذهاب الى طهران في آب (اغسطس) العام الماضي للمشاركة في قمة عدم الانحياز التي قاطعتها معظم الزعامات الخليجية إن لم يكن كلها.
الرئيس مرسي فهم مضمون رسالة التحدي هذه، وقرر أن يستخدم واحدة من أقوى أوراقه، أي الورقة الايرانية، فاستقبل "السيد علي اكبر صالحي" وزير الخارجية الايراني في مكتبه، وقبل دعوة رسمية من الرئيس "محمود احمدي نجاد" لزيارة طهران رسميا.
وسربت اوساط مقربة من حركة الاخوان خبرا عن زيارة سرية لم تتم للجنرال قاسم حداد قائد فيلق القدس للقاهرة، في مهمة لاعادة بناء الاجهزة الاستخبارية المصرية، والاستفادة من الخبرات الايرانية في هذا الصدد.
وقد تأخرت السلطات المصرية والايرانية أربعة أيام قبل نفي هذا الخبر رسميا.
ولعل الحدث الاهم في مسلسل التبادل بالضربات تحت الحزام بين حركة الاخوان الحاكمة في مصر ودول الخليج المعارضة لها، دعوة الشيخ "الدكتور محمد العريفي" لالقاء خطبة الجمعة في جامع عمرو بن العاص وسط القاهرة، في حضور ما يزيد عن عشرة آلاف مصل، وإشادته بمصر وثورتها وفضلها على كل العرب صحة وتعليما وثقافة ومطالبته لرجال الاعمال الخليجيين بالاستثمار فيها لمساعدتها على الخروج من أزمتها الاقتصادية.
هذا التقارب الرسمي المصري ـ الايراني سيكون العنوان الابرز في العلاقات المصرية ـ الخليجية في الاشهر المقبلة، وسيعتمد تطوره، تراجعا او تقدما، على سخونة او برودة الحرب الحالية المستعرة بين المحور الاماراتي ـ السعودي وحركة الاخوان.
الافراج عن الخلية الاخوانية في الامارات و إصدار عفو عن المحامي الجيزاوي من قبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل السعودية قد يكونان مؤشرا عن قرب الانفراج في العلاقات و إعادة الورقة الايرانية الى الثلاثة، والا فان هذا التقارب قد يتسارع على شكل إعادة فتح السفارة المصرية في طهران وإستئناف رحلات الطيران بين البلدين.
نظام الرئيس مرسي خرج من عنق الزجاجة وكسب الجولة الاولى من الحرب ضد معارضيه، لكن هذا لا يعني ان الايام المقبلة ستكون خالية من المفاجآت، فخصوم الاخوان في داخل مصر وخارجها يملكون ايضا أسلحتهم القوية التي لا يجب التقليل من شأنها.
...........................................
9/5/13118
https://telegram.me/buratha