حيدر حسين الاسدي
* كتلة المواطن: رفضنا قرار الازالة لمكانة السوق التاريخية وتأثيره الاقتصادي وعدم تعارض توسعة الصحن الحيدري مع وجود السوق
* تطبيق قرار الازالة يحتاج لاموال طائلة قد تعجز ميزانية الدولة على تغطيتها
يُعد السوق الكبير في مُحافظة النجف الأشرف من الأسواق التجاريّة الشهيرة ليس في العراق فحسب بل في العالم لما تتمتع به النجف الاشرف من مكانة دينية وحضارية وتراثية لدى الشعوب المختلفة ، وقد حافظ السوق ولسنوات طويلة على طراز بنائه وهندسته المعمارية المتميزة.وقد ذكر الكثير من الرحالة السوق الكبير لدى زيارتهم للمدينة المقدسته امثال أبن بطوطة ومحمد بن ثابت . وكان السوق الكبير في بداية أمره عبارة عن لواوين أُعدت لمبيت الزائرين ومرابط لخيولهم، وقد أشارت إلى ذلك بعض آثاره، وإذا ابتعدنا زمنياً فنراه يُشكّل جُزءً من مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف هو وشارع الإمام الصادق (ع) وشارع الإمام زين العابدين (ع) حيث اعتاد الناس دفن موتاهم بالقرب من مرقد الإمام أمير المؤمنين (ع)، وكان السوق الكبير يضُم مُختلف الحرف مثل الصفارين والحدادين والقصّابين والصياغة وبائعي القماش.وبكل ما يحمله هذا السوق في نفوس النجفيين والزائرين من محبة وذكريات وتراث يواجه اليوم قرار الإزالة من موقعة الحالي في خطوة صوت عليها مجلس المحافظة لإعادة التخطيط الحضري للمدينة القديمة وتوسعة الصحن الحيدري الشريف ليستوعب اعداد الزائرين المتزايدة في المناسبات الدينية ويعطي الراحة لهم.ولأهمية الموضوع وما أثارة قرار مجلس محافظة النجف الاشرف في إزالة السوق الكبير من لغط وحديث وتجاذب تجولنا بين اصحاب القرار والجهات التخطيطية والتراثية وتجار السوق للاطلاع على أرائهم في هذا القرار والخروج بما هو أفضل للنجف وزوارها حيث كانت لنا هذه اللقاءات .
في أروقة المجلسكانت بداية جولتنا من مصدر القرار التشريعي "مجلس محافظة النجف الاشرف" وبالتحديد مع الاستاذ خالد الجشعمي عضو مجلس محافظة النجف الاشرف الذي حدثنا عن هذا القرار قائلاً :- فكرة إزالة السوق الكبير جاءت بعد مصادقة مجلس المحافظة على التصميم الاساسي لمدينة النجف الاشرف والذي اعدته شركة بريطانية متخصصة في عام 2009 ولم يتضمن هذا التصميم إزالة السوق الكبير ، حيث قدم مقترح الإزالة من قبل رئيس لجنة الخدمات في المجلس ونوقش في المجلس وتمت المصادقة عليه.وكان لأعضاء كتلة المواطن وأحد اعضاء دولة القانون تحفظ على هذا الموضوع نابع من مكانة هذا السوق وما يمثله من تراث المدينة ونتيجة لذلك وللاعتراضات والتساؤلات التي اثارها هذا الموضوع ارتأت وزارة البلديات أحالت التخطيط الحضري للمدينة القديمة لشركة "الديوان" الإماراتية وقدمت أربعة تصاميم لكل منها مميزات الا ان التصميم الرابع نال رضا المجلس وتم التصويت عليه ولم تقتنع الشركة المصممة ولم يحتوي التصميم إزالة السوق الكبير بل تضمن توسعة الحوض له بمقدار 9 متر أو 15 متر .وأضاف الجشعمي ان هناك عدت مقترحات قدمت للمجلس لتوسعة الصحن الشريف وإعطاء مساحات اكبر للصحن بعضها تضمن ازالة السوق وبعضها تضمن التوسعة ورفعت هذه التوصيات للشركة المصممة لدراستها وتقديم تقرير عنها سوف يناقش في جلسة خاصة يحضرها السيد وزير البلديات للخروج بقرار نهائي حول مصير السوق الكبير.وأختتم الجشعمي حديثة "للاصالة" ان واحد من معوقات تطبيق قرار إزالة السوق الكبير هي التعويضات المالية الكبيرة والتي تقدر بمليارات الدولارات والتي تعجز ميزانية الدولة عن توفيرها لذلك نرى ان لا توجد جدوى في اقرار قرار الازالة ونحن لا نملك مبالغ مالية كافية تغطي التعويضات الضخمة لاصحاب المحال والقيصريات في هذا السوق .
مساعي لجنة الخدماتوفيما تسعى لجنة الخدمات ،وهي الجهة المكلفة من مجلس المحافظة لدراسة القرار وتقديم المقترحات والبدائل لموقع السوق البديل ، لتفعيل القرار وايجاد الحلول المناسبة لمنع أي أضرار تقع على عاتق أصحاب المحال التجارية والحرف في هذا السوق ، حيث اعلن السيد محمد عايد الموسوي رئيس لجنة الخدمات في مجلس محافظة النجف الاشرف وفي تصريحات صحفية عن إجماع المجلس على اختيار مكانا مميزا للتجار وأصحاب الاملاك في السوق الكبير .وأضاف الموسوي أن مجلس محافظة النجف الاشرف اجمع على إزالة السوق الكبير وان يكون لتجار السوق الكبير في النجف الاشرف من أصحاب الأملاك والقيصريات والمحلات مكانا مميزا ومحددا مجاور التوسعة الجديدة للعتبة العلوية المطهرة ".وبين الموسوي " ان السوق الكبير سيكون في احد جوانب التوسعة الجديدة للمرقد المقدس ، وسيكون لأصحاب الاملاك الحالية للسوق الكبير ، أفضلية عن غيرهم وسيحدد أماكن مميزة وجيدة لهم".
للعتبة العلوية رأي بعد جولة مجلس المحافظة حملنا أسئلتنا لنحل زائرين للعتبة العلوية المطهرة ونتشرف بالوقوف امام مرقد سيد الاتقياء أمير المؤمنين "عليه السلام" ونقدم بعد ذلك بعض التساؤلات للأمانة العامة للعتبة متمثلة بنائب الأمين العام المهندس زهير شربة حول رؤية العتبة العلوية لمشروع إزالة السوق الكبير فأجاب :- من حيث المبدأ ان موضوع إزالة او عدم ازالة السوق الكبير هي ليست مسألة شخصية او قضية تبنى على رأي فردي وانما هو موضوع يتعلق بأكثر من جانب واكثر من رأي كالرأي التاريخي والرأي التراثي والرأي الهندسي او العمراني ... الخ. ثم تتم الموازنة بين وجهات النظر هذه ليخلص الى قرار رسمي يرتكز على مسببات موضوعية معروفة للجميع.هذا اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان هناك مكتب استشاري هندسي مكلف من قبل وزارة البلديات والاشغال العامة لاعداد تصميم اساس لمركز مدينة النجف الاشرف والتي يقع السوق الكبير موضوع البحث من ضمن مهامها، وعلى اية حال وان اتجه الراي الرسمي الى فكرة الازالة فانا ارى ان خلق البديل مسألة اساسية واعتبارية لابد ان تلاحظ في هذا المعنى.وشدد ان التعامل مع قضايا استراتيجية كهذه يجب ان لاياخذ طابع المسميات ومن يؤيد ومن يعارض وانما ينبغي التعامل مع الاهداف المتوخات والنتائج المترتبة وحجم المصالح المتحققة... الخ من زوايا ومن معايير يتم على اساسها حساب الفوائد والخسائر ثم يصار الى قرار مُسبب وهذا لم يحدث حسب علمي لحد الان.
حق التأريخ والتراث فيما كان للدكتور المؤرخ حسن الحكيم رؤية حول قرار إزالة السوق الكبير أكد فيها الاستفادة من تجارب الكثير من المدن الإسلامية والعربية في ضرورة الحفاظ على التراث والمعالم الاثرية في مدنهم ، وبما ان السوق الكبير يعتبر من المعالم التراثية المهمة في مدينة النجف الاشرف فعلينا كنجفيون نقف ضد قرارات تغير المعالم المهمة رغم مساندتنا لكل تطوير عمراني يخدم مدينة النجف الاشرف . وأضاف الدكتور الحكيم باعتقادي أن التخطيط الحضري للمدن هو الحفاظ على ما هو أصيل، وقد جرت عدت محاولات لتغيير معالم السوق او أزالت أجزاء منه وكنت من الذين عارضوها ، ونحن مع العمران ولكن مع التراث، وان يسيرا بخطين متوازيين، فمن الممكن أن نحور بعض الشيء في دورة الصحن الشريف ونضيف مساحات جديدة اضافة للتوسعة الموجودة خلف الصحن باتجاه جامع صافي صفا ، لكن أن نحافظ على الأبنية التراثية ذات القيمة كما هو حاصل في سوريا، بدءا من سوق الحميدية حتى الجامع الأموي حيث يمنع التحديث مطلقا، وأيضا في اليمن والجزائر ومصر فمثلا المنطقة التي تحيط بمسجد الحسين والأزهر لا يسمح فيها بالتحديث. ويؤكد المؤرخ حسن الحكيم انه عندما جاءت لجنة اليونسكو تحدثنا لها عن مقبرة وادي السلام وبعض المعالم التراثية في المدينة القديمة اقتنعت اللجنة بأن تضم النجف إلى لائحة التراث العالمي فكيف بنا نأتي اليوم لنزيل بعض من معالمنا التراثية بحجة توسعة الصحن الحيدري وتتوفر لدينا خطط بديلة لهذه التوسعة.
غرفة التجارةلم تكن غرفة تجارة النجف الاشرف بعيدة عن هذه المشكلة وتباين الاراء حولها فكانت لنا زيارة لها ولقاء الاستاذ عبد المهدي المظفر عضو مجلس ادارة الغرفة والذي اكد لنا اعتقاده ان قرار الإزالة لا يعد أمراً فرديا وانما يهم مدينة مقدسة لها اعتباراتها امام المسلمين جميعا وبالرغم ما لهذا السوق من دلالة تاريخية وتراثية وذكريات قديمة والكثير من الممارسات السياسية والاجتماعية والتجارية فهو العمود الفقري للتجارة النجفية مشدداً على انه لابد من تقديم مصلحة تطوير وتوسعة العتبة العلوية المطهرة على اي شيء اخر ..وإجمالا نحن الان بانتظار المصادقة النهائية على التخطيط العمراني والحضري لمدينة النجف عندها لكل حادث حديث.مختتماً حديثه "للاصالة" ان غرفة التجارة سوف تدخل في خط الحفاظ على حقوق التجارة والعاملين في السوق ومحاولة ايجاد أماكن بديلة للتجار تلبي الزخم نفسه في التبادل التجاري الذي يعيشه السوق حالياً .
أصحاب المحالختام جولتنا في هذا الموضوع كان في السوق نفسه حيث جلسنا مع اصحاب المحال التجارية وتوجهنا لهم بسؤال حول رأيهم في هذا القرار البعض منهم شدد ان ايجاد بديل متميز يضمن حركة بيع وشراء كما هي موجودة الان في السوق وضمن المدينة القديمة أمر اساسي يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار حيث قال السيد محمد عبد الحسين الشمري "صاحب محل ملابس" ان هذا القرار قد يخدم تطوير المدينة القديمة ويزيد من المساحات الواسعة لحركة الزائرين لكن اجده لم يراعي مسألة التراث القديم للمدينة وما يحمله هذا السوق من شواهد وحرف قد تختفي اذا أزيل السوق من مكانه إضافة الى النتائج السلبية على الجانب الاقتصادي لهذه المؤسسة المالية .فيما اعرب السيد محمد الموسوي "صائغ" ان مهما قدمت البدائل فلن تكون بمستوى المكانة السياحية والاقتصادية للسوق وسيفقد السوق الجديد رونقه وسحره ورواده الذين اعتادوا عليه ويحملون فيه ذكريات ومواقف جميلة.مشدداً ان المبالغ التي يراد صرفها على استملاك السوق يمكن ان تتم بها تطويره وتوسعته وانشاء مرافق عامه اخرى تخدم الزائر وتزيد من راحته وهو يحل ضيف في مدينة الامام علي "عليه السلام".
https://telegram.me/buratha