اعلن قائد سلاح البحرية الايرانية الجنرال فدوي عن قيام سلاح البحر التابع للحرس الثوري بإنزال طائرة استطلاع أميركية في الأراضي الايرانية بعد استدراجها باستخدام تكنلوجية متطورة جدا علما انها ليست المرة الأولى التي تتفوق فيها العقلية الايرانية على التكنلوجية الأمريكية وقد انزلت ايران في ديسمبر 2011 طائرة تجسس أميركية من طراز آر كيو 170 اثر خرقها الأجواء الايرانية في شرق البلاد.
لقد تحدثت وسائل الاعلام عن مواصفات الطائرة وأهميتها الاستراتيجية وتركت جوانب أخرى لا تقل أهمية عن اسقاط الطائرة ! كالنتائج والآثار النفسية والسياسية والعسكرية من جراء هذه العملية الكبيرة..
يوم بعد آخر يدرك العالم ان الحروب القادمة لن تكون حروب تقليدية بل هي حروب معلوماتية والكترونية وتكنلوجية متطورة ! وذلك لتفوقها وقلة خسائرها المادية والبشرية مقايسة بالحرب التقليدية والقوات البرية وطريقة الاحتدام المباشر وقد أكدت الحروب السابقة فشلها وعدم قدرتها في البقاء والسيطرة على الارض لفترات زمنية طويلة أضف الى ذلك الخسائر الجسيمة في عدد الأفراد والقطعات العسكرية ولدينا شواهد كثيرة .... فما حدث بالأمس القريب من انكسار لكبرياء العدو الصهيوني على يد المقاومة الباسلة والصادقة في لبنان والمتمثلة في حزب الله وما ترتب بعد ذلك في غزة من اذلال الصهاينة وتوسلهم بوقف اطلاق النار يؤكد ما نشير اليه ..
ان الأهمية العسكرية في اصطياد وانزال هذه الطائرة يؤكد للعالم جملة من الوقائع المهمة : أولا : بروز ايران كقوة اقليمية يحسب لها الكثير.. حيث فرضت نفسها وتأثيراتها على الساحة الدولية ، فمنذ انتصار الثورة الاسلامية بقيادة الامام الراحل السيد الخميني (قدس سره) وهي تسعى بالاعتماد على الشعب وتطبيق شعار اللاشرقية واللاغربية ... وهذا الشعار يعني الكثير للدول العظمى وأصحاب القرار السياسي لما يحمل في طياته من ايدلوجية فكرية وسياسية ودينية ! غيرت قاعدة المفاهيم السياسة ومفهوم القطب الواحد وزرعت الآمال وكبرت التحديات بزوال الدولة العبرية ولو بعد حين ...
ثانيا : جاء التكذيب الأمريكي هذه المرة مدروسا ليؤكد حقيقة مرة لا يمكن تجاهلها في التفوق الايراني بمجال تكنلوجيا المعلومات وان انزال طائرة اميركية بدون طيار في منطقة الخليج يعني انجاز ايراني جديد في اطار الحرب الالكترونية ! ولم تجد أمريكا حيلة الا بتكذيب الخبر خاصة بعد بادعائها الحصول على معلومات تفيد بتحطم الطائرة بعد سقوطها ! ولكن الايرانيون تصرفوا بحنكتهم المعروفة في إظهار الادلة التي بحوزتهم تدريجيا .. وذلك لزيادة الضغط على الولايات المتحدة وفضح أكاذيبهم ومصداقياتهم بين شعوب العالم ! ...
ثالثا : أعلنت ايران في الاسابيع الماضية عن انتهاك لمجالها الجوي من قبل طائرات استطلاع أمريكية والتي تمكنت بدورها من التقاط بعض الصور لمواقع حساسة ! ومن الغريب لم تبادر ايران بإسقاط هذه الطائرات بواسطة المضادات وشبكات الصواريخ وقد فضلت التريث قليلا وانزالها الكترونيا بعد ان ادركت الجمهورية الاسلامية بالكمين المنصوب لها من خلال طائرات التجسس الامريكية ! ويكمن السر في محاولة المخابرات المركزية الامريكية من جمع معلومات عن شبكة الصواريخ الدفاعية المتحركة حول المواقع الاستراتيجية والنووية ! وتعمدت امريكا بهذه الطلعات استفزاز القوات الايرانية ومحاولة اجبارها بإطلاق الصواريخ على الطائرة ! وذلك للتعرف بدقة بالغة عن اماكن وحجم شبكات الصواريخ المتحركة بالتقاط الصور المباشرة من قبل هذه الطائرات وارسالها الى مركز القيادة الامريكية ! علما ان الدولة العبرية اول من جربت هذه التقنية في التاسع من يونيو عام 1982 في وادي البقاع اللبناني بعد استطاعتها جمع معلومات والتقاط صور من مواقع بطاريات سام السورية في وادي البقاع ، وبعد ما اوهم العدو الاسرائيلي القوات السورية آنذاك في ارسال طائرات استطلاع إسرائيلية لتسقطها صواريخ سام السورية ...
وتكتشف دولة العدو مواقع سبعة عشر بطارية من اصل تسعة عشر وتقوم فيما بعد بتدميرها !!! رابعا : بالرغم من تفوقها العسكري لم تتمكن اسرائيل من اسقاط طائرة حزب الله (أيوب) الا بعد مرور ساعات من الطيران والتقاطها للصور الحساسة والمواقع المهمة ! بينما نجد في الجانب الاخر تفوقا ايرانيا في مجالات عسكرية ومعلوماتية مهمة أبرزها هو اصطياد وانزال طائرة اسكان ايغل الامريكية والاعلان الاخير بالوصول الى تكنلوجية تصنيع صواريخ أس 300 بعد احجام الروس والتنصل من تسليم هذه الصفقة الى ايران على أثر ضغوطات امريكية واوربية واسرائيلية .. وأثبتت الجمهورية الاسلامية الايرانية انها محصنة ليس فقط في العمق الايراني حيث برهنت ذلك من قبل في انزالها لطائرة آر كيو 170 في شرق البلاد وتؤكد اليوم سيطرتها الكاملة في الجو والبر وسواحل منطقة الخليج ومضيق هرمز ! مما يبعث برسائل تحذيرية مهمة لدول المنطقة في الكف عن إيذاء ايران والتفكير بعقلانية بعدم فتح المجالات الجوية وتقديم التسهيلات للقوات الامريكية فيما لو شنت الحرب القذرة على ايران .. وبإمكاننا استقراء رسائل أخرى موجهة لدول الخليج وتركية بالكف عن التآمر على سورية وحزب الله والحركات الاسلامية في غزة بعد ما اعلن اوردغان ان مفتاح الحل ليس بيد ايران ! فجاء الرد الايراني سريعا بالإعلان عن هذه القدرات التكنلوجية والعسكرية .. بعد هذا الاستعراض والتحليل نستنتج ان القدرة الايرانية اربكت قدرات العدو وجعلته متلكئا وأفقدته صوابه في عدم الاعتراف بقدرات ايران المختلفة وبدورها أنكرت أمريكا على شعبها وشعوب العالم حقائق كثيرة وجعلتها من اسرار الامن القومي التي لا يمكن الافصاح عنها الا بعد مرور 30 الى 50 عاما وهذا ما تسمح به وكالات المخابرات المركزية الامريكية ! وهنا تكمن قوة ايران لتجبر الأعداء بخفض أهدافهم الاستراتيجية ولغتهم التصعيدية ولا يعد هذا مكسبا لإيران فقط وانما مكسبا لجميع الأحرار ودول المنطقة وسيساهم بالتأكيد في ابعاد شبح هذه الحروب المجنونة ... وقانا الله واياكم كيد الاعداء وشرورهم..
18/5/1209/ تح: علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha