التقارير / وكالة أنباء براثا
اغتنم الرئيس المصري محمد مرسي المتحدر من جماعة "الاخوان المسلمين" الثناء الاميركي والدولي الواسع على الوساطة التي اضطلع بها في اتفاق التهدئة في غزة، لتشديد قبضته على السلطة في مصر باعلان دستوري فوض الى نفسه بموجبه صلاحيات مطلقة ووضع نفسه فوق أية رقابة أو مساءلة، وجرد السلطة القضائية من صلاحياتها، في خطوة اعتبرها خصومه، وفي مقدمهم القوى المدنية، انقلاباً على الثورة التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك وكرسته "فرعونا" مطلق الصلاحية.
وفجر الاعلان الدستوري موجة غضب واسعة، هي الاوسع نطاقاً والاعنف منذ تسلم مرسي منصبه الصيف الماضي، وتسبب باشتباكات في وسط القاهرة وعدد من المدن في أنحاء البلاد، خلفت مئة جريح على الاقل، وعكست الانقسام السياسي الحاد حيال الاتجاه الذي يتعين على البلاد اتخاذه بعد سنتين تقريبا من انهيار نظام مبارك.
واستعاد ميدان التحرير الذي قصده عشرات الآلاف من المتظاهرين هتافات "ثورة 25 يناير": "الشعب يريد اسقاط النظام". كما هتف هؤلاء: "يا مبارك قول لمرسي الزنزانة بعد الكرسي" و"ارحل ارحل زي مبارك قول لي مين في الثورة اختارك".
واحرق المتظاهرون مقار حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لـ"الاخوان المسلمين" في مدن بورسعيد والاسماعيلية والسويس.
وحمل قادة القوى المدنية، بمن فيها المرشحان الرئاسيان السابقان محمد البرادعي وعمرو موسى، على قرارات الرئيس، واتهموه بأنه صار "فرعونا مستبدا يريد فرض رؤيته للإسلام على المجتمع".
وفي ساعات المساء بدأت قوى سياسية معارضة اعتصاما في ميدان التحرير لمطالبة الرئيس بالتراجع عن الاعلان الدستوري. وقال التيار الشعبي المصري بزعامة المرشح اليساري السابق حمدين صباحي الذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية في حزيران ان "التيار الشعبي يعلن بدء اعتصام من مساء اليوم في ميدان التحرير بالاتفاق مع القوى السياسية الثورية كافة"، داعيا ايضا الى تجمع حاشد في ميدان التحرير الثلثاء المقبل.
وافاد منظمو الاعتصام ان 26 حركة وحزبا سياسيا اعلنت حتى الساعة موافقتها على المشاركة في الاعتصام.
وفيما وصف ناشطون القرارات بأنها بمثابة اعلان حال الطوارئ، دافع مرسي أمام مناصرين له تجمعوا أمام قصر الاتحاد الرئاسي عن قراراته، قائلا إنه يعمل من أجل الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتداول السلطة.ودعا المصريين إلى المضي قدما نحو بناء مصر جديدة.
واشنطن وباريس
والى الغضب الداخلي، أثارت قرارات مرسي ردوداً دولية.
ودعت وزارة الخارجية الاميركية الى حل المشاكل في مصر ب"الطرق السلمية وعبر الحوار الديموقراطي".
وقالت الناطقة باسمها فيكتوريا نيولاند في بيان ان"احد تطلعات الثورة كان في ضمان عدم تركز كبير للسلطة في يدي شخص واحد او مؤسسة واحدة"، والولايات المتحدة ترى ان الاعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس المصري الخميس "يثير القلق لدى الكثير من المصريين ولدى المجتمع الدولي".
وفي باريس، خلصت وزارة الخارجية الفرنسية الى ان القرارات التي اتخذها مرسي لا تذهب "في الاتجاه الصحيح". وصرح ناطق باسمها: "بعد عقود من الديكتاتورية، لا يمكن الانتقال السياسي والديموقراطي ان يتم خلال اسابيع ولا خلال اشهر. وفي هذا الاطار، ان الاعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس المصري لا يبدو لنا انه يذهب في الاتجاه الصحيح". وأضاف: "منذ بدء الثورة دعمنا من دون اي تحفظ وفي كل المجالات انتقالا سياسيا يكون مطابقا لتطلعات الشعب المصري... كما قلنا ان هذا الانتقال يجب ان يؤدي الى اقامة مؤسسات ديموقراطية متعددة تحترم الحريات العامة...وفي اطار هذه المبادئ الاساسية لدولة القانون هناك بالطبع استقلال السلطة القضائية".
ودعا الاتحاد الاوروبي الرئيس المصري الى التقيد بـ"العملية الديموقراطية".
ومن المقرر ان تجري الدول الاوروبية مشاورات في شأن الوضع في مصر.
14/5/1124
https://telegram.me/buratha