تنعكس الأزمات السياسية والأمنية التي يشهدها العراق منذ عقود على حياة ومستقبل أطفال هذا البلد، الذي يعيش فيه نحو خمسة ملايين طفل يتيم، وتعصف به منذ تسع سنوات هجمات دامية يومية، قتل فيها مئات الآلاف.
ويقول المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان كامل الأمين، لوكالة فرانس برس، إن "المشاكل التي تتعلق بواقع الطفولة في العراق، وبينها ما ورثناه عن النظام السابق، خصوصا إبّان الحصار، أو بعد 2003، تمثل تحديات كبيرة".
وأضاف أن "أكثر شريحة متضررة (في العراق)، هي شريحة الأطفال، لكونهم الكيان الأضعف، الذي يحتاج إلى رعاية واهتمام"، مؤكدا أن "أوضاع الطفل ليست بالمستوى المطلوب، قياسا بإمكانات العراق".
وتشير وزارة حقوق الإنسان إلى أن نحو نصف سكان العراق، البالغ عددهم حوالى 32 مليون نسمة، هم دون سنّ 18 عاما.
وبحسب صبا زكي، رئيسة منظمة "الرابطة الإسلامية لنساء العراق"، التي ترعى نحو ألف يتيم، فإن هناك خمسة ملايين يتيم في عموم العراق، "70 بالمائة منهم ضحايا إرهاب وأعمال عنف".
وتوضح زكي أن "أغلب الأيتام الذين نقدم لهم الرعاية هم بين 6 إلى 14 عاما، ويعيشون تحت خط الفقر، وأغلبهم ضحايا هجمات إرهابية وأعمال عنف".
ويعيش العراق منذ اجتياحه على أيدي قوات تحالف دولي قادته الولايات المتحدة، أعمال عنف يومية، قتل فيها مئات الآلاف من رجال ونساء وأطفال.
وغالبا ما تُستَهدف الأسواق الشعبية في عموم البلاد بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة، ويقتل فيها الأطفال خصوصا، كما تستهدف المدارس بين الحين والآخر.
وتقول سهام عبد العزيز (35 عاما) والدة حسين (12 عاما) وعبد الله (10 اعوم)، التي خُطف زوجُها محمد وقتل على أيدي مجهولين في بغداد عام 2006، إنها تؤمّن عيش ولَديْها بمساعدة والدتها، التي تعمل في محل لبيع المواد الغذائية في منطقة المنصور غرب العاصمة بغداد.
ويروي حسين بصوت حزين "أتذكر أبي، كان لديه محل تجاري، ويجلب لي أشياء كثيرة كل يوم لدى عودته من العمل".
وتابع "أتمنى لو كان أبي على قيد الحياة، لكي أخرج معه ونذهب إلى السوق أو أي مكان".
وأكدت سهام أن ولدها حسين أصيب بصدمة لدى تلقيه خبر مقتل أبيه، وأشارت إلى أنه "حتى اليوم، يقول لي أساتذته دائما بأنه يعاني من حالات شرود، ولا يرد على الأسئلة حتى لو يعرف الإجابة".
ومن أكبر الهجمات الإرهابية التي استهدفت الأطفال تفجير عند ملعب لكرة القدم في 13 جويلية سنة 2005 في منطقة النعيرية، شرق بغداد، أدى إلى مقتل 32 طفلا، وقد اعتمد هذا التاريخ يوما للطفل العراقي، تخليدا لذكرى ضحايا الهجوم.
ويقول المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان، إن للسياسة أيضا تأثيرها على حياة أطفال العراق ومستقبلهم، حيث إن "الصراعات السياسية تقف في طريق معالجة مشاكل كثيرة تؤثر على حياة الطفل، بينها مشكلة بناء مدارس جديدة".
وكان وزير التربية محمد تميم الجبوري، أعلن في مارس الماضي، أن العراق بحاجة الى ستة آلاف مدرسة حاليا، وكذلك إلى 600 مدرسة إضافية في كل عام، لاستيعاب الطلبة الجدد في الدراسة الابتدائية، مشيرا إلى قلة التخصيصات المالية لمعالجة هذا الأمر. غي أنه وبخطوة يشوبها الفساد أقدم على هدم أكثر من 200 مدرسة بدعوى قدمها دون أن يبني بديلا عنها!
ويرى أن "الفجوة بين العراق والدول الأخرى كبيرة، خصوصا في مجال التعليم، نتيجة سوء إدارة الملف التعليمي إبان النظام السابق وحتى حاليا، لا تزال لدينا مشاكل كبيرة في مجال التعليم"، مشيرا إلى أن التخصيصات المالية لقطاع التعليم تبلغ نحو 6 بالمئة من الموازنة الحكومية السنوية.
ويعاني أطفال العراق من مصاعب إضافية ناجمة عن مشاكل أخرى، مثل أزمة السكن وعمليات التهجير الطائفي، التي مثلت "كارثة" على الأطفال وأدت إلى ابتعادهم عن المدارس، وزيادة في عمالة الأطفال، وفقا للمتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان.
ويقول المحلل السياسي إحسان الشمري، "كنا نأمل أن تكون هناك خطط لإعادة تأهيل قطاع الطفولة، وبناء مجتمع جديد بعد رحيل النظام السابق، لكن مصالح الكيانات السياسية والصراعات وقفت عائقا" أمام ذلك.
9/5/1112
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha