التقارير

المأزق الاستعماري في سورية ! ...تحليل سياسي بقلم : غالب قنديل *عضو المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع


 

 

ظهرت في فضاء الحرب العالمية على سورية علامات المأزق المهيمن على التحالف الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بصورة تشير إلى انعطافة إستراتيجية جديدة عنوانها الحاسم هو خطة الخروج من المأزق بعد الفشل في تدمير الدولة السورية والنيل من صمود سورية ومن خيارها المقاوم.

أولا: يهيمن على الدوائر الأميركية والغربية الخوف من التحولات الحاصلة في تركيا القوة الإقليمية الرئيسية في حلف الحرب والعدوان على سورية فمعلوم أن تركيا من بين دول الجوار السوري هي العضو في الحلف الأطلسي والدولة المندمجة في الاستراتيجيات الغربية وهي صاحبة القوة العسكرية والاقتصادية الضخمة قياسا إلى جميع الحكومات المشاركة في العدوان

كالسعودية وقطر أو تلك المجاورة لسورية وتستعمل بصورة كلية أو جزئية كمنصات للعدوان مثل لبنان والأردن، بل أكثر من ذلك إن الرهانات الغربية والخليجية تركزت خلال الأشهر الثماني الماضية على إمكانية اجتياح الجيش التركي للأراضي السورية وتعديل ميزان القوى.

ثانيا: اليوم تبدو القوة التركية مستنزفة في مشاكلها الداخلية الاقتصادية والأمنية والسياسية فالمعارضة تشن هجوما سياسيا وبرلمانيا واسعا ضد نهج حكومة أردوغان المتورطة في الحرب على سورية وحزب العمال الكردستاني يقود تمردا شعبيا وعسكريا عنيفا ضد السلطات وملامح الانقسام المذهبي التي أنتجها خطاب أردوغان للتدخل في سورية تنعكس في الداخل التركي بينما الاختناق الاقتصادي يتفاقم و يتصاعد التوتر مع دولتين كبيرتين كروسيا وإيران تمثلان عمقا حيويا لا يمكن الاستغناء عنه بقوة الجغرافيا السياسية والعلاقات الاقتصادية والتجارية الأميركيون يواجهون في المأزق التركي نتيجة الورطة السورية خطرين أحلاهما مر فإما اضطرابات شاملة متعددة المستويات تقوض القوة التركية وإما انعطافة سياسية لتركيا باتجاه التماشي مع روسيا وإيران والانسحاب من حلف العدوان على سورية.

ثالثا: المملكة السعودية التي شكلت عصب خطط الهيمنة الغربية على المنطقة منذ هزيمة حزيران والقوة الهجومية المالية والسياسية والأمنية الدافعة للسياسات الأميركية منذ الستينات عندما تصدرت المواجهة مع الرئيس عبد الناصر، هذه القوة تبدو اليوم بنتيجة الفشل في سورية منشغلة بذاتها بعد تغير بيئتها الإقليمية من العراق إلى اليمن فالبحرين ، وفي ظل الصعود

المتواصل للقوة الإيرانية ، بينما تشتد داخلها الاضطرابات وصراعات النفوذ بين الأمراء المتنافسين على وراثة العرش وحيث يظهر بكل وضوح أن الفشل في سورية يرتد نزاعا متصاعدا داخل الأسرة الحاكمة وصراعا داميا بين أجهزة الأمن وجماعات القاعدة في حين تتواصل الاضطرابات الاجتماعية والسياسية على إيقاع المطالبة بالإصلاح الداخلي.

رابعا: صعود التورط المباشر في دعم الجماعات التكفيرية والإرهابية والقاعدية ضمن سياق الحرب العالمية على سورية يبلغ نهاياته ويرتد في مسار عكسي بنتيجة المعلومات الاستخباراتية الأميركية والأوروبية عن انتشار الجماعات القاعدية والتكفيرية على الأرض السورية وتحول الفصائل متعددة الجنسيات التي حشدها بندر بن سلطان بمعونة المخابرات التركية إلى مختبر منتج لعصابات الإرهاب والتكفير على غرار ما حصل في أفغانستان في الثمانينات وبالتالي ظهور تقديرات أمنية غربية تدعو إلى تفكيك هذه الحالة وسحب اليد من منظومة دعمها الإقليمية.

خامساً : إن الرهان الأميركي على إمكانية رعاية قوى من المعارضة السورية المسلحة بمستوى التصدي لفصائل الإرهاب التكفيري ، هو رهان عقيم و غبي ، فالجماعات الليبرالية العميلة للغرب لا تمون على شيء أصلا من بنية العصابات وهي كذلك ليست لها أي سلطة على أجسام عسكرية وازنة على الأرض يمكن الرهان عليها في التصدي للعصابات.

الخيار الحصري الذي لا بد منه لمكافحة الإرهاب في سورية ولمنع تحوله إلى بؤرة تصدير باتجاه المحيط الإقليمي ونحو الغرب هو التعاون مع الدولة الوطنية السورية ودعم خططها لاستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية وهذا المفهوم الذي تتباه روسيا والصين في حواراتها مع الغرب حول سبل الخروج من الورطة هو الذي سيفرض نفسه في النهاية.

21/5/1112/ تح: علي عبد سلمان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك