اظهرت المناظرة الاخيرة بين المرشح الديمقراطي الرئيس الاميركي باراك اوباما والمرشح الجمهوري ميت رومني في (23/10/2012)، انه لا يوجد جانبان مختلفان لرؤية الرجلين حيال قضايا الشرق الاوسط.
فقد اكد المرشحان على الخط العام لسياسة الولايات المتحدة في مناصرة الكيان الصهيوني الغاصب وممارساته العدوانية والاستفزازية في المنطقة، دون اعارة ادنى اهتمام بمشاعر المئات من الملايين الذين يعتبرون "اسرائيل" خنجرا في خاصرة الامة وبؤرة للازمات والتوترات في العالم الاسلامي.
وتعمد الرجلان القفز فوق الحقائق الغربية التي تعتبر "اسرائيل" وكيلة للمصالح الامبريالية الاميركية والاوروبية كما تجاهلا استغلالها البشع لهذه الوظيفة على مستوى تحريض حلفائها خلف القارات والمحيطات، لغرض العدوان على الجمهورية الاسلامية تحت ذريعة اقترابها من صنع "القنبلة النووية".
اللافت ان اوباما ورومني مارسا ما يشبه المهزلة في مضمار المزايدة على "اخضاع" ايران، والحط من دورها ومكانتها ومكاسبها في جميع الساحات والمجالات، انطلاقا من فهمهما القاصر لطبيعة التحولات وثورة المعلومات والدور الريادي للجمهورية الاسلامية في ما يتصل بمجريات الاحداث في المنطقة والعالم.
ففي خضم الاضواء الساطعة للمناظرة الرئاسية قد يحلو للمرشحين التفوه والتشدق بكل ما يمكن ان يطرب مسامع الناخب الاميركي او الداعم الصهيوني، بيد ان القول شيء، والعمل شيء آخر، لان الوقائع تؤكد كلها على ان الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط كانت فاشلة تماما ومخيبة لآمال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة، سواء في عهد الجمهوريين (2000 ــ 2008) او في عهد الديمقراطيين (2008 ـــ 2012).
ويمكن تأكيد هذه المقولة بسهولة عبر الانسحاب العسكري الاميركي المخزي من العراق نهاية عام 2011، واخفاقات الجيوش الاطلسية والسي آي ايه في افغانستان وكذلك فشل المشاريع الاميركية والاوروبية في محاولاتها لوضع لبنان المقاومة وسورية الصامدة في بيت الطاعة الغربية ــ الاسرائيلية.
وفي هذا المضمار قد نحتاج الى مجلدات وليس لاعمدة او صفحات جرائد، لاستعراض الهزائم السياسية والعسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة على مستوى الحروب والغزوات والتحركات اللوجستية خارج نطاق حدودها عبر عشرات الآلاف من الكيلومترات.
لكننا نعترف ومعنا جميع ابناء الامة الاسلامية بان النجاح الوحيد الذي حققته اميركا في الاعوام الـ (12) الماضية، تمثل في تكريس "الارهاب الدولي" في مختلف ابعاده وتفاصيله.
وازاء ذلك لايسعنا الا ان نهنئ "الرئيسين الديمقراطي باراك اوباما" وسلفه "الجمهوري المجنون جورج بوش الابن"، على الجرائم التي ارتكباها في افغانستان والعراق، تحت ذريعة مكافحة الارهاب وتدمير اسلحة الدمار الشامل،اوالقضاء على المقاومة الاسلامية والوطنية في لبنان وفلسطين.
فقد اثبتت اميركا براعة لانظير لها في ممارسات المطاردة والاعتقال و التعذيب والاعمال الارهابية والجرائم الحربية، فضلا عن مباركتها للسلوكيات العدوانية الصهيونية في المواقف التي مافتئت محفورة في الذاكرة الانسانية، رغم ان هذه السلوكيات تقوضت بفضل سواعد ابطال المقاومة الباسلة الذين حولوا العدوان الاسرائيلي الى عيد لانتصار الامة الاسلامية كافة على "الصهيوني المتغطرس" واساطيره العسكرية الخرافية.
ويدلل ما قدمناه آنفا على ان "الرئيس الاميركي" جمهوريا كان ام ديمقراطيا، محكوم بمعطيات الواقع لا بالتمنيات او التكهنات او الرجم بالغيب ، وان هذه المعطيات كشفت حتى الان ان الاستراتيجيات والمشاريع المطبوخة في البيت الابيض والكونغرس والبنتاغون، خرجت فاسدة خلال العقدين الاخيرين، ولم تعد الا بالهزائم والاخفاقات والانهيارات الاقتصادية على شعوب الولايات المتحدة والدول الاوروبية، وهي التي خرجت في اعظم ثورة انسانية واجتماعية تحت شعار (احتلوا وول ستريت)، رفضا للسياسات الرسمية المنحازة للرأسماليين والاثرياء واصحاب الاحتكارات والكارتلات الضخمة على حساب المواطنين المحرومين والمعدمين والمعذبين في العالم الغربي.
وفي الولايات المتحدة التي يتفاخر المرشحان رومني واوباما بانهما لن يتوانيا في دعم اسرائيل الغاصبة، دون احترام تطلعات الشعب الاميركي الحقيقية، اتضح للرأي العام العالمي ان الاولوية الاولى لـ "الرئيس"، هي تنمية بؤر جديدة للارهاب تساعد على استشراء الغدة السرطانية الصهيونية في الشرق الاوسط، وهذه المرة عبر تجنيد جماعات التكفير والتطرف، مزودة "بالاموال والاسلحة والخبرات الجاسوسية الحديثة، ومسنودة بالدعم اللامحدود لزعماء البترودولار في المنطقة."
ومن المؤسف حقا ان تنخرط هذه الجماعات في استراتيجية "الارهاب الدولي" الاميركية، ظنا من افرادها بانهم يجاهدون من اجل الدين والاوطان، ومن المهم هنا تحميل وعاظ السلاطين امثال "يوسف القرضاوي" واضرابه، مسؤولية توريط ابناء المسلمين في مؤامرة صهيوغربية دون ان يستطيعوا تمييز خطورة ما يقدمون عليه، لا سيما في تحقيق مآرب "الاميركي" المنتشرة قواعده العسكرية والاستخباراتية في قطر والبحرين والمناطق الخليجية الاخرى.
ومن المؤلم جدا ان ينجح الاميركي المتصهين في تطويع "الفتوى الدينية" لفائدة اجنداته الاستكبارية التي ستمكنه من تكريس ارهابه واهدافه الفوضوية، على حساب ضرب السلم والامن والاستقرار في العالم الاسلامي
8/5/1026/ تح : علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha