التقارير

شركة بايلينغ تك النفطية العاملة في البصرة «القرنة 2» مستباح.. وشركات النفط ستهاجر بسبب قرصنة منظمة وتهديد بالقتل وسط تواطؤ الشرطة والعشائر

3919 01:04:00 2012-10-26

البصرة - حيدر الجزائري

تحرير: علي الحسيني

في مفارقة قد تطيح بكل تصريحات الحكومة عن تهيئة الأجواء الآمنة والجاذبة لشركات الاستثمار العالمية، سواء تلك العاملة في قطاع النفط او سواه، أخبر مدير أول شركة تعاقدت معها شركة لوك اويل الروسية لبناء وانشاء الابراج النفطية في حقل غرب القرنة 2، أخبر "العالم" بأن جميع الشركات النفطية في البصرة تتعرض الى "قرصنة منظمة" يديرها أفراد بعض العشائر المحاذية لمنطقة الحقل، ويفرضون على الشركات العاملة اتاوات يهددون من يرفض دفعها بالقتل. ويذكر أن بعض المهندسين "غادروا الحقل" والآخرون يفكرون بالمغادرة.

ويصف المدير الحقل النفطي بأنه "مستباح"، وان القوات الامنية "متواطئة مع المافيات"، في ظل تجاهل الجهات الحكومية لمناشدات الشركة، محذرا من "هجرة قريبة للشركات النفطية" اذا ما بقي الحال كما هو.

وفي حديث موسع مع "العالم"، قال هيثم عبد الكريم جبار، مدير شركة بايلينغ تك الاماراتية، أمس الاربعاء، ان شركته وبقية الشركات العاملة في حقل غرب القرنة 2 تتعرض الى "تهديد باستمرار من أفراد ينتمون لعشائر محاذية الى مشروع غرب القرنة، حيث نضطر الى دفع مبالغ مالية كبيرة لدرء المخاطر التي يمكن ان يتسبب لنا بها هؤلاء".

وتابع ان "بعضهم يطالب بمبالغ كبيرة للكف عن ايذاء ملاكاتنا، وبعضهم لا يكتفي بذلك، بل يفرض علينا استخدام عمال من العشائر التي ينتمون اليها". وأردف "بل انهم يصرون على حصر مشتريات الشركات بهم".

وتعد شركة "بايلينغ تك" التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، احدى الشركات المتخصصة في هندسة الأساسات وتصميم وتطوير أحدث التقنيات في مجال أنظمة الحفر. وقد افتتحت مكتبها في العراق العام 2009، ونفذت العديد من المشاريع في أنحاء البلاد، منها أعمال حفر الأساسات لمشروع المدينة الرياضية، وجسور، ومحطات لتحلية المياه، ومبان في كل من بغداد والبصرة.

وأعلنت شركة "بايلينغ تك" في كانون الاول الماضي توقيع أول اتفاقية في قطاع النفط العراقي مع شركة لوك أويل الروسية، بقيمة 36.7 مليون درهم اماراتي. وبموجب الاتفاقية تنفذ عمليات حفر الأساسات وتركيب الركائز والدعامات لانجاز اعمال قواعد ابراج النفط في حقل "غرب القرنة 2".

وفي الوقت الذي اكد جبار ان "الشركات كافة وقبل مباشرتها العمل في غرب القرنة تدفع إتاوات تقدر بـ50 مليون دينار الى افراد العشائر، وشركتنا من تلك الشركات التي دفعت ذلك المبلغ"، لفت الى انهم "بدؤوا يطالبون بالمزيد، كما ان عشائر أخرى بدأت تتحالف معهم بدعوى أن الأرض التي تقام عليها التنقيبات تعود لهم".

ووصف مدير بايلينغ تك، ما تتعرض له شركته بـ"القرصنة المنظمة"، وعزاها الى أن "المنطقة تعاني من خرق أمني كبير".

وأعلنت "لوك أويل" في 22 أذار الماضي انها وقعت عقدا مع شركة سامسونغ الكورية الجنوبية، وانكا انسات التركية، وكونسورتيوم انتربوس بروجيتس روسكو الفرنسية الأردنية لتطوير حقل غرب القرنة 2 في العراق.

وروى جبار "ذات يوم دخل علينا أفراد مسلحون بشكل مباشر الى الموقع (الكمب)، وهددوني شخصيا بالقتل، او نتقاسم معهم أرباح المشروع، وان يكون لهم دور في ادارة عمليات التنقيب والاستخراج". واستطرد "هناك تهديد لحياتي وحياة المهندسين والمشغلين الهنود الذي يديرون 18 آلية تزيد سعر الواحدة عن مليون دولار، وغيرهم من العمالة".

واردف جبار "حاولت تهدئتهم، ودخلت معهم بمفاوضات من اجل استمرار العمل، لكن بعض المهندسين انهاروا من الحالة وقدموا استقالاتهم لأن الحياة اهم من العمل".

وأظهر مدير الشركة التي تتولى تأسيس دعامات الابراج النفطية في غرب القرنة 2 يأسه مما يجري له ولزملائه، وقال "قد أصل الى مرحلة ترك العمل"، مشيرا الى انه "قرار جميع الشركات المماثلة التي تعمل في غرب القرنة او سواها من المشاريع النفطية".

وتبلغ مساحة حقل غرب القرنة 830 كليومترا مربعا، اي 90 بالمائة من مساحة قضاء المدينة. وتصل مساحة حقل غرب القرنة 2 الى اكثر من 420 كليومترا مربعا. ويعد واحدا من أكبر حقول النفط في العراق، إذ تقدر احتياطاته بأكثر من 12 مليار برميل، وتتوقع منه الحكومة انتاج نحو مليوني برميل يوميا في السنوات المقبلة.

وأفاد جبار بان شركته وشركات اخرى قبلت مرغمة بتوظيف بعض ابناء تلك العشائر، قائلا "كل عمالتنا من المنطقة، وهم لا يصلحون الا في الخدمات، لأنهم عمالة غير ماهرة، ومع ذلك تطالبنا العشائر بان يشغل ابناؤها وظائف لا يفقهون فيها شيئا".

وزاد "تفرض العشائر علينا عاملا عاديا على ان يكون بعنوان حفار وهو لا يعرف شيئا عن عمل الحفر وآلاته، او متعهد للطعام وهو لا يجيد الطبخ والاعتناء بالنظافة والشروط الصحية"، معتبرا ان افراد تلك العشائر "يعدون مشكلة كبيرة، لانهم عادة ما يتمردون على رؤسائهم ولا يلتزمون باوقات الدوام ويطالبون برواتب عالية، وعندما نطالبهم بالالتزام يهددوننا بالقتل".

ونبه الى ان "جميع الشركات النفطية تتعرض الى استفزازات حقيقية، لكن اغلبها تخاف من التكلم او من اراقة الدماء، لذا تضطر الى الرضوخ لطلبات تلك العشائر حتى الانتهاء من تنفيذ المهام المطلوبة منها بناء على العقود المبرمة معها".

وعن دور رجال الامن وعناصر الحماية التي يفترض انها تطوق المشروع وتحمي العاملين فيه، اوضح مدير مشروع غرب القرنة عن شركة بايلينغ تك، ان "حقل غرب القرنة والمنطقة المجاورة بأكملها، غير محكمة امنيا ويمكن اختراقها بكل سهولة عن طريق المعارف، لأن عناصر الحمايات ينتمون الى تلك العشائر مما جعلهم يعرفون جميع تحركاتنا، وهم لا يمنعون دخول الاقرباء كالأخ وابن العم، في الوقت الذي أعاني منه انا وعمالة الشركة من اجراءات الدخول الصعبة، واحيانا يتم تأخير الموافقة على دخول مواد للمشروع بسبب التشدد الامني المفروض علينا فقط".

وفيما اكد ان "هناك تقصيرا في واجب المسؤولين الامنيين من ضمنهم شرطة النفط"، كشف ان الشرطة المسؤولة عن حمايتهم "اعطت الضوء الاخضر لتلك العشائر بأخذ المبالغ المالية من الشركات، لذا فهم عندما يأتون الينا يأتون وهم اقوياء وبدون خوف من الحمايات الامنية"، واصفا موقع العمل في غرب القرنة بأنه "مستباح، حيث يشهد وبشكل منظم اعمال تخريب". وزاد ان "بوابة الموقع تعرضت الى التخريب اكثر من مرة مما جعل الموقع مفتوحا امامهم دون رادع او خشية من احد".

وفي معرض اجابته عما اذا كان هو وزملاؤه قد أبلغوا الجهات الحكومية حول ما يتعرضون له، بين مدير بايلينغ تك "ناشدنا كل الجهات بلا استثناء، كما ان شركة لوك اويل، اتصلت بشركة نفط الجنوب وكل الجهات المعنية وقامت بوضعها في صورة ما يجري لنا، لكن لم يحصل أي تغيير على ارض الواقع". وناشد جبار من جديد كل الجهات "بفرض الامن وتحصين المواقع النفطية في المنطقة".

ومضى بالقول ان "رئيس الوزراء قدم الوعود الكثيرة للشركات الاجنبية والنفطية بتوفير الحماية والاجواء المناسبة لعملها، لكن الواقع يشير الى العكس، مع ان شركات التراخيص التي فازت بالعقود لا تعمل بنفسها وانما تعاقدت مع شركات اخرى، فكيف سيكون الحال لو جاءت الشركات نفسها"، محذرا "اذا بقي الامر كما هو ستكون هناك هجرة عكسية ولن تبقى شركة تعمل في العراق".

وكان رئيس الحكومة نوري المالكي وجه في 3 تشرين اول الحالي بتذليل الصعوبات والمشاكل التي تعرقل عمل شركة لوك أويل الروسية في العراق.

وقال مكتب المالكي في بيان له إن "رئيس الوزراء استقبل، اليوم (3-10-2012)، بمكتبه الرسمي رئيس شركة لوك أويل الروسية وحيد علي اليكبيروف والوفد المرافق له"، مبينا أن المالكي "استمع إلى شرح بشأن عمل الشركة ومساعيها لتوسيع مشاريعها في العراق". وأضاف أن المالكي "وجه بتذليل الصعوبات والمشاكل التي تواجه عمل الشركة".

في الأُثناء، اعترف باسم صالح، قائم مقام قضاء المدينة الذي يعد حقل غرب القرنة تابعا له، بان الشركات النفطية تواجه تهديدا حقيقيا في عملها، قائلا ان "التهديدات موجودة من قبل ضعاف النفوس في المنطقة الذين يقومون باستغلال الشركات النفطية"، واستدرك "الشركات هي من فتحت الباب عليها امام أولئك من خلال دفع الاموال لهم من دون مقابل، وعبر الاستجابة لمطالبهم". واضاف "نحمل الشركات النفطية العاملة مع شركات جولات التراخيص مسؤولية ذلك".

وبشأن ضعف تأمين حماية مواقع الشركات والمواقع النفطية وكثرة الخروقات والمنافذ التي يستغلها المهددون، بين صالح في مقابلة مع "العالم" امس، ان "مساحة حقل غرب القرنة واسعة جدا، وتحتاج الى قوة كبيرة وتوفير للحماية في كل مكان، من جانب آخر ان المزارعين لديهم اراض مزروعة وما زالت تحت تصرفهم، اذ ان النفط لم يستغل كل الاراضي، وبعضهم لديهم مواش بحاجة الى الرعي، وبالتالي لا يمكن منع جميع المزارعين من الوصول الى المنطقة التي تتواجد فيها تلك الشركات".

وذكر ان "حماية المنشآت النفطية هم المعنيون بهذه القضية، ويفترض بهم وضع اجراءات صارمة، الا انهم يقولون انهم لم يتلقوا اي بلاغ من اي جهة تعرضت للتهديد او التجاوز". وأعقب أن "وزارة النفط وشركة نفط الجنوب لديهم القوة الكافية لتأمين الحماية لشركات التراخيص والعاملة معها".

ولشركة لوك اويل 75 بالمائة في مشروع غرب القرنة 2 بعدما اشترت حصة شريكها الاصغر شتات اويل النرويجية في حزيران الماضي، فيما تملك نفط الجنوب الحكومية 25 بالمائة.

وكانت وزارة النفط وقعت عقدا أوليا في 2009 عن المرحلة الثانية من تطوير حقل غرب القرنة مع لوك أويل و شتات أويل ضمن جولة التراخيص الثانية، تدفع بموجبه دولارا و15 سنتا لقاء البرميل المنتج.

وعن فرض بعض العشائر المتواجدة بالقرب من منطقة الحقل على الشركات النفطية توظيف ابنائها، افاد صالح بأن "العقود التي تبرم مع الشركات العاملة تفرض على اصحاب الشركات عبر تعهد امام شركة نفط الجنوب بان تقوم الشركات بإرضاء اهالي المنطقة التي يعملون فيها"، لافتا الى ان "لجنة التعويض الرضائي المشكلة وفق قرار مجلس الوزراء 149 لسنة 2011 واجبها تعويض الاضرار التي تسببها الشركات النفطية للمزارعين، اي تعويض ما فوق الارض، وتم جرد الاراضي ووصلت جميعها 720 قطعة، وتم تعويض 450 قطعة والمتبقي قيد الانجاز، والشركات النفطية باشرت اعمالها وبعض المواطنين استلموا التعويضات وبعضهم ينتظر".

واقر صالح في ختام المقابلة بان بعض "الذين تم توظيفهم من قبل تلك الشركات اخذوا يستغلون وجودهم ويسيئون للشركات العاملة مع الشركة المستثمرة".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
هنادي نبيل محمد جعفر
2013-01-27
اني مهندسه وقود وطاقه ارغب بلعمل لديكم في اختصاصي , او سكرتيره , اجيد المراسلات وبرامج الوورد والاكسل والبور بوينت والاوتوكاد واجيد اللغه الانكلييزيه بصوره جيده جدا
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك