يدنو بحذر الحلاق أبو صلاح (36 عاما) من أحد معارفه، ويشير بحركة من رأسه لشاب يجلس داخل محله منتظرا دوره بالحلاقة، ويقول له بصوت منخفض أن هذا الشاب "الوديع اللطيف" كان قبل فترة قصيرة عنصرا نشطا بتنظيم مسلح في المنطقة، ومشهورا بعنفه وتطرفه، قبل أن يتغير فجأة ويتحول إلى "إيمو".ثم يبتسم لصديقه مستدركا بلهجة شعبية،"هم زين يمعود تغير وصار حباب ومن جماعة ايمو القاعدة وليس من عناصر القاعدة، الذين كانوا يتربصون بالحلاقين ويهددونهم في كل مكان.ويقول أبو صلاح ،الذي يمتلك محلا للحلاقة في أطراف منطقة المفرق (6 كم غرب بعقوبة)،لـ"السومرية نيوز"، إن "هناك العديد من الشباب المنخرطين في صفوف الجماعات المسلحة يأتون إلى المحل لغرض الحلاقة".ويتابع قائلا "طبعا نحن لا نعرف إذا ما كان هؤلاء قد تورطوا بدماء الأبرياء أم لا، وهو أمر يعود للأجهزة الأمنية والقضاء العراقي وليس لنا، لكننا بدأنا نسميهم على أية حال بجماعة "ايمو القاعدة".حلاقون:ظاهرة الايمو موجودة ونخشى البوح بها
ويصف الحلاق احمد جاسم وهاب بمنطقة الرحمة غرب بعقوبة، الشباب الذين تخلوا عن التنظيمات المسلحة في الآونة الأخيرة بأنهم "هوائيون في تفكيرهم ودفعهم حماسهم لحمل السلاح"، لافتا إلى أنهم "سرعان ما عادوا إلى حياتهم الطبيعية".ويعتقد وهاب أن "واحدا من كل خمسة زبائن لديه كان منخرطا بصورة مباشرة أو غير مباشرة في صفوف الجماعات المسلحة"، مشيرا إلى أن "شباب الجماعات المسلحة السابقين أصبحوا الان ايمو حقيقيين في ظل إقبالهم على قصات الشعر الحديثة وارتداء الملابس المزخرفة".ويؤكد حلاق آخر ويدعى هادي حسن "وجود ظاهرة ايمو القاعدة"، لافتا إلى "أننا ندرك الأمر لكن نخشى البوح به بشكل علني خشية من استهدافنا مباشرة".ويشير حسن إلى أن "تنظيم القاعدة فرض على عناصره في الفترة السابقة قصات شعر معينة ومنع عنهم العطور كذلك"، موضحا أن "اغلب الشبان ممن كانوا في صفوف القاعدة عادوا إلى حياتهم الطبيعية وأصبحوا أكثر إلحاحا على قصات الشعر الحديثة".نقشبندي سابق : نريد الاستمتاع بمزايا الحياة العامة وارتداء الملابس الأنيقة
ويقول عنصر سابق في تنظيم النقشبندية ويدعى حسام خالد (26 عاما) "أنا من الشباب الذين أدركوا حقيقة أجندة الجماعات المسلحة، واتخذوا قرار الابتعاد عن صفوفها بعد معرفة مسارها الحقيقي وخاصة بعد خروج "المحتل".ويضيف خالد أن "الحلاقة وارتداء الملابس الأنيقة أمر شخصي، لكن البعض أسرف به على نحو باتت المظاهر الخارجية توحي بالكثير وتدفع إلى رسم تعليقات ساخرة"، موكدا أن " الكل يبحث عن الاستمتاع بمزايا الحياة العامة".ايمو القاعدة نكتة من اختراع حلاقي بعقوبةفيما يرى مصعب نوري وهو عنصر سابق أيضا في الجماعات المسلحة أن "ايمو القاعدة مجرد نكتة ابتكرها حلاقو بعقوبة في محاولة منهم للاستهزاء بتنظيم القاعدة"، مبينا انه "لا توجد أي مؤشرات على وجودها".ويضيف نوري وهو شباب يبلغ من العمر 28 عاما أن "أي حداثة في عالم الموضة والشعر أمر طبيعي لكن هناك من يحاول إثارة الأمر".باحث : الفراغ الموجود بحياة المسلحين بعد ترك السلاح دفعهم إلى الايموويقول الباحث الاجتماعي عبد الباقي اللهيبي إن "اغلب الشباب يعانون من أزمة وجود فراغ كبير في حياتهم نتيجة البطالة وروتين الحياة"، مبينا أن "هذا الفراغ ادى بالبعض إلى ارتكاب الأخطاء في الماضي وهذا ماحدث قبل عدة سنوات، عندما انظم الكثير من الشباب لصفوف الجماعات المسلحة".ويضيف اللهيبي في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "هؤلاء الشباب سرعان ما تخلوا عن السلاح، إلا أن الكثير منهم لا يزالون يعانون من إرباك ذهني نتيجة عدم إقرارهم نقاط محددة في حياتهم، لذا برزت بالآونة الأخيرة ظواهر اجتماعية عدة أبرزها الايمو"، مبينا أن "التطرف هو المشترك في سلوكهم سواء بالقتال أو بقصات الشعر.مواطنون:ظاهرة الايمو تليق بعناصر الجماعات المسلحةويقول المواطن جاسم محمد (45 عاما) إن "ظاهرة الايمو غير موجودة على نحو علني لكن هناك أشخاص يمثلون هذا الظاهرة على ارض الواقع"، مشيرا إلى أن "هؤلاء لا يملكون أي شخصية أو مبادئ يؤمنون بها ولعل وجود عناصر مسلحة في صفوفهم أمر غير مستغرب".ويضيف محمد في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "المثلية وتعاطي المخدرات والخمور كلها علامات تؤشر على أخلاق الجماعات المسلحة"، لافتا إلى أن "الانخراط في ظاهرة الايمو صفة مستحدثة يحاولون اكتسابها".فيما تصف المواطنة رباب محمد الخالدي "الايمو بأنهم أراذل الرجال ويمثلون شريحة سرطانية تحاول الأساءة لمعاني وقيم الرجولة"، مبينة أن "هذا الظاهرة تليق بعناصر الجماعات المسلحة لأنهما يشتركان في الصلة ذاتها".وتؤكد الخالدي أنها "تعرف شخصا في منطقتها جرف الملح (6 كم شمال شرق بعقوبة)، كان منتميا إلى إحدى التنظيمات المسلحة، لكنه الان تغير وأصبح ايمو المنطقة".لجنة ديالى الأمنية: لجوء المسلحين لظاهرة الايمو دليل على أنهم يعانون الضياعولم يستبعد نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى دلير حسن "انخراط عناصر سابقة للجماعات المسلحة في ظاهرة الايمو، لان انتهاج الفكر المتطرف يجري في دمائهم".ويضيف حسن في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "اغلب عناصر الجماعات المسلحة تعاني اضطرابا ذهنيا وليس لديهم إيمان بشي في الحياة"، معتبرا أن "لجوء البعض منهم إلى ظاهرة الايمو دليل على أنهم شريحة تعاني الضياع".صحوة ديالى: عناصر الجماعات المسلحة تشبهوا بالنساء
ويؤكد مسؤول قوات الصحوة في ديالى سامي الخزرجي أن "الكثير من عناصر الجماعات المسلحة ابتعدوا في الفترة الماضية عن مضمار العمل المسلح بعدما شعروا بان هناك أجندة تريد أخذهم إلى حافة الهاوية".ويوضح الخزرجي في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "اغلب المنخرطين في صفوف الجماعات المسلحة من شريحة الشباب ليسوا لديهم إيمان حقيقي بمبادئ تلك الجماعات، إلا أن عوامل عدة دفعتهم إلى هذا المضمار".فيما يقول القيادي في صحوة ديالى محمد ناجي الجبوري إن "جزءا ليس قليلا من عناصر الجماعات المسلحة كانوا ذوي سمعة سيئة"، لافتا إلى أن "البعض منهم لجئوا بعد ترك صفوف الجماعات المسلحة إلى التشبه بالنساء في مظهره الخارجي، وهذا ليس أمرا غريبا لان هذه هي حقيقتهم".ويضيف الجبوري في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "ظاهرة الايمو تعني الفساد بالنسبة لنا لكنها تبقى اقل ضررا من فساد القاعدة الذي هو أشبه بقوم لوط في الكثير من الأحيان".
وشهدت العديد من مناطق محافظة ديالى وخاصة مركزها مدينة بعقوبة خلال الفترة الأخيرة، لجوء الكثير من شبابها وخاصة الذين كانوا ينتمون في السابق للتنظيمات المسلحة، إلى ارتداء الملابس الضيقة والملونة، إضافة إلى قصات شعر غريبة، لكن أصداء هذه الظاهرة دفعت بالعديد من الشباب إلى التخلي عن تقليعات الشعر خشية أن تلصق بهم تهمة الانتماء إلى هذه الجماعة، في حين أقر العديد من أصحاب محال الحلاقة بانخفاض ملموس في الطلب على تلك القصات نتيجة "حمى الايمو".يذكر أن الايمو Emo تعني باللغة الانكليزية الحساس أو العاطفي أو المتهيج ويتبع مقلدو هذه الظاهرة نمطاً معيناً في الحياة يتمثل بالاستماع لموسيقى معينة تنتمي لموسيقى الروك وتسريحة شعر معينة وملابس سوداء، وسراويل ضيقة جداً أو فضفاضة جداً وأغطية المعصم
https://telegram.me/buratha
