تعددت عمليات الهجوم على سجن بادوش ومحاولات تهريب سجناء فى السنوات الأخيرة كان آخرها الثلاثاء الماضى عندما اقتحمه ارهابيون مسلحون وتمكنوا من السيطرة على السجن وقاموا بتهريب عدد من السجناء ممن كانوا يقضون مدد أحكام صدرت بحقهم.
فما هى قصة هذا السجن ؟ وقصة هذه العمليات وخاصة العملية الاخيرة ؟تقع ناحية بادوش 20 كم شمال غرب محافظة نينوى، وتشتهر بوجود سجن بادوش فيها والذي يطلق عليه (السجن الاقليمي الاصلاحي) التابع لوزارة العدل ويعتبر ثاني اكبر السجون العراقية بعد سجن (ابو غريب) .بدأ العمل في بناء هذا السجن عام 1979، وانتهى عام 1986 على مساحة تقدر بأكثر من كيلو مترين مربع , يصل ارتفاع سوره الى اكثر من أربعة امتار، بحسب البيانات الموجودة في سجلاته والتي حصلت عليها (اصوات العراق ) المستقلة .
تنتشر نقاط الحراس أمام باب السجن، وفي نقاط عديدة داخله وخارجه ، وتقسم ردهاته الى ردهات خاصة بالاحكام الثقيلة والاحكام الخفيفة وقاعات للتاهيل لمن انهى فترة محكوميته ، بحسب ما افاد به المحامي فارس البكوع . ومن يجول بنظره حول جدران السجن ومقدار ارتفاعه والاسلاك الشائكة التي وضعت فوقه ، يكون على يقين تام بعدم نجاح محاولة أي نزيل في الهرب منه , ولكن حالات الهروب تكررت، وإختمت بهروب جماعي.
البداية كانت مع النزيل الارهابي (ايمن سبعاوي ابراهيم الحسن) الذي فر يوم 9 كانون الاول ديسمبر عام 2006 بمساعدة ضابط الخفر الملازم خليل ذنون. النزيل ايمن وكما هو موجود في اضبارته من مواليد 1971، تم الحكم عليه بتاريخ 2682005 لمدة ستة اعوام من قبل المحكمة المركزية في بغداد بتهمة معاداته للحكومة العراقية والقوات الامريكية. وطويت صفحة ايمن السبعاوي بدون اي مشاكل سوى وجود مدير السجن ومعاونه رهن الاعتقال بحجة التقصير.
بعد عشرين يوما من هروب ايمن، وتحديدا في ثالت ايام عيد الاضحى المبارك اندلعت اعمال شغب في السجن من قبل بعض نزلائه في محاولة منهم للهرب مستغلين زيارة ذويهم حيث قاموا بالاختباء بين زوار السجن من النساء والاطفال في الوقت الذي اضرم فيه اخرون النار في احدى صالات الطعام في محاولة منهم لاشغال المسؤولين بأطفاء الحريق .
يتألف سجن بادوش من قواطع عديدة ، يحتوي كل قاطع منها على ثمان قاعات، وقد حدثت اعمال الشغب في قاعة واحدة فقط تم فيها تحطيم الاثاث وحرقه واشار العقيد علي محمود مدير السجن فى حينه ان بقية القاعات والتي تحتوي على ارهابيين سودانيين ومصريين وصوماليين واتراك لم تسجل أي محاولة للهرب في تأكيد منه على وجود الخلل في احدى القاعات والتي تحتوي على نزلاء من مدينة الموصل حصرا. صدر بعدها بيومين قرار من وزارة العدل يقضي بعقوبه نزلاء سجن بادوش بقطع الزيارة عنهم لمدة 30 يوما على خلفية ما حدث في السجن. و تم نقل 37 سجينا من نزلاء السجن الى سجن سوسة في محافظة السليمانية ممن شاركوا باعمال الشغب الاخيرة كعقوبة لهم.
كما امر اللواء واثق محمد عبد القادر الحمداني مدير الشرطة في حينه سحب جميع اجهزة الموبايل الموجودة لدى نزلاء السجن كعقوبة اضافية وانتهى الامر عند هذا الحد.
الا ان ارهابيين مسلحين وهم من تنظيم القاعدة الارهابي هاجموا في الساعة الخامسة والربع الثلاثاء الماضي السجن واقتحموه وأطلقوا سراح عدد من المعتقلين بدون أي مقاومة تذكر.
هشام الحمداني، عضو مجلس المحافظة ومسؤول اللجنة الأمنية في الموصل قال في اتصال هاتفي مع (اصوات العراق) " العملية كانت مبيتة مسبقاً وكتبت تقريرا بهذا الموضوع من قبل عن المعلومات التي وصلتنا من مصادرنا" وتابع الحمداني قوله " كذلك كتب العقيد يحيى قاسم مدير إستخبارات شرطة نينوى فى 8/2 تقريرا وآخر فى 17/ 2 كان نصهما ( أن أبو عمر البغدادي المنتمي الى تنظيم القاعدة وما يسمى بالدولة الأسلامية دخل الى الموصل مع 300 من المسلحين بغية الهجوم والسيطرة على سجن بادوش لإطلاق سراح بعض المعتقلين وبالتحديد المعتقلين العرب الجنسية ، وسيستخدمون قنابل يدوية وقنابل غازات سامة، وأن هذه العملية تم التخطيط لها بشكل دقيق." ولكن وللاسف لم يستجب لنا ولم يتخذوا الإجراء اللازم".
وقال الحمداني " عن نفسي قدمت نسخة من التقرير الى رئيس مجلس المحافظة بإعتباره المرجع الرسمي لي، والعقيد يحيى قدم تقريرين للجنائية والحركات." واشار الحمداني الى انه طرح الموضوع في الاجتماعات الامنية، وقال" كنت في كل اجتماع خاص بالاجهزة الامنية اطرح الموضوع، ولكن دون جدوى، ووقعت العملية مثلما كنا نطرحها. وبالفعل قام الارهابيون بالهجوم على سجن بادوش يوم الثلاثاء في الساعة الخامسة والربع وبدات العملية أولاً بتفجير سيارة مفخخة في منطقة اليرموك على مقر لقوات الجيش العراقي وأدت الى أستشهاد أربع مواطنين وجرح ثمانية عشر مواطن بينهم احد أفراد الجيش شهيد وأخر جريح," وعادة ما تعقد في مبنى المحافظة اجتماعات دورية امنية تضم المسؤولين الامنيين في المحافظة وقادة الشرطة والجيش وقادة القوات الامريكية الموجوده في الموصل لبحث تطورات الحالة الامنية في المحافظة.
العقيد احمد عبد الله من قيادة الشرطة قال في اتصال هاتفي " لقد قاموا بزرع عدد من العبوات على الطريق المؤدي الى بادوش ليعرقلوا امدادات القوات الأمنية أثناء تنفيذ العملية، وبالفعل أنفجر عدد منها، كذلك قاموا بقطع التيار الكهربائي على المنطقة. " وتابع " تم الهجوم على سجن بادوش بثمانية عشرة سيارة من نوع اوبل، كل سيارة تحمل ثلاثة من المقاتلين ومعهم سيارتين من نوع بيكب تحمل أسلحة مختلفة، وكذلك شاحنة من نوع إسكانيا تحمل دوشكات، وقاموا اولاً بإستهداف نقاط الحراسة المحيطة بالسجن على شكل أبراج وسيطروا على خمسة من الحرس واخذوهم كرهائن وهددوا حرس البوابة الرئيسية بقتل الرهائن في حال عدم فتح الباب، وتم فتح الباب بإستخدام القذائف."
واسترسل عبد الله " لقد دخلوا الى قسم التسفيرات ويوجد فيه عراقيون بأحكام خفيفة وسألوهم أين يوجد العرب الجنسية ؟، فقالوا لهم أنهم في قسم الخفيفة ودخلوا الى قسم الخفيفة وأطلقوا سراح 44 شخصا من المعتقلين بينهم ليبيين وسوريين وأردنيين وسعودييين و17 عراقيا من المحكومين بأحكام خفيفة وأربعة عراقيين من تنظيم القاعدة، وخلال ذلك قتل منهم اثنان، وبعد ذلك حاولوا إقتحام قسم الثقيلة لأن به عدد كبير من المعتقلين العرب المحكومين بأحكام نهائية من خمس سنوات وشهر الى الإعدام."
واضاف "عدد المعتقلين الفارين 140 شخصا، وبالفعل كان في قسم الخفيفة 140 شخصا ولكن سبعين منهم كانوا عراقيين محكومين بأحكام خفيفة وعلى وشك اطلاق السراح ، لذلك لم يذهبوا معهم، ولكن سبعين منهم هربوا ووصلتنا معلومات بأن قوات الأمن العراقية إعتقلت 42 شخصا منهم على الحدود العراقية السورية. "هشام الحمداني تحدث لـ (اصوات العراق) قائلا " بخصوص مسؤولية القوات الأمنية المتواجدة في السجن، فقد صدر امر من رئيس الوزراء بإعتقالهم والتحقيق معهم حتى تتبين الحقيقة، والتحقيق جاري، وفي حال ما تبين أنهم مقصرون سوف يتم محاسبتهم وفق القانون، كذلك تم وضع آلية جديدة لإدارة السجن من قبل قوات الجيش والشرطة مشتركة".
من جهته ، قال العقيد يحيى قاسم محمد مدير الإستخبارات " قدمت تقريرين حول هذا الموضوع حسب ما وصلت إلينا المعلومات من مصادرنا حول دخول أبو عمر البغدادي الى الموصل مع عدد من الارهابيين المسلحين وهدفه إقتحام سجن بادوش وإطلاق سراح المعتقلين من الجنسيات العربية من تنظيم القاعدة، ورفعت تقريرين مفصلين الأول بتاريخ 8 شباط والأخر بتاريخ 13 شباط، وقدمت نسخة الى رئيس مجلس المحافظة والمحافظ، وآخر الى قائد الشرطة والعمليات، وهذا واجبي كجهاز إستخبارات ...اما التحضير وصد العملية فهو واجب الجهات الأخرى, وحسب المعلومات الوارده إلينا ان هناك إتفاقا بين السجناء الفارين وعدد من الحراس قبل بدء العملية، وعلى أساس ذلك تمت العملية ، وبكل الأحوال الآن جميع العاملين في السجن معتقلين بينهم المدير، والتحقيق جاري معه حتى تتبين الحقيقة".
اللواء واثق الحمداني قائد شرطة نينوى قال بدوره " عدد الفارين سبعين شخصا ، وما قيل أن من بين الفارين أولاد بارزان ووطبان الأخوة الغير أشقاء الطاغية المقبور صدام فهو عاري عن الصحة ولا يوجد اي شيء من هذا القبيل".
وكان عدد من الارهابيين المسلحين أثناء تنفيذ العملية نزلوا في بعض المناطق السكنية في الموصل مثل حي الصحة وحي البعث وحي الأقتصاديين والجمهورية، وقال قائد شرطة نينوى" نعم لقد نزل عدد من المسلحين في بعض أحياء الموصل أثناء تنفيذ العملية بهدف المشاغلة وقطع الإمدادت والتعزيزات الى الموقع".
وإلى هنا توقف الحديث .. ولكن هل إنتهت القصة عند هذا الحد ؟ أم مازال لها بقية؟
https://telegram.me/buratha