التقارير

أطباء العراق : لن نعمل بعد اليوم .. أوقفوا تهديدات العشائر

2458 14:30:00 2012-05-29

وكالات

(تنوه بأن براثا نيوز تعيد نشر هذا التقرير الذي تداولته العديد من وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الزميلة لأهميته ، وإسهاما منها في التصدي للظاهرة الخطيرة التي يؤشرها، وتتمنى الوكالة على جميع وسائل الإعلام أن تأخذ دورها  بالتصدي أيضا لهذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية التي تعصف بمجتمعنا.) المحرر....

الطبيب يكاد ان يكون الوحيد من بين كل العاملين على خدمة المواطن، الذي لن يطالبك برشوة ولا بمعرفة مسبقة بمدير ما او موظف متنفذ لكي يقوم بواجبه ازاءك، لذا فهو الوحيد الذي يعود المواطن لبيته بعد زيارته له وهو مرتاح البال مشبعاً بالامل.

والطبيب لاسيما في عصر تزوير الشهادات واعتماد الواسطات يكاد يكون الوحيد الذي يصل لوظيفته والمراتب العليا بجهده وكفاءته فقط. لذا صار حلم كل الأمهات والآباء ان يصبح ابنهم طبيبا، حيث يحظى بمنزلة رفيعة ومهيبة بين كل فئات الناس، لاسيما الطبيب الذي يحترم مهنته وقسمه والذي يعد الطب غاية إنسانية لإنقاذ الناس ومساعدتهم للتخفيف من معاناتهم النفسية والجسدية.

لماذا أطباء العراق اليوم لا يتمنون لأبنائهم أن يصبحوا أطباء! واذا لا يحبون غيرها يشجعونهم على الصيدلة؟. هذا ما ذكره لي معظم أطباء مستشفى الصدر الذين قابلتهم بعد ان سمعت عن عزمهم على الإضراب!.

بعد ان توارت تهديدات القاعدة والعناصر المجرمة للنخبة من الشعب العراقي لاسيما الأطباء وتنفسنا الصعداء وقد تخلصنا من المختطفين الذين وجدوا بخيرة أبناء الشعب فرصة للربح والمساومة.. يفاجأ أطباؤنا بمواصلة معاناتهم مع ذوي المرضى وعشائرهم!.

أكثر الأطباء عرضة لمخاطر التهديد بالقتل وبإغلاق عياداتهم هم الأطباء الجراحون والعاملون في مستشفيات الأحياء الشعبية، وهذه الظاهرة يعاني منها أطباء العراق منذ زمن تخلي الدولة او الحكومة عن مسؤوليتها بحماية المواطن واداء خدماتها له لاسيما في فترة التسعينات من القرن الماضي! لكنها استفحلت بالآونة الأخيرة بشكل مخيف، بسبب تزايد حجم الجهل والتخلف وتقهقر المجتمع اشواطا من عمر الزمن للوراء، مما يهدد المنظومة الصحية والاطباء وكذا حياة المواطن المريض فيما اذا اضطر الطبيب للهرب للخارج خوفا على سلامته وسلامة عائلته او اذا قرر الإضراب عن مزاولة مهنته التي تتوقف عليها سلامة المواطن وحياته.

وبالرغم من حجم المعاناة التي يعيشها المواطن العراقي بكل فئاته من سوء الخدمات ، عاد الكثير من المهجرين والمهاجرين العراقيين ومنهم الاطباء، مدفوعين بحب الوطن وحبهم للناس ومحاولتهم لتقديم خدماتهم لاناسهم ووطنهم، واذا بهم يواجهون كل ذلك ويتحملونه بشجاعة وصبر لتأتيهم تهديدات المتخلفين والمتهورين الذين لا يعترفون بقانون ويستغلون ضعف الدولة وضعف مراقبة تنفيذ القوانين والقرارات ليمارسوا اعمالهم الإرهابية ضد الأطباء ليجبروهم على الرحيل كما لو أنها عملية انتقام من الشعب العراقي من خلال حرمانه من علمائه وأكاديمييه واطبائه!. او هي وسيلة مبتذلة للتجارة بارواح الناس!.

وقد سمعت عن البعض ممن يرمي بنفسه امام سيارة لعله ينجرح ويطالب السائق بتعويض مجز! وآخر يتدخل بعمل الطبيب ليتسبب بموت المريض من ثم يطالب الطبيب بتعويض او فصل عشائري!؟

لذا قرر الاطباء وأخص الجراحين العاملين في مستشفى الصدر (القادسية سابقاً) في مدينة الثورة الاضراب عن اجراء العمليات الباردة، لحين تدخل الدولة لحمايتهم وتوفير الاجواء الانسانية الصحية ليزاولوا مهنتهم باجواء طبيعية بعيدا عن التهديد والاهانة. بعد ان تعرض زميلهم الدكتور فاضل اللامي اشهر جراح في المستشفى للتهديد العشائري من قبل عائلة مريض توفي، الذين اعطوه مهلة اي (عطوة) كما يسمونها لدفع جزية عن موت مريضهم! وذكر لي الدكتور فاضل عن ملابسات الموضوع «انه قد حول المريض لمدينة الطب لتوفر الاجهزة المطلوبة لفحص المريض ومعالجته لكن اهل المريض رفضوا نقله بحالة تحد واصرار، وتمكنت من اقناعهم وواصلت متابعة المريض حتى في ايام الاجازة».

لا يمكن تفسير موقف اهل المريض الا بحالة إنهم ارادوا موته وهو رجل كبير السن ربما ليورثوه! وقد جاءت الفرصة ليضربوا عصفورين بحجر في حالة موت المريض لن يكتفوا بتقسيم الارث، بل سيحصلون على الملايين التي سيفرضوها على الطبيب! مع أن المتعارف عليه في مثل هذه الحالات ان الذي يحاسب هو المستشفى، الذي هي في تلك الحالة (مدينة الطب) وليس الطبيب الذي حول المريض لها.

والطبيب ليس روبوت او مخلوق آلي لايخطأ وان حصل خطأ فهناك لجان طبية للتحقيق ومعاقبة الطبيب فيما لو ثبت خطأه او اهماله للحالة. وهذا يحصل في كل دول العالم وكل المستشفيات. اما ان يتعرض الاطباء للتهديد المتواصل من قبل اهل المريض او قبيلته فهذا امر شاذ ويعيدنا لشريعة الغاب، التي لم يعرفها الشعب العراقي صاحب الحضارات التي كانت مهداً للقوانين والنظم الاجتماعية المتطورة التي استمدتها الشعوب الاخرى واتخذتها قاعدة لقوانينها التي تطورت ووصلت لمراحل متفوقة باحترام الانسان واحترام القانون وتطبيقه على الجميع بشكل عادل ومتساو من المنظف الى أعلى وزير في الدولة .. كيف جرت بنا الامور لنصل الى هذا الدرك من الفوضى لنصبح حارة كلمن ايده له!

ومن الاطباء الذين تحدثوا عن الامر الدكتور ستار العنزي الذي وجه شبه نداء لكل الصحف والقنوات الاعلامية ان توصل كلمتهم للناس والحكومة والمسؤولين في وزارة الصحة ووزارة الداخلية ومجلس الوزراء ليعقدوا مؤتمرا مع رؤساء العشائر ليأخذوا منهم تعهدا بعدم التدخل بعمل الأطباء وعدم اللجوء للتهديد باي شكل من الأشكال، وان يحترموا الدولة والقانون اذا كانوا حقا داعمين للحكومة ورموزها. وأكد الدكتور العنزي «هناك مجالس تحقيقية فيما اذا كان هناك تقصير او خطأ، لكن الحاصل ان أهل المريض حتى لو وقعوا على وثائق موافقة حول الإجراءات الطبية، فهم لا يعترفون بقانون ولا بلجان التحقيق.. بل هم يتدخلون بشكل عشوائي وجاهل، مما يتسبب بارباك الطبيب والاساءة للمريض ايضا».

اذن السبب عدم تفعيل القوانين والقرارات الصادرة من مجلس رئاسة الوزراء! اضافة الى الجهل الافة الكبرى تتداخل مع آفة الطمع والجشع لتحقيق ارباح باي وسيلة فهؤلاء لايختلفون عن الارهابيين وقطاع الطرق الذين كانوا يختطفون الاطفال او الكبار ويساومون الاهل على فدية بالملايين . كل هذا يؤدي لاضعاف الدولة وتغييب القانون وبالتالي اضافة عبء اكبر على كاهل المواطن الذي لم يعد له صبر او احتمال بعد كل الاعباء التي يتحملها وتحملها منذ عقود!.

اذا كانت الدولة تدعم العشائر وتتقرب لها وتشجعها على ممارسة شعائرهم ودورهم ببعض الامور، هذا لا يعني إلغاء دور الدولة ولا يعني البتة ضرب القانون عرض الحائط.. دور العشيرة مطلوب بتهدئة الأمور ونصح أبناء العشيرة وحل المشكلات الاجتماعية العالقة بين ابناء تلك العشيرة . أما أن يتدخلوا بالسياسة والطب والتعدي على القانون فهذا مرفوض رفضا قاطعا.. ولا أظنه موضوعاً شائكاً أن تقف الدولة بحزم لتثبت قدرتها على ادارة شؤون البلاد بشكل قانوني وانساني.

ذكرتني تلك الحالة بحالة مماثلة جرت في مستشفى آخر، حصل ان في احد الانفجارات او معارك شخصية بين الذين حملوا السلاح جهلا وبهتانا، اصيب احدهم اصابة بليغة، لكن اصحابه او اقرباءه بشكل جاهل وموتور أصروا ان لا يأخذوه لقسم الطوارئ! بل ذهبوا باصرار الى مدير المستشفى الذي حتى لو كان طبيبا فهو لا علاقة له بالعلاج، فاضطر المدير ان يتصل بقسم الطواريء لتحضير مايلزم لمعالجة المصاب الذي لم يتوقف نزف دمائه، فما ان وصلوا به القسم لفظ المصاب انفاسه.. لكن أصحابه وأهله بدلا من لوم أنفسهم وجهلهم وغبائهم هجموا على المدير بالشتائم والضرب وتكسير كل أثاث المستشفى بشكل جنوني! متشجعين باسلحتهم التي يحملونها لمثل تلك الحالات!.

فلا ادري اين وزارة الصحة من تلك المظاهر المخجلة والخطرة في الوقت نفسه! ما هو دورهم في توعية المواطن، لم لا يحثون ائمة الجوامع بدلا من زرع بذور الفتنة والكره في خطبهم، ان ينصحوا الناس ويحثوهم على التعلم ونزع جلباب الجهل والتخلف والمساومة بأرواح ذويهم وأقربائهم بطريقة بشعة.

وماهو دور الاعلام في توعية المواطن ورفع مستواه الاخلاقي و الاجتماعي والعلمي!. بعض الفضائيات من التي اتصلنا بها لتغطية هذه الحالة ودعم الاطباء، ذكروا «انهم يدعمون العشائر ولايريدون التدخل بهذه الامور»!؟ نعرف ان البعض قد تسلق سلم المناصب بسبب دعم العشائر لهم! ولكن هذا لايعني ان يتخلوا عن مسؤولياتهم ازاء المواطن الذي انتخبهم لحمايته ورفع مستواه وليس العكس!.

لقد اكد الكثير من الاطباء انه في حالة عدم التوصل لوسيلة لحمايتهم وردع الجهلة، فانهم سيضطرون لمغادرة العراق كما غادره الكثير من قبلهم! فهل نلومهم؟ بل لهم كل الحق باي قرار يتخذونه . واذا لم نسارع للوقوف معهم وتطمينهم سيخلو العراق من كل الطيبين ولا يبقى غير المخربين العابثين بمصير البلد والمواطنين!؟

فيما تشير تقارير دولية صادرة عن منظمات معنية بالشأن الطبي في بريطانيا، إلى أن من مجموع المختطفين وعمليات التهديد التي تعرض لها عراقيون من ذوي الكفاءات نسبة الأطباء فيها 3.7 1642; بينما نسبة القتل تصل إلى 1.6% خلال سنوات العنف الممتدة ما بين 2004 و 2007 . ويستمر التقرير ليؤكد بقاء ما يقارب التسعة آلاف طبيب فقط لمعالجة 28 مليون عراقي، وهو ما يشكل نسبة ستة أطباء لكل 10 آلاف مواطن، مقارنة بـ26 للعدد نفسه في المملكة المتحدة البريطانية .

إلى ذلك، سعت الحكومة إلى إقناع العديد من الأطباء بالعودة إلى البلاد ، والتحرك لأخذ تدابير لبناء الثقة وتوفير الحماية لهم من عصابات الخطف التي تستهدفهم.

فيما يكشف تقرير آخر صادر عن منظمة الصحة العالمية أن فقدان العراق لعدد من أطباء أدى الى التدهور السريع في الخدمات الصحية، والرعاية الصحية الأولية، مشيرا إلى أن الوضع الصحي في العراق لا يظهر اي تحسن فيه، لافتا ان معدل الوفيات التي تتراوح أعمارهم ما بين 15-59 شخصا ترتفع لتصل 222 وفاة من مجموع 1000 حالة ، مقارنة مع المعدل العالمي البالغ 176 حالة .

اشار إلى أن الحكومة العراقية وافقت على مشروع قانون لحماية الأطباء، بعد تدقيقه من قبل مجلس شورى الدولة وإحالته إلى مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه في وقت سابق .

ويوفر مشروع القانون ضمانات مهمة للأطباء العراقيين، وتأمل الحكومة في أن يسهم إقراره بوقف هجرة الأطباء وتشجيع المهاجرين منهم على العودة، كما سيشكل القانون مظلة لتأمين الطبيب من ردود فعل المجتمع إزاء عمله قبل كل شيء، وحمايته من مخاطر العمليات الإرهابية، وبموجب مرسوم حكومي آخر أمرت بأن يسمح لكل الأطباء بحمل سلاح واحد لحماية نفسه.»

من جانبه، يحمّل عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية الجهات التنفيذية المسؤولية عن تطبيق قرارات وتشريعات مجلس النواب.

النائب حامد المطلك يعتبر أن استهداف الأطباء يمثل استهدافاً لكل فئات الشعب، وان التعمد باغتيال هذه الشريحة يراد من ورائه إفراغ البلاد من الكوادر العلمية على أساس عمل إرهابي مبرمج ومنظم، مشددا على أن مجلس النواب لم يعد يستطيع مجاراة الفساد والقتل والخروقات الأمنية التي تحدث في البلاد، رافضا في الوقت نفسه وصف المجلس بـ(العجز) عن لعب دور في حماية المواطن، لافتا إلى أن البرلمان يخرج بتوصيات إلى الحكومة «الجهة التنفيذية» وهي لا تقوم بواجبها.

18/529

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك