متابعة موسعة
ارتفعت حدة التوترات مرة أخرى بين تركيا والعراق بعد إقدام مئات المتظاهرين على حرق العلم التركي في البصرة، فيما يقوم وزير الطاقة التركي تانر يلديز بزيارة الى أربيل، حسب ما ذكرته صحيفة حرية ديلي نيوز التركية.
وفيما توقعت وزارة الطاقة التركية استهلاك البلاد حوالي 48 الى 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في العام 2012، أشارت الى أن العراق سوف يلعب دورا محوريا في تلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي.
وقالت الصحيفة ان "تركيا أدانت العراق بعد مطالبة نحو 200 متظاهر أنقرة بتسليم نائب الرئيس الهارب طارق الهاشمي الى العراق، وإقدامهم على حرق العلم التركي في 19 من ايار الجاري خلال تظاهرة قرب القنصلية العامة التركية بالبصرة"، مضيفة ان "المتظاهرين أحرقوا العلم التركي وسط هتافات "كلا، كلا، تركيا!"، و "اطردوا الاتراك!"، مهددين بمقاطعة الشركات التركية العاملة في العراق اذا لم تسلم أنقرة الهاشمي خلال 15 يوما، واذا لم تنفذ المطالب، فسوف يتم استهداف المصالح التركية الممثلة بالشركات التركية، بحسب منشور وزعه المتظاهرون". ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، قوله بعد التظاهرات التي جرت أمام مبنى القنصلية التركية في البصرة، أن "أنقرة لن تقدم على إعادة الهاشمي الى السلطات في بغداد ما دام لا يوجد هناك أمر بإلقاء القبض عليه طبقا للقانون الدولي"، لافتا الى أنه "اذا كان هناك استياء بسبب قضية الهاشمي، فهذه مشكلة الحكومة العراقية. ونحن دولة ديمقراطية.. يعمل فيها نظام برلماني ديمقراطي بطريقة صحيحة، ويرعى الحرية".
وأضاف أردوغان ان "تركيا ستبقي الهاشمي في ضيافتها لحين مغادرته البلد، وان الهجوم على القنصلية التركية نفذه "متطرفون" و"عصابات وقحة"، وإن أنقرة منزعجة جدا من هذا الحادث".
ولفت رئيس الوزراء التركي الى أن "وزير خارجيته أحمد داود اوغلو، قد ناقش الحادث مع نظيره العراقي هوشيار زيباري، والذي وعد بإلقاء القبض على الجناة"، مضيفا "وطلبنا منهم متابعة الحادث".
وكانت وزارة الخارجية التركية قالت في بيان لها في 19 من ايار "ندين بشدة، ونأسف لهذا السلوك المشين ضد العلم التركي خلال تظاهرات جرى التلاعب بها من جانب بعض العصابات الوقحة"، مشيرة الى أنها "بصدد اتخاذ إجراءات معينة مع السفارة العراقية في أنقرة أيضا". وقالت الخارجية التركية في بيانها ان "السفير العراقي عزا هذه الحوادث، الى ارتكابها من قبل مجموعة من الأشخاص الوقحين، وهي غير مقبولة. وقال أيضا إن الحكومة العراقية تعرب عن أسفها العميق إزاء ما حدث، وتنقل اعتذارها الرسمي عن الحادث". وقال بيان الخارجية التركية ان "أنقرة ستتابع التدابير التي يتخذها العراق وبلدان أخرى لضمان أمن المهام الديبلوماسية التركية واحترام رموزها الوطنية".
وأشارت الصحيفة التركية أيضا الى أن "العلاقات بين العراق وتركيا ساءت في الشهور الاخيرة، مع استدعاء الخارجية العراقية مؤخرا مبعوث أنقرة لدى بغداد في 15 من ايار الجاري والاعراب عن شكاواها من سلوك اثنين من الديبلوماسيين الاتراك في البصرة والموصل". منوهة بأن "الهاشمي، المقيم حاليا في تركيا، فرّ من العراق بعد توجيه اتهام ضده بقيادة فرق موت".
على صعيد متصل، أشارت الصحيفة الى حضور وزير الطاقة التركي تانر يلديز مؤتمر الطاقة الاول المنعقد في أربيل، شمال العراق، بالرغم من تصاعد التوترات بين البلدين. ونقلت عن يلديز، قوله "مع كل يوم يمر تتطور علاقات تركيا التجارية مع شمال العراق"، مبينا "قامت الشركات التركية باستثمارات كبيرة في شمال العراق، وأن اقتصادا متناميا مثل الاقتصاد التركي لا يمكنه البقاء في قطاع عتيق، فتركيا تريد ضمان تأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي والنفط". وأشار يلديز الى أن "السنتين الماضيتين، شهدتا زيادة بنسبة 25 % في الطلب على الغاز الطبيعي، متوقعا ان استهلاك تركيا سيكون بين 48 مليارا و50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي". وفي ذات السياق، افتتحت العلامة التجارية التركية بيمن Beymen محلا تجاريا فاخرا في اربيل، وذلك بمشاركة مجموعة اليغن، التي استثمرت فندق ديوان في نفس المدينة. وختمت الصحيفة تقريرها بنقلها عن مدير بيمن العام، اليف تشابتشي، قوله إن "المحل التجاري افتتح باستثمار يبلغ 4 ملايين دولار". في صميم الموضوع، نشرت "العالم" أمس، نقلا عن شبكة الأخبار العربية (عرب نيوز)، أقوالا لخبراء أتراك انتقدوا سياسة أوردوغان، من بينهم سنان اولجين، وهو ديبلوماسي تركي سابق يترأس الآن مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية، حيث قال ان تزايد حدة نهج اردوغان، فاقم من توتر العلاقات بين أنقرة وجيرانها، مبينا أن "مواقفه هي التي أدت الى نشوء أزمات مع الجيران. فلو لم يتعامل مع الأمور بطريقة الاستقطاب، طريقة الأبيض والأسود، لما كنا خسرنا قدرتنا على إدارة هذه العلاقات".
ولفت أولجين الى أن أردوغان "بدلا من أن يكون آخر شخص يتدخل، صار هو في أكثر الأحيان، أول من يظهر رد فعله. ثم يقول ان هذا صار نهجا سياسيا، ويحدّ من مجال تركيا للمناورة؛ وهذا أمر يقلقنا عندما تصبح السياسة متحجرة".
ويخلص الى القول ان هناك كيانا واحدا انتفع من هذا التصارع الاقليمي، الا وهو المنطقة الكردية شبه المستقلة في شمال العراق.
28/5/523
https://telegram.me/buratha