الجزائر: لطفي جيلالي
مغادرة ساركوزي قصر الإيليزيه لا تعني بالضرورة بداية حياة "تقاعد رئاسي" مريح، فمن المحتمل جدا أن تقوم العدالة الفرنسية باستدعائه لسماع أقواله في ثلاثة قضايا على الأقل ذكر فيها اسمه، فقد يلقى نفس المصير الذي لقيه الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، حين أدين بالسجن غير النافذ بعد أكثر من 20 سنة من وقوع الأحداث التي أدين بسببها.
القضية الأولى تتعلق بالسيدة انغريد بيتينكور، مغنية فرنسية، التي تحوم حولها شكوك بتقديم أموال لعدة جهات سياسية من بينها ساركوزي لتمويل حملته الانتخابية لسنة 2007 ، وهي السبب التي دفعت وزير ساركوزي، إيريك وورث إلى الاستقالة حيث كان أمين خزينة الحملة الانتخابية لساركوزي.
أما القضية الثانية فهي قضية دولة، وتتعلق أيضا بتمويل حملة انتخابية، وهي حملة الرئاسيات الفرنسية لسنة 1995 للمترشح إدوار بالادور الذي كان يشغل منصب ناطقه الرسمي نيكولا ساركوزي، وكان من بين أقرب المقربين إليه، حيث تحقق العدالة الفرنسية في تلقي بالادور أموالا من باكستان بعد تقديم رشاوي للسلطات الباكستانية لشراء غواصات فرنسية، وتم الاتفاق أن جزء من هذه الرشاوى يتم إرجاعها لبالادور لتمويل حملته الانتخابية، غير أن إخلال الجانب الفرنسي بتسديد جزء من الأموال أدى الى قيام أحد أجنحة النظام في باكستان بالرد عن طريقة تفجير موقع عمل فرنسيين بمدينة "كاراتشي" انتقاما من فرنسا ومن بالادور خاصة، وأدى الحادث لمقتل عدد من الفرنسيين العاملين بالمدين.
وترى العدالة الفرنسية أنه يستحيل على ساركوزي أن يكون لم يعلم بطرق تمويل إدوار بالادور بحكم المكانة التي يستغلها في هرم حملته الانتخابية، فضلا عن العلاقة المتينة التي كانت تربط الرجلين، حيث ساند ساركوزي بالادور للترشح للرئاسيات سنة 1995 ضد شيراك، رغم أنهما من حزب واحد.
متاعب ساركوزي لن تتوقف عن حد هذا الحد، فمن الممكن جدا أن تأخذ العدالة الفرنسية بمحمل الجد تسريبات موقع "ميديا بارت" الإعلامي، حول موافقة القذافي تمويل الحملة الرئاسية لساركوزي سنة 2007 ، غير أن في هذه القضية سيكون من الصعب على القضاء الفرنسي إثبات ذلك، بسبب انهيار نظام القذافي من جهة، ولأن النظام القائم حاليا في ليبيا سيعمل كل ما في وسعه لعرقلة عمل العدالة بسبب ما يدين له لساركوزي الذي أطاح بالقذافي.
وإن تأكد هذا، وهو أمر جد محتمل، فإن ساركوزي سيلحق بشيراك الذي لاحقته العدالة الفرنسية لسنوات في قضية مناصب عمل وهمية أيام كان عمدة مدينة باريس، منتصف الثمانينات، غير أنه بسبب الحصانة التي كان يحظى بها خاصة بداية من سنة 1995 حين اعتلى سدة الحكم حال دون مثوله أمام العدالة، وهو ما تم السنة قبل الماضية؛ أي سنتين بعد مغادرته قصر الإيليزيه سنة 2007 وكل المؤشرات توحي بأن ساركوزي سيسير على خطاه.
9/5/510https://telegram.me/buratha