تحقيق :علي عبد الزهرة
الجميع يعلم ان بلدنا بات يختنق بالكثير من الازمات السياسية بسبب انشغال السياسيين عن المواطن الذي مكنهم من تبوء المناصب، وحتى الحكومة كان لها نصيب في الانشغال عن من تحكمهم، حيث نجد اليوم العديد من فئات المجتمع العراقي مهملة وقضاياها ركنت على الرفوف منذ سنين، رغم ان اغلبها انسانية قبل ان تكون واجب حكومي.لسنا في غمار الخوض بتفاصل تلك القضايا، لكن (البينة) رصدت حالة انسانية اهمالتها الحكومة، حيث علمت ان هناك مؤسسة تعنى برعاية الصم والبكم وهي غير حكومية ومسجلة في الامانة العامة لمجلس الوزراء ضمن منظمات المجتمع المدني، ومسجلة، أيضاً، في مجلس محافظة بغداد ضمن اجندات لجنة منظمات المجتمع المدني، لكن ما اثار استغرابنا ان هذه المؤسسة لم تحظى بالدعم أسوة بالمؤسسات الاخرى رغم اهمية انسانية فكرة تأسيسها. (البينة) توقفت عند هذه الحالة لتستعلم عن كيفية استمرار عمل مؤسسة (اليوسف) للصم والبكم، مصادر تمويلها، وأيضاً، معناتها ومعاناة صاحبة المؤسسة أحلام الخزعلي وزوجها عبد الحسين البيضاني الراعي الوحيد للمؤسسة وأعضائها من الصم والبكم، وتبنت (البينة) نقل معاناتهم من خلال هذا الحديث: تقول مديرة المؤسسة احلام الخزعلي ان الفكرة تبلورت لديها عندما رأت إحدى الفتيات (13 عام) وهي تعبر الشارع العام وهناك سيارة تسير بسرعة وتطلق صوت المنبه من دون ان تستجيب الفتاة وبالتالي حاول السائق ان يوقف سيارته لكن بلا جدوى حيث صدم الفتاة وأصابها اصبات بليغة. بعد ذلك علمت ان هذه الفتاة كانت لا تسمع، هذا الموقف اثارني وحفزني في الوقت ذاته على ان أنشأ مؤسسة لرعاية الصم والبكم رغم عدم معرفتي طريقة تعليمهم أو تأهيلهم وكانت مؤسسة (اليوسف) هي ما خرجت به من ذلك الموقف. وتضيف الخزعلي ان مؤسستها، التي تقع في منطقة سبع قصور ببغداد، مجازة من قبل الامانة العامة لمجلس الوزراء، ومسجلة لدى محافظة بغداد، لكنها لم تجد الدعم حتى ولو بالقليل من الدوائر الحكومية خلافاً لما تشهده باقي منظمات المجتمع المدني من دعم، لكنها والحمد لله استمرت بفضله تعالى ورعاية زوجي عبد الحسين البيضاني (أبو علي) حيث كان الراعي والمعيل الوحيد لها، حيث كانت يتبرع براتبه التقاعدي لشراء مستلزمات تعليم وتدريب الاطفال الذين يعانون من عدم النطق والسمع، وكانت لديه قطعة أرض قام، أيضاً، بالتبرع بها للمؤسسة. وذكرت الخزعلي انها اضطرت الى بيع ما تملك من قطع ذهبية (مجوهرات) لسد حاجة المؤسسة وجلب مدربة تساعدها في رعايتهم، بالاضافة الى ترميم المنزل التي افرغته ليكون مقراً للمؤسسة. ان معاناة احلام الخزعلي لم تقتصر على انعدام الدعم الحكومي، بل تعدى الى المضايقات من قبل المنطقة الشعبية التي تسكنها، حيث توضح ان المنطقة التي اسكنها بطابعها الشعبي لم تتقبل ان تخرج امرأة لتنجز معاملاتها وأيضا ان يقدم بعض أولياء أمور الاطفال الصم والبكم الرجال الى مؤسستها، ولقد عشت حياة عصيبة حتى تأقلمت مع بعض من يفكرون بطريقة رجعية ولا ينظرون الى الحاجة الانسانية التي تستوجب وقوفهم الى جانبي ومساندتهم أياي. وبينت ان البعض يظنني مستفادة من هذه المؤسسة، لكن اولياء امور الصم والبكم أوضحوا لهم اننا لا نتقاضى منهم راتباً شهرياً وان رعايتنا لهم من دون مقابل، وأيضاً، لم يقدم لنا الدعم من قبل أية جهة حكومية أو غير حكومية، مشيرة إلى انها استطاعت تعليم الفتيات مهنة الخياطة ووفرت أيضاً مكان العمل المناسب لهن، كما انها استطاعت ان تجعل أحد اطفال المؤسسة ان ينطق اسمها. وطالبت الخزعلي ان تنظر الحكومة بعين العطف الابوي الى هؤلاء الاطفال والذين اغلبهم من الفتيات وتخصص لهم "ولو فتاة واحدة كل عام" منحة اجراء عملية "القوقعة" في الخارج، مذكرة الحكومة بالحديث النبوي الشريف (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته). بدوره، أوضح عبد الحسين البيضاني، زوج مديرة المؤسسة، ان زوجته عندما طرحت عليه فكرة انشاء المؤسسة، رحب بها لانها مشروعاً أنسانياً وليس ربحياً، مستذكراً قوله تعالى ((وتعاونوا على البر والتقوى))، حيث قام بتشجيعها على السير قدماً في انشاءها. ويؤكد البيضاني ان رعاية الصم والبكم، كانت غايتها الاساسية هي رضا الله قبل كل شيء، مضيفاً ان الحكومة لم تقدم الدعم للمؤسسة لا من قريب ولا من بعيد، لكننا اعتمدنا على الله عزة وجل ومن ثم على دخلنا المحدود في رعايتهم. ويوضح البيضاني انهم لم يتركوا باب للدولة الا وطرقوه عسى ان يجدوا من يهتم بقضيتهم ويدعم هؤلاء الذين وجب ديننا اعانتهم ودعمهم، لكن كل جهودهم قوبلت بالتسويف مع الاسف. من جانبه، دعا أبو أحمد، والد أحد الصم والبكم، الحكومة الى الاهتمام بهذه الشريحة المنسية والتائهة في زحمة الازمات السياسية التي يعيشها بلدنا وشعبنا المظلوم. ويضيف ابو أحمد ان الست احلام الخزعلي صاحبة الفضل علينا لانها الوحيدة التي ترعى ابناءنا من الصم والبكم وتعتني بهم. واخيراً نضع صراخات واستغاثات ذوي الاحتياجات الخاصة على طاولة المسؤولين علها تكون مهمازاً يحرك الهمم النائمة بغية النهوض بأعباء تغيير بعض وقعنا المزري.
https://telegram.me/buratha