امير الاسدي
لقد دأب الجمهور على متابعة برنامج العلم للجميع الذي اصبحت له علاقة مهمة في حياتهم، اذ من خلاله كانوا يتابعون اخر المبتكرات والاختراعات التي تفصح عنها مواهب الشباب العراقي، ومايستجد في الساحة العالمية من اختراعات ومعلومات واخبار علمية جديدة .
الاستاذ المرحوم كامل الدباغ كان له الفضل الكبير على الحركة العلمية للشباب في العراق في نهاية الستينات والسبعينات من القرن الماضي بتأسيسه لمديرية الرعاية العلمية للشباب والتي كانت تتبع وزارة الشباب ومنها تخرجت اجيال من الشباب العلمي الواعي اصبحو فيما بعد من خيرة علماء وخبراء وفنيو العراق المتقدمين .
وقد شجع الكثير على استثمار طاقاتهم العلمية بعد ان صقلوها بالدراسة في دول عديدة من بلدان العالم المتقدم حيث احتضنت تلك الدول اصحاب المواهب والعقول النيرة من العراقيين الدراسين فيها وبمختلف الاختصاصات.
ومازال العديد من العراقيين يتبوؤن مراكز حساسة في ارقى المراكز العلمية والجامعات، واصبحوا من العناصر المهمة في مشاريع علمية كبيرة ورائدة لقد اسهم البرنامج الرائد (العلم للجميع) لمعده ومقدمه الراحل كامل الدباغ في ان تولي الدولة اهمية للمواهب العلمية.
تعود فكرة الرعاية العلمية في العراق إلى بداية السبعينيات وهي فكرة أسسها الفيزيائي الراحل كامل الدباغ ويتجلى محور الفكرة مستندا على الاهتمام الدقيق لنشر الوعي العلمي من خلال هوايات علمية متنوعة... وكما لدول كثيرة في العالم من اهتمام واضح بالشباب و تطوير أسلوب هواياتهم كان العراق سباقا أيضا في التفاعل مع هذا النمط المهم وهو توجيه الشباب نحو هوايات مفيدة وعلمية تخدمهم وتنير عقولهم وتكون اساسا لمستقبلهم .
وقد دفعها لاستحداث دائرة مختصة تهتم وترعى تلك المواهب، وتتبنى مخترعاتهم وافكارهم وتصوراتهم، وقد اعتمدت الكثير من المخترعات في مشاريع صناعية وزراعية وخدمية، ومنحت براءات اختراع عديدة , لقد انطوت حياة ذلك الرائد على جوانب عديدة، منها حبه لبلاده ومجتمعه، وحرصه الشديد على تنمية القدرات العلمية، واندفاعه لاجل ايجاد جيل علمي ينافس الاجيال المناظرة في العالم المتقدم .
كنا ننتظر تلك اللحظات الجميلة التي فيها دقّات الساعة التاسعة ليوم الاربعاء وما سيفرغه لنا الاستاذ كامل الدباغ من جعبته في برنامجه (العلم للجميع ) فقد كان الدباغ عالما موسوعيا له القدرة على فتح ابواب الامل بعد زرعه الخوف في النفوس عبر ايراد اخبار ترتبط بغزو الفضاء واحداث كونية اخرى ، فقد كان لهذا البرنامج الوقع الكبير على قلوب المتابعين لدرجة ان ضج وعج الناس في الاسواق والمقاهي والشوارع سنة من السنين من ان كامل الدباغ اشار الى قرب قيام الساعة!!.
والواقع ان الفهم الخاطئ هو الذي جرّ الى هذا الاعتقاد حيث كان الدباغ بصدد ظاهرة كونية طبيعية فهمها الناس بشكل مغاير وطبعا ابقاء الباب مفتوحا دفع المشاهد للترقب اسبوعا كاملاً ينتظرون فيه (كامل الدباغ) ليدبغ عقولهم مرة اخرى ويجلي الغبرة عن الموضوع ويصحح الالتباس الحاصل!!، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على خبرته وامكانيته في استهواء المشاهد لبرنامجه وجذبه الى الشاشة بشكل علمي وعملي تجسدت خلاله قابيلته الفذة في الاقناع وخلقه لتصورات مختلفة او مشتركة في افهام مشاهديه.
لماذا وكيف تم ألغاء العمل بالتوقيت الصيفي الذي ابتدعه المرحوم كامل الدباغ ؟؟
المرحوم كامل الدباغ اعلن البدء بالعمل بالتوقيت الصيفي عام 1981 و علي الدباغ أعلن الغاء العمل بالتوقيت الصيفي عام 2008.
مفارقة
التوقيت الصيفي معمول به في عدد كبير من الدول المتقدمة وهو مفيد خاصة لصيف العراق القاسي فبدلا من ان يذهب المواطن لعمله في الساعة الثامنة (والشمس صايرة عمودية) هذا التوقيت يجعله يخرج في السابعة صباحا وبدلا من ان يرجع لبيته في الساعة الرابعة يرجع الساعة الثالثة ليتمتع بفترة القيلولة والكهرباء مقطوعة .
بعض الجوانب عن حياته الخاصة ...
للاستاذ المرحوم كامل الدباغ صاحب البرنامج الشهير (العلم للجميع) بعض الجوانب غير المعروفة في حياته الشخصية حيث لم يعرف عنه انه كان يدخن السكائر في بيته، بل كان يدخن في موقع العمل وهو يبرر ذلك لاجل ان يريح نفسه قليلا من متاعب العمل، وهو يعتبر نفسه مدخن مناسبات.
وهو يحب الفن السينمائي والافلام الايطالية وايطاليا، لانها بلد واقعي جدا وقريب من الشرقيين قليلا وهو ما ينعكس في افلامهم السينمائية.
وبدا محبا للافلام الهندية التي كان معظم الشباب يشاهدونها، واول فيلم هندي شاهده هو (عنتروالي) وكان وقتها في المرحلة الابتدائية وهو بعمر الحادية او الثانية عشرة وشاهد فيلم سعيد افندي.
وهو يقرأ لكبار الكتاب العرب مثل طه حسين والمازني والمنفلوطي والزيات ولايخفي تأثره باساليبهم الكتابية.. وامتلك الاستاذ كامل لغة عربية رصينة وحضورا متميزا وشخصية لامعة وفي احد المقابلات التلفزيونية التي
اجريت معه من خلال تلفزيون الشباب في اواسط التسعينات قبيل وفاته طغى حضوره ولباقته على حضور المذيعتين التي كانتا تتحاوراه والنتيجة انه ادار دفة اللقاء والحوار بدلا منهما وبصورة غير مباشرة .
وسؤل في نهاية البرنامج عن امكانية اعادة برنامج العلم للجميع وكانت وصيته ان لايعاد تقديم برنامجه العلم للجميع بنفس الاسم بعد وفاته .
كان ينهض يوميا الساعة السادسة صباحا، ويمارس السباحة مع اولاده في مسابح الدولة وقدم برنامجه عام (1960) وقادته الصدفة لان يكون مقدمه، حيث اشترط المسؤولون في التلفزيون ان يقوم بتقديمه بنفسه.. الف عددا من الكتب التي تهتم برعاية المواهب العلمية والابتكارات والاختراعات.
وكان التدريس من اولى اهتماماته ولاعجب فهو استاذ الفيزياء لسنوات طوال في عدة مدارس في بغداد وتخرجت على يدية نخب من الطلاب المتميزين .
https://telegram.me/buratha