لم تندمل بعد جراحات من فجعوا بقاعدة سبايكر، ليصاب آخرون بفاجعة جديدة مشابهة لكن باختلاف المكان وإن كان "العدو واحداً"، فحصار اللواء (30) لستة أيام، وصمود أكثر من 400 جندي تم حصارهم بمناطق السجر والصقلاوية، بمحافظة الأنبار، بنيران (داعش) الارهابي، حتى نفاذ العتاد والماء والطعام، لترجح كفة "الإرهابيين"، بعد أن غاب عن المحاصرين الدعم البري والجوي.
أم علي (43 سنة)، اختلطت دمعتها بصرخة المفجوعة بالولد، تمطر صورة علي أبنها البكر بالقبل تارة، وفي أخرى بالعتب، أثناء التظاهرة التي خرجت، اليوم الثلاثاء، أمام مجلس محافظة الديوانية، وشارك فيها ذوو ضحايا قاعدة سبايكر، والصقلاوية والسجر.
وتقول أم علي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "علي كان يدافع عن الصقلاوية وأهلها ضد تنظيم داعش الارهابي، منذ ثمانية أشهر"، وتشير إلى أن "الشجاعة لم تكن تنقص علي ورفاقه، فكيف يحاصرون لستة أيام ويحرمون من شربة الماء، ويقتلون من قبل باع وطنه وشرفه وعرضه من دون مدد أو إسناد".
وتوضح الأم المكلومة، أن "أخبار علي انقطعت منذ يومين، بعد أن أخبرني في آخر مكالمة معه، أن الكهرباء انقطعت وليس بمقدوره شحن هاتفه النقال"، وتبين أن "ما سمعته وشاهدته أفقدني الأمل بإمكانية عودة فلذة كبدي حياً، وأخرس لساني وجعلني غير قادرة على بيان الحقيقة لولديه أو إجابة أسئلتهما عنه".
وبالقرب من أم علي، كانت أم أحمد (51 سنة)، تنتخي بمن حولها من الرجال المفجوعين بأبنائهم وإخوتهم، وتطلب منهم الذهاب لتحرير أبنائهم أو جلب جثامينهم على الأقل.
وتقول أم أحمد، في حديث إلى (المدى برس)، إن "أحمد أتصل بي بعد صلاة الظهر، أمس الأول الأحد،(الـ21 من أيلول 2014 الحالي)، ليبلغني ببدء الهجوم عليهم، متوقعاً دنو المنية"، وتضيف "أوصاني خيراً بزوجته وأبنته الوحيدة".
وتطالب أم أحمد، بأن "يسمح القائد العام للقوات المسلحة، لذوي المغدورين بالذهاب لساحات القتال لتخليص أبنائهم من حصار العشائر التي آوينا نسائهم وأطفالهم في بيوتنا، ليردوا لنا الجميل بقتل أبنائنا اكراما لارهابيي داعش، الذين استباحوا كل المحرمات".
وقريب من ظل شجرة، وقف أبو أزهر، شامل الرماحي، تحت الشمس، ليشعر بمعاناة ابن أخيه المفقود في قاعدة سبايكر، بعد أسره مع باقي المنتسبين.
ويقول الرماحي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "ذوي الضحايا أصدروا بيانا تضمن تشكيل لواء استشهاديا مظلياً لإنقاذ الجنود الذين تم حصارهم وأسرهم، من قبل الارهابيين في السجر والصقلاوية، ضماناً لعدم تكرار فاجعة سبايكر".
بدوره يؤكد عضو مجلس النواب العراقي، علي البديري، في حديث إلى (المدى برس)، أن "العدد الحقيقي للجنود الذين استشهدوا تجاوز الثلاثمائة، غالبيتهم من أبناء الديوانية، إضافة إلى المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن"، ويستغرب من "تعرض الناجين من مجزرة السجر والصقلاوية إلى التهجم والتهكم والتهديد بالملاحقة القانونية بعد أن وصلوا إلى مقر قيادة الفرقة الأولى".
ويتساءل "هل صارت نجاتهم من موت محقق مشكلة، بعد حصار لعدة أيام، وغياب الدعم والإسناد والتنسيق"، ويرى أن "القيادات العسكرية بدلا من أن تعمد لنجدتهم والشد من عزيمتهم وتكريمهم على بطولاتهم وصمودهم وصدهم هجمات الارهابيين بالسيارات المفخخة والأسلحة الحديثة وغلبة العدد، تعمد إلى النيل منهم".
الى ذلك جدد رئيس مجلس محافظة الديوانية، حاكم الخزاعي، في حديث إلى (المدى برس)، "المطالبة بالكشف عن نتائج اللجان التحقيقية في مجزرة سبايكر، والإسراع بتشكيل لجان فورية تقف على حقيقة ما جرى في السجر والصقلاوية، وترك الجنود من دون غطاء جوي"، ويعد أن "زج الجنود في مناطق تؤازر الإرهاب وتحتضنه وتدعمه بالمال والرجال، بقصد القتل يحمل رسائل غاية في الخطورة تؤكد العمالة والخيانة والهدف في أن يكون الصيد سهلاً".
ويتساءل الخزاعي، عن "أسباب قطع الامدادات الجوية للماء والغذاء والعتاد، عن اللواء 30، والكذب على المحاصرين بأن المدد سيصل بعد حين حتى نفذ عتادهم، وكأن الأنباء عن فك الحصار عن الجنود في السجر والصقلاوية، إشارة لبدء ساعة الصفر للهجوم عليهم وتصفيتهم وعدم السماح بنجاة أحد من أبنائنا".
وكانت حكومة الديوانية وناشطوها، نظموا، أمس الأثنين،(الـ22 من أيلول الحالي)، وقفة احتجاجية على تباطؤ الإجراءات في دعم الجنود المحاصرين في السجر والصقلاوية وغياب الدعم الجوي لإسنادهم وصد هجوم المسلحين عليهم.
وكان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، قرر، اليوم الثلاثاء، إحالة معاون رئيس اركان الجيش لشؤون العمليات الفريق اول ركن عبود كنبر والفريق اول ركن علي غيدان إلى التقاعد، بعد ايام على فقدان 300 جندي في الصقلاوية والسجر، شمال الفلوجة، وايعاز العبادي بحجز الضباط المسؤولين عن الحادثتين.
وجاء قرار احالة كنبر وغيدان على التقاعد بعد اقل من 24 ساعة على ايعاز رئيس الحكومة حيدر العبادي، مساء أمس الاثنين،( 22 ايلول 2014)، بحجز الضباط المسؤولين عن حادثتي السجر والصقلاوية في محافظة الانبار، وفيما اشاد بتضحيات القوات الامنية، اكد ارسال قوات مكافحة الارهاب للحفاظ على ارواح الجنود في الانبار.
وكان نواب في حزب الدعوة الاسلامي تنظيم العراق بزعامة خضير الخزاعي أكدوا، أمس الاثنين، أن 100 جندي محاصر من اصل 400 في ناحية الصقلاوية شمالي الفلوجة انسحبوا بدون غطاء جوي أو بري، وفيما حمّلوا القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وقائد عمليات الانبار رشيد فليح المسؤولية عما حصل، اكدوا انهم بصدد جمع تواقيع لتقديم طلب لرئاسة مجلس النواب لفتح تحقيق في المجزرة.
واقرت وزارة الدفاع العراقية، أمس الأول الأحد، بفقدان الاتصال ببعض الجنود في قاطع عمليات الصقلاوية والسجر، وفيما حذرت " الجماعات الارهابية" من المساس بحياتهم، اكدت ان مثل الاعمال تمثل "جرائم ضد الانسانية" وسيكون عقابها شديداً.
https://telegram.me/buratha