لا تختلف منطقة آل عبيس، جنوب شرقي مدينة الديوانية، عن كثير من قرى المحافظة،(180 كم جنوب العاصمة بغداد)، التي يغيب عنها الماء والكهرباء وأبسط مقومات الحياة، ما جعل سكانها يعيشون حياة أقرب للبدائية وعرضة للأمراض الخطيرة، برغم وعود المسؤولين التي تتكر لهم في "المواسم الانتخابية" لتذهب بعدها أدراج الريح، وآخرها مجمع لمياه الشرب تنفيذه معلق بإقرار الموازنة الاتحادية.
ويقول المواطن سامي ماهر، أبو عباس، (57 سنة)، في حديث إلى (المدى برس)، إن "نحو 220 أسرة تسكن قرية آل عبيس،(20 كم جنوب شرقي مدينة الديوانية)، تعان الحرمان من مياه الشرب والسقي ما أدى إلى بوار أراضيها الزراعية والاستغناء عن المواشي"، ويبين أن "أغلب تلك الأسر كانت تمتلك أراض خصبة، ونهراً يمتد على طول عشرين كم بمحاذاة القرية، لكن التجاوزات عليه جففت مقطعه الذي يمر بأراضينا".
ويضيف أبو عباس، أن "أهالي القرية اضطروا إلى حفر الابار الارتوازية بحثا عن مياه صالحة للشرب من دون جدوى، فاستسلموا وجعلوها لغسل الأواني والملابس"، ويشير إلى أن "الأهالي باتوا يشترون مياه الشرب من المدينة يومياً".
ويذكر ماهر، أن "أهالي ال عبيس باتوا منكوبين لافتقارهم للخدمات والوظائف، التي تمنح بالعلاقات والرشاوى في ظل هيمنة الأحزاب"، لافتاً إلى أنهم "كادوا ينزحون أسوة بمن تعرضوا للإرهاب لولا تمسكهم بأرضهم ومياه البئر، التي تتم تصفيتها وتنقيتها بطرق قديمة".
من جانبه يقول المواطن حميد آل ماهر، أبو علي، (62 سنة)، في حديث إلى (المدى برس)، إن "مياه الابار السطحية آسنة وتعج بالحشرات والطفيليات، ما اضطر الأهالي إلى اللجوء لمياه الابار الارتوازية المالحة، بعد أن تقطعت بهم السبل، ودب اليأس في نفوسهم من جراء إهمال الجهات المعنية"، ويبين أن "مراجعات الأهالي المتكررة إلى مجلس المحافظة والجهات المعنية الأخرى ذهبت من دون جدوى".
ويؤكد أبو علي، أن "اثنين من رجال القرية ماتا قبل أشهر، بسبب توقف كليتيهما، من جراء شرب مياه غير صالحة للاستخدام البشري"، ويبيّن أن "كل أسرة في القرية تتكبد نحو خمسة آلاف دينار يومياً لشراء مياه الشرب والطبخ من المدينة".
إلى ذلك يقول مختار قرية آل عبيس، حمزة العفلوكي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "تاريخ القرية يعود إلى عام 1940، لكن أحوالها للأسف تردت كثيراً وأصبحت أسوأ من ذي قبل"، ويؤكد أن "القرية حرمت من المشاريع الحكومية، على الرغم من المطالبة المستمرة واللقاءات المتعددة بالحكومات التي تعاقبت على الديوانية، التي ذهبت وعودها للأهالي أدراج الريح".
ويؤكد المختار، أن "المسؤولين بالمحافظة لا يتذكرون القرية إلا وقت الانتخابات، للضحك على الأهالي بحفنة من الوعود الزائفة"، ويستدرك "برغم أن الحكومة المحلية الحالية خصصت للقرية صهريج ماء يمر عليها كل عشرة أيام، لتجهز العائلة الواحدة بمئتي لتر ماء فقط، لا يكفي لأكثر من يوم واحد في ظل حرارة الصيف وحلول رمضان".
بالمقابل يقول مدير ماء الديوانية، عبد الحسين محمد عبود، في حديث إلى (المدى برس)، إن "مجمع ماء الشبانات، الذي تبلغ طاقته الانتاجية 200 م3/ ساعة، سيؤمن مياه الشرب لقرية ال عبيس، بعد إدراجه ضمن موازنة عام 2014 الحالي لتنمية الأقاليم، وتمت المصادقة عليه من قبل مجلس المحافظة، وبات في طور الإعلان حالياً"، ويلفت إلى أن "المشروع لن ينفذ ما لم تتم المصادقة على الموازنة الاتحادية لعام 2014 من قبل مجلس النواب".
ويعزو عبود، عدم شمول القرية بمشروع الماء في وقت سابق، إلى "عدم الحصول على قطعة أرض ينفذ عليها المشروع"، ويبين أن "المديرية حصلت على أرض تابعة لمديرية مجاري الديوانية، لتنفيذ المشروع عليها".
وتعتبر الديوانية، ثاني أفقر المحافظات العراقية، حيث تبلغ نسبة الفقر فيها 35 % من مجموع سكانها البالغ قرابة مليون و200 ألف نسمة، بحسب إحصاءات رسمية، فيما تضم نحو ألف قرية يفتقر معظمها إلى الخدمات الأساس، الأمر الذي تسبب بهجرة واسعة من الريف إلى المدن.
وتعد الديوانية، من المحافظات الزراعية المهمة في العراق، حيث تبلغ المساحات الزراعية فيها نحو ثلاثة ملايين و268 ألف دونم، منها مليون و420 الف دونم فقط صالحة للزراعة، وتشهد بين حين وآخر نزاعات وصراعات عشائرية ناتجة عن التجاوز على أراضي الغير أو الحصص المائية.
https://telegram.me/buratha
