قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير امام مسجد براثا المقدس في الخطبة السياسية اليوم لصلاة الجمعة التي أداها في مسجد براثا: ان الحكومة قد تشكلت بحمد الله وخرج العراق من بوابة ضيقة وهو محمل بالكثير من الجراحات وما كان ليهتم لهذه الجراح طالما انه قد علق امله على ما يمكن لهذه الحكومة ان تعمل له . واضاف سماحته ان التقدم الذي حصل في العملية السياسية يعتبر ثمرة كبيرة للدماء الطاهرة التي نزفت في كل شوارع العراق قبل سقوط النظام وبعد سقوطه..مذكرا بأننا ندرك ان المهمة التي انيطت بالحكومة لن تكون بالمهمة السهلة، ولا زال امامهم مشوار طويل من الصعوبات ومن الاعاقات، صعوبات من داخل الدولة واعاقات من خارجها محليا واقليميا ودوليا.
ولكن رغم هذه الصعوبات فإن على الدولة أن تثبت بجدية أنها خادمة للعملية السياسية وعاملة بشكل جدي بمسؤولياتها وفق الدستور الدائم الذي كتب ولأول مرة في تأريخ العراق بايد عراقية خالصة وبتصويت كامل من الشعب العراقي لا سيما وأنها اول حكومة منتخبة دائمة انتخبت من قبل الشعب العراقي بالنتيجة ثمة مسؤوليات كبرى تقع على هذه الحكومة .
وأولى هذه المسؤوليات تتعلق بطبيعة الاداءات التي يجب ان تبرق الى الجمهور بان الوزراء الذين جاءوا لا ينتمون الى طائفة او الى كتلة او الى حزب وانما ينتمون الى كل هؤلاء الناس الذين انتخبوهم ووصف سماحته هذا الامر على انه في غاية الاهمية . وتطرق سماحته الى الذين كانوا يتحدثون عن الوزارات السابقة فقال سماحته ادعوا بالكثير من الاقاويل وتحدثوا كثيرا عن الطائفية وتحدثوا كثيرا عن الفساد وتحدثوا كثيرا عن عدم العراقية وتحدثوا بما شاءوا ضمن أساليب المعارضة الشريفة وغير الشريفة وقد صبرنا على ما قيل ظلما وعدوانا من اجل فتح المجال لمناخات لهذه العملية ان تبقى تسير باتجاه الامان الان قيل الى الذين تحدثوا عن الطائفية تعالوا هذه الوزارات وهذه الحكومة كونوا شركاء فيها والان نجد ان هؤلاء باجمعهم يشتركون في البرلمان ويشتركون في القوة التنفيذية واضاف سماحته المطلوب اذن ما دام اخواننا في الوزارات اصبحوا يشكلون حكومة منتخبة من كل هذه الاطياف اذن المطلوب ان تبلغوا ابناء العراق لا بالقول لان العراقيين شبعوا من الاقوال وتعبوا من كثرة ما قيل لهم وانما من خلال العمل ما دام اننا توافقنا على عملية مشتركة ما بين الجميع اذن يجب ان نقدم الاستحقاق للجميع ولا يعقل ان نجد احدا لا زال ينظر بالعين الواحدة عين الطائفة او الكتلة او الحزب او الى ما الى ذلك انتهينا من العين العوراء وعلينا ان نري ابناء العراق بان لنا عيون تبصر وتراعي كل الاطياف لاسيما وان ثمة دستور قد احق الحق للجميع .
وتابع سماحته قائلا انا اعرف ان المسؤولين الجدد ربما تحمس بعضهمراكثر مما يجيز له قانون الشراكة وربما طغت عليه احاسيس المرحلة السابقة ولكن انبه هؤلاء من كل الاطياف بان العراقيين لن يتحملوا المزيد من النظر وفق المحاصصات انتخبتم بالطريقة التي انتخبتم بها وجلستم على كراسي الكل يدعي بان له دماء عزيزة سفكت في الشارع العراقي الان هذا المنصب اعطي لكم باسم هذه الدماء واخذتموه ايضا بهذه الدماء لا يوجد اي طرف حينما تصدى الى العملية الانتخابية لم يتحدث عن دم الشهداء فالكل تكلم بدماء الشهداء اذن هؤلاء الشهداء يستصرخونكم لا لكي يستفيد الوزير ولا لكي يستفيد حزب الوزير او طائفة الوزير وانما لا يجب ان يكون لنا شهيد اخر من اجل ان يزرع الامن والاستقرار في العراق.
وقال سماحته: ان التعويل بادعاء ان الجرائم التي ترتكب إنما ترتكب من الخارج فقط هذا هروب من المشكلة ومحاولة لايقاع اللوم على الاخرين لكن لو تكاتفنا باجمعنا عندئذ تشخيص الخارج عن هذا النطاق سهل جدا وحينما نسقطه عندئذ يمكن لنا ان نحاربه بسهوله جدا وانا اعتقد ان الدولة لا تفتقر الى الامكانات ولا تفتقر الى القوة بقدر ما تفتقر الى المشروع السياسي الذي يؤمن لقوى الدولة ان تنطلق بالاتجاه الصحيح اتجاه حماية العراق كل العراق والان باتت الارضية مهيئة تماما وتعطي املا لكي يضطلع الجميع في مهمة احلال الامن والاستقرار في العراق ما دامت هذه الحكومة منتخبة من كل الاطياف.
وتطرق سماحته الى التصريحات المتكررة حول المليشيات وقال في الفترة الاخيرة سمعتم كثيرا من التصريحات حول المليشيات وحول المقاومة بنفس الوقت هذه الدعاوى تتجه باطار محدد وهو الغاء المليشيات واعطاء الحق للمقاومة وسمعنا عدة اطراف تحدثت بهذه الطريقة وحتى لا نضيع اولا يجب ان نؤسس القضية الاولى ان ثمة حكومة للشراكة وهذه الشراكة تعود علينا بالقول باننا لا يمكن ان ننظر بعين واحدة وفق طريقة الملفات الانتقائية او المعايير المزدوجة , ومفهوم الشراكة حتى يكون مفهوما حقيقيا ومجسدا يجب ان ننظر الى جميع الملفات وبعيدا عن الازدواجية في التقييم, واضاف سماحته: لو جئنا وحللنا الامور فمن الواضح جدا ما هو هدف الحديث عن قضية الغاء المليشيات، فالمليشيات التي يتحدثون عنها ما هي إلا الاحزاب التي كانت تعارض النظام وهذه القوى يفترض انها ليست خاصة بالشيعة هناك قوى كردية وقوى تركمانية وهناك ايضا قوى سنية الحزب الاسلامي يتحدث انه كان يعارض ولديه مليشيا ايضا, والمبدأ الذي يجب ان نتفق عليه ضمن مفهوم المشاركة هو القول ان الدولة يجب ان تكون صاحبة السلاح الوحيدة لكن هذا القول الذي يتحدث به البعض لا استطيع ان افهمه أو اتفهمه عندما يتحدث عما يسمى بمشروعية المقاومة ,
واضاف: ان كان المراد منها المقاومة السلمية للاحتلال فنحن من اول يوم اتينا ودخلنا إلى العراق كنا نتحدث في اطار المقاومة السلمية ولا يوجد احد يزايد علينا في هذه القضايا لو كنا نريد ان نخوض باتجاه غير المقاومة لكنا اعلى بكثير مما لدينا الان والذي حصل اننا تمكنا من اخذ الكثير من حقوق العراق وحقوق العراقيين من خلال هذه المقاومة.
اما مقاومة السلاح فإن ثمة اشكالية كبيرة هنا الاشكالية الاولى تتعلق بالذي يعطي شرعية حمل السلاح، فلو اعطينا الشرعية لحمل السلاح لكل من يريد أن يقول ثمة احتلال، فإن هناك العشرات من المبررات التي يمكن أن ينظر لها ويتم وفقها حمل السلاح ايضا، هناك ارهاب فهل يحمل السلاح ضده ؟ , هناك فقر الانسان يريد ان يدافع عن رزقهـ الانسان يعطي ذرائع كثيرة جدا لكي يحمل السلاح وضمن ما يعبر عنه بتنظيرات اسلامية وما الى ذلك، لكن المنطق الطبيعي حينما تقوم حكومة منتخبة وحينما يقوم دستور منتخب عندئذ لا يوجد مجال للتشريعات الخاصة , والدستور لا يجوز حمل السلاح خارج نطاق الدولة، وبالنتيجة من يتحدث عن منع المليشيات عليه أن يتحدث عن كل نمط من المليشيات، وأن لا يكتفي بالتحدث عن المليشيات التي عملت ضد النظام ليبقي المليشيات التي تعمل الآن لمصلحة النظام المجرم وبقيادته.
وتساءل سماحته اين هذه المقاومة التي يقال انها ضد الاحتلال ونحن نلاحظ ان القوات الامريكية تسرح وتمرح والمقتول دائما هو ابن العراق المفخخات لا تنفجر الا وسط العمال ووسط المطاعم والمستشفيات والمساجد والحسينيات والفواتح والأعراس وكل ما يمكن أن يكون له صلة بكونه من مراكز التجمع البشري الخاصة، وهناك نغمات تظهر وتقول ان هناك فرقا بين الارهاب والمقاومة، ونحن من حقنا ان نطالب يمن يستطيع ان يعرّفنا: اين هذه المقاومة؟ اين شخصياتهم؟ اين برنامجهم؟ لحد الان لم نر شيئا يجعلنا نفرق بين الارهاب وبين ما يسمونه بالمقاومة الكل ملثم ولا نرى الا النحور المقطوعة او الرؤوس المضروبة بطلقات الرصاص ولا نرى الا الاشلاء المبضعة في هذا المكان او في ذاك.
واستدرك سماحته قائلا انا لا انفي وهذا لا يعني اني اؤكد ربما توجد مجاميع لاعلاقة لها بالارهاب وان عملها ضد الاحتلال لكن على هؤلاء ان يرتهنوا الى شرعية محددة واعطى مثالا وهي سوريا واسرائيل حيث قال ان سوريا ضد اسرائيل ولكن هل بالامكان ان يدخل احد الى سوريا ويحمل سلاحا بدعوى مقاتلة اسرائيل ؟سوف يقال له ان هناك دولة وهناك اجهزة عسكرية وامن وما الى ذلك المطلوب لمثل هؤلاء عندما يتحدثون عن وجود مثل هذه المقاومة يجب ان يقولوا عن من يتحدثون واضاف سماحته: كانوا يقولون ان الزرقاوي مقاومة ولمدة سنوات، حتى اقتنعوا الان بان الزرقاوي مجرم، فمن يضمن لنا أن من يصفونه اليوم بأنه مقاومة لن يكون غدا بمثابة زرقاوي آخر أو يجرمونه في وقت لاحق.
وقال سماحته: سبق لي ان اشرت في مؤتمر القاهرة وفي ايام لجنة الدستور اذا كانت المقاومة مقاومة السلاح فالشيعة ايضا عندهم مقاومة سلاح لكن لم يخفوا انفسهم فهذا هو السيد مقتدى الصدر حينما قاوم بالسلاح تحدث بوضوح وعرف عن نفسه وجيشه وعن امكانياته والسبب الذي جعله يحمل السلاح، ولهذا إن كان هؤلاء جديون عليهم ان يعرفونا بأنفسهم وأن يرهنوا أنفسهم بالمشروع السياسي للعملية السياسية المعاصرة طالما ان من يدافع عنهم هو ينضوي تحت إطار هذه العملية .
وتساءل سماحته عن برنامج ادعياء المقاومة حيث قال البرنامج هو عمدة المقاومة، وشيء اسمه حمل السلاح من دون برنامج سياسي عبارة عن عبث , الان يدعون ان برنامجهم هو اخراج الاحتلال اخرجنا الاحتلال ثم ماذا ؟ . نحن نعتقد ان افضل برنامج سياسي هو هذا الدستور وافضل آلية لاخراج الاحتلال من دون ان تكبد العراقيين الالام والدماء هو المقاومة التي ننتهجها اليوم ابتداءا من مجلس النواب الى الحكومة الى اخر فرد من افراد هذا الشارع وهذه المقاومة اثبتت جدواها، فالعراق هو الدولة الوحيدة الاولى التي استطاعت ان تستصدر قرارا رسميا دوليا استرجاع لسيادتها في فترة زمنية سريعة جدا اقل من ستة اشهر وهذا اخذناه بالمقاومة التي كنا نطالب فيها في داخل مجلس الحكم على الرغم من اننا كنا مكبلين وكانت الخيارات صعبة ولكن تحملنا مسؤوليتها واخذنا الذي اردناه.
ونبه سماحته بعض السياسيين الذين بداوا يتحدثون بهذه القضايا الى ضرورة الانتقال بالفكر السياسي الى المرحلة الجديدة فالمرحلة القديمة انتهت ودور المعارضة السياسية انتهى والان دخلنا في بيت جديد اسمه بيت المشاركة الوطنية ولا يمكن لنا ان نفلت زمام الامور ونضعها بايدي كل من يشاء . وقال سماحته الان واحدة من المشاكل التي يعاني منها الكثير الاخوان من علماء اهل السنة يحدثوننا ويقولون ان الية الفُتيا اخذت من ايدينا والان الشباب لوحدهم يحللون ويحرمون براحتهم والتلاعب بملف التشريع يسبب فوضى هائلة لن يكون المتأذي فيها طرف واحد وانما الكل سيتأذى .
وقد تحدث سماحته عن مسألة التهجير القسري وعمل لجنة المهجرين التي شكلها مجلس النواب التي اتخذت توصيات هامة ستعرض خلال هذا الاسبوع على مجلس الأمن الوطني، مشيرا إلى إن واحدة من أهم أسباب التهجير هو محاولات البعض استباق معركة الاحصاء السكاني التي ستجري عام 2007 وهدف التهجير الحالي هو ايجاد تغييرات ديمغرافية، وطالب الأخ رئيس الوزراء الدكتور المالكي حفظه الله تعالى بأن يتأمل في حقيقة الأسباب التي تجعل جميع المواقع التي طالها التهجير هي نفس المواقع التي تعهدت القوات المتعددة الجنسية مهمة الحفاظ على امنها واستقرارها!!
وكالة انباء براثا ( واب )
https://telegram.me/buratha