فوجئت عائلة الحاج كامل الحمداني، في مدينة سوق الشيوخ، بمداهمة قوات الامن دارها بحثا عن ولدها احمد (30 سنة) الذي غادر لزيارة المراقد المقدسة في النجف وكربلاء الا ان المفاجأة، التي صعقت العائلة، كانت عثور قوات الامن، في غرفة احمد، على مجموعة كبيرة من نسخ كتاب قاضي السماء الخاص بجماعة «جند السماء» التي ادعى قائدها انه المهدي المنتظر.
وما زاد في حيرة رب العائلة ان يكون احمد شارك هؤلاء في القتال الذي دار في النجف اخيراً. واحمد لم يكن الوحيد من اهالي محافظة الناصرية، الذي غُرر به، حسب الاهالي ومنهم العشرات الذين جرى الاتصال بهم باعتبارهم اصحاب المهدي الـ313.
ويروي المقدم عبد الامير جبار، آمر الفوج الاول في الشرطة الوطنية في المحافظة، لـ «الحياة» ان فوجه «كُلف بمداهمة منازل مشتبه في انتمائهم الى المجموعة. ويقول «وجدنا خلال الحملة اعداداً كبيرة من كتب قاضي السماء». ويضيف: «وجدنا في التحقيقات الاولية اكثر من طريقة استخدمت لكسبهم وضمهم الى الجماعة واكدت لنا زوجة احد المطلوبين انه اباح لها بسر الاتصال به منذ البداية ووجه اليه احدهم الدعوة باسم المهدي باعتباره من اصحابه المختارين بأمر الله مستغلين في ذلك روايات في المعتقد الشيعي بهذا الخصوص وفي اليوم التالي روى لها قصة رؤيته للامام في منامه وهو يدعوه للحضور الى النجف».
الشيخ ابو منجد الشمري (رجل دين من الناصرية) يفسر القضية على طريقته بالقول إن «هذه الجماعة استخدمت احدى وسائل تسخير الجان وارساله الى أي انسان آخر بهيئته وابلاغه رسالة وفقاً لما قرأناه في كتب السحر الاسود والاحمر وغيرها» ويقول يبدو «ان هؤلاء وقعوا في شباك قوى منظمة استخدمتهم لتشويه المذهب الجعفري».
وفي المدينة نفسها يروي حاتم، شقيق عنصر آخر من الجماعة، ان شقيقه مهند (40 سنة) اشترى كميات كبيرة من الضمادات والادوية والمعقمات قبل ذهابه الى النجف في اليوم الثاني لعاشوراء بحجة بيعها هناك الا ان «خبر مقتله في معركة الزركة فسر لنا اسباب ما فعله».
ومن القصص الاخرى، التي يتداولها الناس ايضاً بحسب الحاج عبدالجليل احد تجار المدينة، ان «أكثر من ثلاث عائلات تورط ابناؤها مع قائد جند السماء كانوا قلقين على ابنائهم، ويبدو انهم كانوا على علم بانتماءاتهم، اطمئنوا بعد يومين من معركة الزركة بعد ورود اخبار عن اسرهم احياء اثناء الاشتباكات».
وفي الناصرية مركز المحافظة روى حيدر (30 سنة) ان اخاه محمود تورط من خلال احد اصدقائه الذي فاتحه بظهور الامام وانه اختاره (أي الامام) لنقاء قلبه وسلامة معتقداته ليكون احد قادة جيشه ليملأ الارض عدلاً وقسطاً وفي اليوم نفسه اخبرني ان الامام المهدي جاءه البارحة في المنام وطلب اليه الحضور الى النجف «لقد خسرنا كل شيء المال واخي ولا ندري اين سيكون قبره».
وفي احد الاحياء الفقيرة في اطراف الناصرية التقت «الحياة» بالسيدة «س.غ» طليقة احد عناصر «جند السماء» وقالت «طلقني زوجي قبل حلول شهر محرم بأسبوع على رغم عدم وجود اية خلافات بيننا ولم يمض على زواجنا غير سنة واحدة». واضافت: «كان آخر اتصال له بعائلته يوم المعركة وقال لهم انه ومجموعة كبيرة معه قرروا اللجوء الى الاميركيين وهم يحاولون الوصول الى القوات الاميركية التي تساند القوات العراقية في الهجوم وتسليم انفسهم لها خشية ان يقتلوا على ايدي العراقيين .
وفي الحي نفسه افاد ميثم شقيق احد عناصر «جند السماء»: «قبل سفر اخي سلطان الى النجف ابلغنا في جلسة عائلية اشترط ان تكون سرية عن دعوة وجهت اليه من الامام المهدي للقتال ضد الظلمة من الكفار وعلماء المذهب وبعد يومين من وصوله اتصل بنا على الهاتف النقال وكان يتباهى بأنه جالس مع المهدي الآن في الغرفة نفسها وزيادة في التبرك طلب من والدتي السلام على الامام المنتظر وفعلا كلمته وألقت عليه التحية ولسذاجتها اجهشت بالبكاء وكانت تدعو لهم بالنصر». واستدرك: «لكن ما خيب املنا ان المهدي مات في اول رصاصة».
وقال رجل الدين الشيخ صادق العبادي ان «هؤلاء استقطبوا عناصرهم من وسط ساذج وامي وعاطفي ساعدهم في تحقيق اهدافهم التي روجوا لها عبر روايات غير صحيحة فيما تعيش غالبية هؤلاء في فقر مدقع ووجدوا في هذه البدعة وسيلة للخروج من الوضع الاقتصادي الخانق».
وحمل الشيخ علي السعيدي، من مكتب الصدر في الناصرية، مسؤولية انجرار السذج والفقراء الى البدع على عاتق الحكومة التي قال انها «لم تتكفل بالطبقات المسحوقة او توفر للعاطلين عن العمل فرصاً كريمة للعيش بالاضافة الى انتقاد المجتهدين والمراجع الدينية لعدم التصرف الصحيح بالصدقات والخمس التي سنها الاسلام كنوع من التكافل الاجتماعي».
https://telegram.me/buratha