الأخبار

أسرة آل الحكيم تحيي الذكرى السنوية السادسة والثلاثين لرحيل زعيم الطائفة الإمام السيد محسن الحكيم (قدس الله سره)

2458 18:42:00 2006-05-01

 النجف الاشرف _ مكتب سماحة السيد الحكيم _ وكالة انباء براثا ( واب )

أحيت أسرة آل الحكيم الذكرى السنوية السادسة والثلاثين لرحيل زعيم الطائفة الإمام السيد محسن الحكيم (قدس الله سره) خلال الحفل الذي أقيم في جامع الهندي يوم الأربعاء 27 ربيع الأول 1427هـ، الذي حضره سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عمار الحكيم، والأستاذ جابر الجابري وكيل وزارة الثقافة وعدداً من أساتذة وطلبة الحوزة العلمية وحشد غفير من المؤمنين.

وألقى سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد حسين الحكيم خلال الحفل كلمة نيابة عن أسرة آل الحكيم استذكر خلالها المراحل التي عاشتها الشخصية الفذة للإمام الحكيم (قدس الله سره)، مؤكداً على ضرورة أخذ الدروس والعبر من تجربته الضخمة التي تنير الطريق لكل المؤمنين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين.

عندما نستذكر الإمام الحكيم قده في ذكرى وفاته لابد لنا أن نقف في كل مرحلة من مراحل تلك الشخصية الفذة لنستخلص منها العبرة ونستفيد من تجربتها الضخمة دروساً تنير لنا الطريق وفي هذه الكلمة نذكر بعضا منها وبصورة موجزة.

الأولى: السيد الحكيم شابا:

فقد نشأ سيدنا ره نشأة ملؤها الجدية والمثابرة ووضوح الرؤية التي أهلته أن يصاحب جيل المربين من أصحاب أبيه(ره) من العلماء الأعلام فاكتسب ثقتهم وجعلتهم يكتشفون مؤهلاته العلمية والقيادية في وقت مبكر ،فما إن بدأ العالم الرباني المجاهد الكبير السيد الحبوبي حركته الجهادية حتى اختاره من بين كل حواريه من العلماء الكبار، معتمداً عليه، له يسلمه خاتمه الذي يعني مصدر القرار الجهادي (الشرعي والمادي)، مع أن الإمام الحكيم كان في أوائل العشرينيات من عمره الشريف.

فما أعظمه من قائد شاب يبدأ حياته بالجهاد ويمتاز عن المجاهدين بأن يكون مدافعاً، مشاركاً في القرار القيادي، وهذا ما أكسبه خبرة القائد المتحسس للأخطار المحدقة بالأمة.

الثانية: الإمام الحكيم عالما:

من عادة المجاهدين وذوي الحس القيادي أن تشغلهم الحركة الاجتماعية والسياسية عن مواصلة البحث العلمي والجد في مراتب الاجتهاد الفقهي، بينما نرى سيدنا الجد(قدس الله سره) كان طلب العلم له هدفا أسمى وأولوية قصوى، فكان يواصل الدرس والتدريس والكتابة والتأليف، فكتب أبحاث أساتذته واستقل بالتأليف في سنيه المبكرة، فكانت بدايته الفقهية شرحه للتبصرة التي استبدلها بـ(مستمسك العروة الوثقى) تلك الدورة الفقهية التي هي المحور لمجتهدي الحوزة العلمية فضلاً عن طلبتها ضمّنها مع فقهه السليم أصوله الرصين بأسلوب علمي خال من الإطالة .

وقد رعى طلبة الحوزة العلمية رعاية خاصة يحمل همهم ويتابع حل مشاكلهم مضافاً إلى رعايته الخاصة للطلبة الوافدين من المناطق ذات الحاجة الماسة للمبلغين، وعندما احتاجت الحوزة العلمية لبناء المدارس بادرة لبناء مدرسته العلمية الضخمة (دار الحكمة) مع ما كانت تحمله من خصائص، فكان لها الدور الكبير في الحوزة العلمية ،ولكن نالها الظلم والقهر البعثي ففجّرها النظام بعد الانتفاضة الشعبية عام 1991 كما أنشأ سيدنا الحكيم مدرسة أخرى وهي الآن (مدرسة السيد الحكيم) أضف إلى ذلك وقد أجازه لكثير من أهل الخير في صرف الحقوق الشرعية لإنشاء المدارس فأنشأت أكثر من خمس مدارس .

فرحمه الله تعالى من عالم نفع بعلمه، وأثرى المكتبة العلمية بتأليفاته، فكتب للفقيه مع المستمسك نهجا للفقاهة، وللأصولي، حقائق للأصول، وربى أجيالا من العلماء والفقهاء نمّى في نفوسهم الإخلاص والتواضع، والهمة العالية، ورعى الطلبة رعاية كانوا يشعرون في كنفه عزة ومنعة.

الثالثة: الإمام الحكيم والحركة العلمية:

فقد كان الإمام الحكيم يرسم للنجف الأشرف دوراً كبيرا في الثقافة والمعرفة إذ كان يؤكد على التواصل بين رجال الحوزة وبين أساتذة وطلبة الكليات والمعاهد الأكاديمية، فيطلب من هذا المجتهد أن يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه للدراسات الإسلامية في جامعة بغداد، ويوصي بأن يمارس الآخر التدريس في هذه الكلية أو تلك، ليوجد حالة من الانسجام والتواصل والاحترام بين طرفي المعرفة والثقافة، ولا أدل من مبادرته بمشروع جامعة الكوفة التي اشترى لها الأرض وهيأ لها كل المستلزمات لتكون جامعة تحتوي على كل الأقسام العلمية من الطب والهندسة والقانون والشريعة والاقتصاد والفلسفة وغيرها. ولكن مجيء النظام البعثي للسلطة جمّد هذا المشروع العلمي الكبير بل ذبحه فلم يبق منه شيئا حتى الأرض إذ صادرها فكان هذا المشروع الثقافي الهام واصلاًمن ضحايا النظام الدكتاتوري.

الرابعة :الإمام الحكيم مرجعا:

بدأ رضوان الله تعالى عليه مرجعيته متحملا للمسؤولية، متحسساً للأخطار، راسماً للأهداف، سائراً إليها ببصيرة العارف.ويمكننا أن نذكر بصورة موجزة بعضا من أهدافه ومشاريعه رحمه الله تعالى:

أولا: قد حدد الإمام الحكيم أن العلم والثقافة من أهم ما يرتكز عليه بناء المجتمع السليم، فأنشأ مكتبته العامرة وفروعها المنتشرة في كثير من المدن العراقية، وقد كان لهذه الحركة الثقافية دورا كبيرا إذ لا تجد مثقفا أو ناشطا في حقول المعرفة إلاّ كان لتلك المكتبة وفروعها دور في ثقافته ورسم توجهاته، إذ كانت هذه المكتبات ـ ولازالت والحمد ـ تستقبل الطالب من مرحلة دراسته المتوسطة أو الثانوية حتى انتهائه من رسالته الجامعية يقضي فيها أيام عطلته ويرتادها عندما يكتب رسالة تخرجه، يجد فيها ضالته من الكتب الدينية والأدبية والتاريخية والعلمية بكل أصنافها.كما كانت الاحتفالات التي تقيمها تصقل مواهبه وتنمي قدراته وتبرز طاقاته.

ثانيا: إنشاء المساجد والحسينيات، فكان سعيدأن لا تخلومدينة من شمال العراق إلى جنوبه إلاّ من مسجد أو حسينية يذكر فيها الله تعالى، وتقام فيها الفرائض وينشر منها منهج أهل البيت عليهم السلام، فكان يشجع ويدعم مشروع بناء مسجد أو حسينية في كل منطقة لما لهما من الدور الكبير في استقطاب الشباب واجتماعهم حيث كانت المساجد والحسينيات، مراكز تنطلق منها الحركة الثقافية الدينية ففيها تقام الصلوات ويحتفل بالمناسبات وتشتد أواصر العلاقات الاجتماعية .

ومن المهم أن نذكر هنا أن الإمام الحكيم لم يقتصر اهتمامه على العراق إذ أن فروع المكتبة توسعت إلى خارج العراق كما كان يدعم بناء المساجد والحسينيات في كل البلدان التي تحتاج إلى الدعم كالهند وباكستان وأفغانستان ومشروعه في إنشاء المدارس الدينية في المدن والولايات الباكستانية والأفغانية كان له الدور الكبير في جذب الشباب الراغب في الانضمام إلى الحوزة العلمية .

ثالثا: الدور الهام الذي قامت به مرجعية الإمام الحكيم في التواصل مع المحيط العربي والإسلامي، فسجّل لها التأريخ المواقف في القضية الفلسطينية والكثير من القضايا العربية والإسلامية، فكانت الوفود والشخصيات تتوالى على النجف الأشرف لتستمع لإرشاداته وتوجيهاته، وكان رحمه الله يرسل الوفود والشخصيات العلمية لحضور المؤتمرات المهمة، وكان يتابع الأحداث ويتخذ الموقف المناسب في معالجة الكثير من الأزمات ومن أهم مواقفه أنه حين أصدر عبد الكريم قاسم قراره بضم الكويت للعراق منع الإمام الحكيم قده رئيس الأركان العراقي من التحرك لاحتلال الكويت لما أدرك من الأخطار التي ستتوالى على المنطقة من تلك الخطوة،فاستجاب القائد العسكري لأنه كان من مقلدي الإمام الحكيم ورفض الانصياع للأوامر العسكرية،وبذلك يكون الإمام الحكيم قد جنب العراق والمنطقة أخطارا ومآسي أدركناها بعد عقود من الزمن. وأفتى بتحريم قتال الأكراد، تلك الفتوى التي منعت سيل الدم العراقي، وشدّت من أواصر اللحمة بين الأكراد والشيعة، بل كان رحمه الله ملجأ يلجأ إليه كل من دارت عليه الدوائر عند ما يأتي حاكم جديد، فيطلب تدخل الإمام الحكيم ليقيه من شر السلطة، فكان(قدس الله سره) يتأثر لكل دم يراق ويتألم لمصاب كل مظلوم .

كان يريد للعراق أن يستقر ولمكونات مجتمعه أن تتواصل وتتعايش، فكان يرسل الوفود للتواصل وحضور المناسبات المهمة للمسيحيين، ويتابع الأحداث مع علماء السنة العراقيين، ويتدخل لحل مشكلة هذه الطائفة أو تلك.

رابعا: الاهتمام الذي كان يوليه الإمام الحكيم للمراقد والمقدسات الدينية فقد أمر(قدس الله سره) بصياغة شباك لحرم أبي الفضل العباس عليه السلام، وأمر ببناء قبة ذهبية وشباك لحرم مسلم بن عقيل عليه السلام، ولا أكتمكم أني عندما وصلت لهذا المقطع اعتصرني الألم وشعرت بالشرخ الكبير في وجداني إذ استذكرت أن سيدنا الحكيم هو الذي أمر بعض أهل الخير ببناء الطارمة الشريفة لمرقد الإمامين الهادي والعسكري عليه السلام، وأعتقد أن لهذا المشهد الشريف والفجيعة التي لحقت به لوعة خاصة في نفوس أتباع أهل البيت عليهم السلام، لأنه يحكي التعايش والأمانة التاريخية خلال أكثر من ألف عام وقد حاول التكفيريون أن يزلزلوه في غفلة من الزمن الصعب، ولكن أبناء العراق وأتباع أهل البيت عليهم السلام، في كل أنحاء العالم سيتكاتفوا لبناء هذا الصرح العظيم ويعيدوا الأمانة بعزة وكرامة تليق بأن تكون البداية لدحر الإرهاب عن كل البلاد الإسلامية.

فرحمك الله يا أيها الحكيم عندما أحسست عظمة المأساة التي كانت تنتظر العراقيين بتسلط النظام البعثي الغاشم عام 1968 وما سيجرّه من الويلات والمآسي والمصائب على العراق والعراقيين فكأنك تنظر لهذه النتيجة التي آل إليها مصيرنا من النظام وسياساته وتحالفات أزلامه. وليس من الصدفة أن يبدأ النظام البعثي جرائمه بالإمام الحكيم فتكون حصيلة جرائمه أن يستشهد ما يقارب الستين شهيدا من هذه الأسرة العلمية الكريمة ويتصدر الشهداء سبعة من أبناء الإمام الحكيم بيد طاغية العراق.

فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.

وفي الختام نشكر السيد والعلماء الأعلام والأساتذة الكرام والطلبة الأفاضل والشيوخ والوجهاء وجميع الأخوة المؤمنين الذين شاركوا في هذه الاحتفال السنوي، داعين المولى عز وجل أن يحفظ العراق والعراقيين من كل سوء ويدفع عنه شر الإرهاب والتكفيريين إنه أرحم الراحمين وهو حسبنا ونعم الوكيل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك