"بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الاخوات العزيزات ..
أيها الاخوة الاعزاء..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ينعقد مؤتمركم في لحظة انعطافية بالغة الاهمية والتأثير على مصائر البلاد و العملية السياسية الجارية فيها ومآل الديموقراطية الوليدة في عراقنا جديد.
اننا اذ نعقد هذا المؤتمر ، وربما نواصل الارتقاء بقراراته ، و نوسع من دائرة المشاركين فيه ، لاننطلق من موقف ضعف أو شعور باستنفاذ الطاقة و الاحساس بالوهن ازاء التعقيدات و الصعوبات والتحديات التي نتعرض اليها من قبل الارهابيين و التكفيريين و الصداميين ومن يواليهم أو يساندهم ويمدهم بوسائل القتل و التدمير ، بل من الثقة بتوفر امكانات الحاق الهزيمة باعداء مسيرتنا الديموقراطية ، والاهم من ذلك من الحرص على تجنيب شعبنا المزيد من الويلات و المجازر التي يتكبدها ، والعمل على جذب اوسع قاعدة شعبية سياسية الى العمل الجاد و المستمر لجهة اعادة الأمن و الاستقرار و حماية ارواح المواطنين و ممتلكاتهم و ثروات البلاد التي يسعى المخربون الى تبديدها للحيلولة دون توظيفها للمضى قدماً في طريق التحولات الاجتماعية الاقتصادية و السياسية التي تفضى في نهاية المطاف الى ازدهار العراق و تطوره.
لقد اكدنا دائماً اننا انصار متحمسون للمصالحة الوطنية الحقيقية ، وافصحنا في كل مرة عن مفهومنا لهذه المصالحة ، باعتبارها اعادة اصطفاف لقوى شعبنا بكل تنوع طيفه و مكوناته ، واعلنا جهاراً و دون اي مواربة أو غموض ، ان الجميع معنيون بها ، بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية أو السياسية أو الاجتماعية بمن فيهم الذين انتموا الى حزب البعث أو العاملين في اجهزة النظام الدكتاتوري السابق باستثناء المجرمين و القتلة من الصداميين الذين يجهرون بلا حياء ، " ناهيك عن اعتذار " باستمرار تمسكهم و ولائهم لصدام حسين سياسياً و فكرياً ، بل و اعتمادهم ذات الاساليب الاجرامية في ترويع المواطنين وقتلهم و الاستهانة بكراماتهم و الاستهتار بمقدرات البلد و مستقبل ابنائه.
و لاشك في اننا لانعني بالمصالحة ، مصافحة التكفيريين و عصابات الاجرام من الارهابيين الوافدين منهم وعديمي الضمير و الاخلاق ممن ينشرون الدمار و الموت و المجازر الدموية اليومية في الاحياء السكنية الشعبية وفي الطرقات العامة.
أيتها الاخوات
أيها الاخوة
لقد أن لنا جميعاً ، سواء كن في داخل العملية السياسية الديموقراطية أو في المعارضة البناءة ، أن نبذل كل مسعى ممكن لتظافر جهودنا بتوحيد مواقفنا والتعالي على جراحاتنا ، والتسامي فوق الصغائر.
وتجاوز الخلافات الثانوية التي تضيق كلما اتسعت دائرة نشاطنا المشترك.
ولاشفيع لنا بغير مثل هذا التكاتف و التضامن و التصميم على تعبئة كل القوى لالحاق الهزيمة باعدائنا جميعاً ، اعداء العراق الفيدرالي الديموقراطي ، اعداء الشيعة و السنة و الكرد و التركمان و المسيحيين و المسلمين و الايزيديين و الصابئة و جميع المكونات الدينية و المذهبية و القومية التي تشكل بمجموعها رصيدنا الوطني الخلاق.
لقد حان الوقت ، والمؤتمر فرصة ثمينة في هذا السياق ، لتحديد الموقف بكل حزم من الخندقين المتعارضين ، خندق الديموقراطية و الوطنية العراقية الحقة ، وخندق الارهاب و المجازر و القتل على الهوية و التكفير و التخلف.
خندق العراقيين الذين يريدون استعادة الطمأنينة و الاستقرار و اعلاء شأن الوطن العراقي و دوره في المحافل العربية و الدولية ، وحجور ازلام الدكتاتورية و الاستبداد التكفيري و الظلامي.
ان جميع الاطراف المشاركة في هذا المؤتمر و التيارات العراقية الحزبية و الرسمية و المستقلة عرباً و اكراداً و تركماناً و كلدوآشور وغيرهم و اسلاميين و ديموقراطين علمانين و مسيحين ، رجالات الدولة و الاحزاب والمراجع الدينية الموقرة ، مدعوون الى الاعراب عن توحيد ارادتهم الخيرة لانجاح جهود المصالحة الوطنية ، وتبشيع قتل المواطنين و تفخيخ احيائهم و تصفيتهم على الهوية.
وعليهم جميعاً ان يقفوا وقفة انسان واحد بارادة صلدة ضد الصيغة الجديدة "للفصل " المقيت السيء الصيت الذي يذكر العالم المتمدن الديموقراطي ببشاعات الفصل العنصري الذي شهده جنوب افريقا ، وانتهت بالهزيمة و لعنات الشعوب.
ان من العيب علينا ان نقبل بتهجير المواطنين من بيوتهم و فصم عرى الجيرة و الاخوة التي هي جزء حي من نسيجنا الوطني و الاجتماعي ، ومن " النخوة العربية " التي كانت دائماً مضرب المثل و الشيمة العراقية المعروفة.
اننا اذ نحدد ملامح المصالحة الوطنية المطلوبة ، نؤكد بحزم رفضنا للاصوات المنكرة ، اصوات " اشباه القادة " الذين يطلقون النفير العام ، ويحرضون الدول العربية و الاسلامية على اخوتهم ، ويكرسون الانقسام الطائفي ولايخجل بعضهم من الدعوة علناً لاخلاء بغداد ومدن أخرى من الشيعة .
انهم بذلك يشجعون المتطرفين الذين يمارسون نفس الجريمة بوسائل أخرى ، وينتقمون من الابرياء من اخوتنا السنة ويوغلون في دمهم ويصادرون ممتلكاتهم.
ان من يحرض على الفتنة ويتلبس لبوس أهل السنة ، كانه يحمل هذه الطائفة التي تشكل مكوناً عزيزاً من مكونات مجتمعنا و شعبنا وزر مايسود البلاد من ارهاب و تفجير و تفخيخ ، و السنة كطائفة براء من هؤلاء ومن جرائمهم.
كما ان الدعوات الى الانتقام العشوائي من المواطنين بجريرة ما يرتكبها البعض من مجازر حرام في الدنيا و في الاخرة و مستنكر و لابد من الوقوف بحزم ضدها ومعاقبة مرتكبي الجرائم بذريعتها.
أيتها الاخوات
أيها الاخوة
سنواصل السعي للتمكن من تضيق الخناق على اعداء المصالحة الوطنية و سد المنافذ في طريقهم ، وتجفيف مصادر تمويلهم وتسليحهم . ونحن جادون في اتخاذ الاجراءات الحازمة السياسية و الأمنية و العسكرية الى جانب جهد سياسي مكثف و حوارات متواصلة في الداخل ، مترافقة مع حركة دبلوماسية نشيطه في الجوار و الخارج عموماً.
وهذا ما ستشهده الايام القادمة سواء في اجراء المزيد من الزيارات و اللقاءات و الحوارات مع قادة البلدان العربية و الاقليمية و لارساء اسس التعاون و احترام المصالح المتبادلة ، و اقامة قاعدة متينة من شأنها مواجهة مشتركة مع الارهاب و الارهابيين.
ان جبهة الدول و الاوساط السياسية المقتنعة بأن الارهاب لا دين له و لا وطن تتسع ولابد لها ان توحد جهودنا ضد الارهاب.
اننا ننتظر منكم قرارات فعالة عملية تنقلنا خطوة نوعية جديدة على طريق المصالحة الوطنية الحقيقية ونحن قادرون على ذلك . وشعبنا و قواه الخيرة يملك امكانيات بشرية و مادية هائلة لتحقيق الاهداف الديموقراطية ودحر الارهاب و العنف و انهاء الاقتتال الطائفي.
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته
جلال طالباني
رئيس الجمهورية العراق
https://telegram.me/buratha