بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على خاتم الانبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
السلام عليكم ايها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته..
ان من دواعي سرورنا ان ينعقد "مؤتمر القوى السياسية العراقية للحوار والمصالحة الوطنية في العراق" ليكون خطوة اساسية وضرورية لتحقيق الحوار والمصالحة الوطنية وليشكل واحدة من مفردات الحقائق في عراق اليوم.
أيها الحضور الكريم.. في العراق اليوم مجموعة من الحقائق باتت تشكل بمجموعها هوية العراق، وهي حقائق لم تكن لتوجد الا بعد التضحيات الكبيرة التي قدمها شعبنا وهو يخوض نضاله الطويل ضد الدكتاتورية قبل سقوط نظام صدام، و بعد سقوطه ايضاً، وعلى هذا الاساس فأن هذه الحقائق يجب ان تكون محور حوارنا، واتفاقنا، ليكون حوارنا مبنياً على اسس واقعية تحدد لنا المسار والاتجاه والهدف الذي نسعى الى تحقيقه..
ومن جملة هذه الحقائق:
اولا- الحرية، وكل ما ينتج عنها من مفاهيم وآليات الديمقراطية والنظام البرلماني والتعددية السياسية وحرية التعبير والانتخابات واحترام حقوق الانسان وبناء مؤسسات المجتمع المدني، وماتحقق اليوم على هذا الصعيد من انجازات لايمكن التنازل عنها بأي شكل من الاشكال، لأن التنازل عنها يعتبر عودة الى الديكتاتورية، وذاك حوار يرفضه كل العراقيين الشرفاء.
ثانيا- المشاركة للجميع، حيث ان الشعب العراقي يتكون من مجموعة من الاعراق والمذاهب والاديان، ومن حقهم الطبيعي ان يشاركوا جميعا في ادارته وفق القانون والدستور، ومن هنا نؤكد حرصنا على ان يكون العراق لكل العراقيين، ونرفض الاحتراب القومي والطائفي، وعندما نؤكد على حق الجميع في المشاركة لانعني بذلك ان تكون لكل واحد ( حصته) يستأتر بها لنفسه وقومه، بل نعني ان يكون له دور في شرف المساهمة بخدمة كل العراقيين، لان العراق كل لايتجزأ، ولا يمكن بناؤه وتقدمه اذا جزأناه على اسس الحصص الخاصة.
ثالثا- وحدة العراق، فنحن نؤمن بأن قوة العراق تكمن في وحدته، ونعني بها وحدة أرضه و شعبه، وأن ما تحقق من انشاء اقليم كردستان والنظام اللامركزي في المحافظات يشكل منطلقا ًمهماً من منطلقات النظام الفيدرالي في العراق، الذي سيشكل عاملا مضافا للتوحد وقوة البلاد، ونؤكد من خلال ذلك رفضنا للتقسيم بأي شكل من الاشكال ودعوتنا الى المحافظة على وحدة العراق.
رابعا- الارهاب والعنف المسلح، فقد انطلقت الجرائم الارهابية في العراق منذ الشهور الاولى التي تلت سقوط نظام صدام البائد، وقد صدرت دعوات صريحة لقتل العراقيين و ابادتهم وكان شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم اول ضحايا هذه الدعوات المشؤومة حيث استشهد معه اكثر من مئة من المصلين واصيب مئات اخرين بفاجعة الجمعة الدامية في مدينة النجف الاشرف، ولم يعد خافياً ان التكفيريين والصداميين هم الذين يقفون وراء هذه الاعمال، وهؤلاء هم الاعداء الحقيقيين للشعب العراقي، ومن اجل تحقيق المصالحة والحوار الوطني فلابد من وجود ميثاق شرف تجمع عليه القوى السياسية العراقية، يقضي بالاتفاق على مواجهة هذا الارهاب وتقديم المتورطين في هذه الجرائم الى المحاكم لينالوا جزاءهم على جرائمهم، ولابد هنا من التأكيد على تطبيق قانون مكافحة الارهاب.
خامسا- دولة القانون، فالعراقيون انجزوا صياغة دستورهم بأنفسهم وصوتوا عليه بأرادتهم الحرة، ولابد من قيام دولة القانون وفق الدستور، ومن هنا فلابد للجميع من احترام ارادة العراقيين، والاحتكام الى القانون في حل الخلافات، ولامناص من التخلي عن السلاح، وان يكون فقط بيد القوات الحكومية التي تمتلك ولوحدها صلاحية بسط الأمن في البلاد، بل هي مسؤوليتها الدستورية، فالتعدي على القانون يؤدي الى الفوضى، وحين تعم الفوضى يشعر الجميع بفقدان الامن، وهذا مايحصل اليوم، واجراءات مواجهة الارهاب ونزع السلاح والاحتكام الى القانون يجب ان تحصل في اطار واحد هو اطار تحقيق الامن للمواطن العراقي وتحقيق دولة القانون.
سادسا- العراق المستقل، اذ يجب ان نواصل مساعينا لتحقيق السيادة الكاملة للعراق، ونعني بذلك العراق الخالي من القوات الاجنبية، والذي يتخذ قراره بأرادته الحرة دون تدخل من اية جهة، وبناءً على مصالحه، شأنه في ذلك شأن كل الدول المستقلة، فنحن نريد للعراق ان يكون مساحة لالتقاء المصالح ومنطلقاً للتفاهمات المشتركة، ونرفض ان يتحول الى منطقة للنفوذ الدولي والاقليمي، وارضا لتصفية الحسابات، او قاعدة للعدوان على الجيران، نريد ان نعيش بسلام ووئام مع كل دول الجوار والعالم، و لانريد ان نكون سبباً في احداث اي قلق للامن و السلام لدى الجيران و العالم اجمع، كما نرفض بشدة اية تدخلات اقليمية مشبوهة في الشان العراقي.
سابعاً- انجاح مهمة حكومة الوحدة الوطنية في مجالات الامن والخدمات والمصالحة الوطنية وتأكيد مبدأ المشاركة الحقيقية لكل الاطراف.
ثامناً- البناء و الاعمار ومكافحة الفساد الاداري، فنظام صدام البائد ترك العراق وقد دمرت فيه جميع البنى التحتية، وترهل النظام الادارى واستشرى الفساد فيه، ولاحداث نهضة كاملة على صعيد الاعمار، ولاصلاح النظام الاداري ومكافحة الفساد الاداري، لابد من تظافر كل الجهود، حيث سينعكس ذلك لصالح كل العراقيين، ويجب ان نتخلى عن النظرة الطائفية الضيقة لانها تحمي الفساد والمفسدين، فالحفاظ على مصلحة العراقيين واحترام ارادتهم وكرامتهم وحقوقهم يجب ان يكون شعارنا ورائدنا ونحن نتقدم لخدمة العراق في كل الميادين، لان البنى التحتية ملك لكل العراقيين والتعرض لها و تدميرها او تخريبها يعتبرعدوانا على كل العراقيين وعلى مصالحهم، ولابد لكل الشرفاء من حماية مصالح ابناء شعبهم.
هذه هي بعض حقائق العراق اليوم.. ونحن اذ ندعو الى التعامل معها بجدية واهتمام فمن منطلق الحرص على الخروج بنتائج بناءة ومفيدة لحوارنا واتفاقنا، و على هذه الاسس سنصل الى شاطي الامان الذي يمكننا من بناء العراق الحر الامن المستقل والمستقر.
..والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
https://telegram.me/buratha