استأنفت يوم الاربعاء 29/11 المحكمة الجنائية العراقية العليا برئاسة القاضي محمد العريبي الخليفة الجلسة الـ25 من محاكمة الطاغية العراقي صدام حسين وستة من معاونيه في قضية الابادة الجماعية في حملات الأنفال عام 1988.
حيث استمعت المحكمة في جلسة اليوم الى خبيرين جديدين في القضية اكدا هجوم طائرات عراقية على قرى كوردية بالاسلحة الكيماوية ووجود اثار استخدام غاز الخردل على اجساد المصابين بشكل واسع.
في بداية جلسة اليوم من المحاكمة حدث جدل بين القاضي عريبي الخليفة ومحامي الدفاع بديع عارف بسبب احتجاجه على الاستماع الى شهادة خبراء الأمس واليوم.
واشتد الكلام بين القاضي والمحامي الذي ابتدأ كلامه قائلا: انه سيحاول عدم استعداء المحكمة عليه لانه يثق بان القاضي عادل.
فرد عليه القاضي بضرورة التحدث باسلوب قانوني ومناداة المشاركين في المحكمة بالقابهم القانونية، مؤكداً ان المحكمة لااستعداد لها للدخول في خصومة مع أي احد.
فرد المحامي مخاطباً الادعاء بكلمة هذا الرجل. وهنا تدخل القاضي صارخاً بوجه المحامي (اخرج..اخرج) وامر باعتقاله لمدة 24 ساعة. وقال انه سيخاطب نقابة المحامين لإتخاذ اجراءات قانونية ضده.
فاجابه المحامي انه يترك القضية الى الراي العام العالمي.
محامي دفاع آخر يخرج من الجلسة إحتجاجاً على طرد عزت.
محامي آخر من هيئة الدفاع يؤكد أن الخبير الأمريكي كلايد سنو سبق وتقدم من المحكمة بصفة شاهد ووضع تقريراً حول حادثة قرية كريمي أمام المحكمة وبالتالي لا يحق له أن يتقدم مرة أخرى كخبير.
القاضي يرفض طلب محامي الدفاع مما يدفع المحامي إلى طلب مغادرة القاعة إحتجاجاً على قرار طرد بديع عارف عزت وتوقيفه.
ومن ثم قرر القاضي الاستماع إلى احد الشهود الخبراء هو دوغلاس سكوت من مواليد 1948 مختص بالآثار والأسلحة وإعادة تشكيل مواقع المعارك.
وبدأ الشاهد بالادلاء بشهادته حيث عرف عن نفسه أنه موظف متقاعد من وزارة الداخلية الأمريكية التي عمل لديها بصفة عالم آثار كما كان استاذاً محاضراً بالجامعات في الطب الشرعي والأدلة الجنائية.
واضاف سكوت أنه عمل مع الخبير الأمريكي الآخر كلايد سنو للتعرف على أنواع الأسلحة التي استعملت على الجثث في مقبرة قرية كريمي.
وشرح سكوت أن عمله تركز على دراسة 124 ظرفاً فارغاً لطلقات نارية وجدت قرب الجثث وقد تأكد أنها كلها صادرة من سلاح من نوع كلاشينكوف.
وعرض الخبير سكوت صوراً إفتراضية لموقع الجريمة مع المواقع التي قد يكون مطلقوا النار قد أطلقوا النار منها على الضحايا بناء على المعلومات التي استنتجها من مكان تواجد الظروف الفارغة.
محامي من هيئة الدفاع يستوضح من خبير الاسلحة حول الطريقة التي عرف بها أماكن وجود الظروف الفارغة والمسافة التي تفصلها عن الجثث.
سكوت يرد أن المعلومات وصلته عبر الدكتور كلايد سنو الذي قام هو وفريقه بجمع الظروف الفارغة وتحديد أماكن تواجدها.
المتهم سلطان هاشم أحمد يطلب من الخبير عرض الخرائط التي قدمها له الدكتور سنو والتي على أساسها قام بخلاصاته ويطلب منه تحديد الوسيلة التي استطاع عبرها التاكد من مكان وجود كل مجموعة من الطلقات.
سكوت يرد أن الخريطة التي أرسلها سكوت والظروف الفارغة كانت مزودة بأرقام وألوان خاصة لتوضيح المكان التي كانت فيه تلك الظروف.
المتهم سلطان هاشم أحمد يقول أن عدد الظروف الموجودة على أرض المقبرة كبير جداً بينما جنود الجيش العراقي لديهم أوامر باستعادة الطلقات الفارغة، كما يشير إلى أن العديد من العوامل قد تؤثر على تحديد هوية السلاح الذي أطلق منه الرصاص.
الإدعاء يؤيد شهادة الخبير ويطلب من المحكمة اعتمادها لأنها دقيقة وتتوافق مع ما قاله المشتكون والشهود.
المتهم علي حسن المجيد يسأل الخبير دوغلاس سكوت ما إذا كان قد دخل العراق في العام 1991 وزار مكان الجريمة ويشكك في صحة استنتاجاته حول موقع الرماة.
ونفى الخبير الامريكي سكوت أن يكون قد زار العراق وعاين موقع المقبرة، مؤكداً أنه يزور البلاد للمرة الأولى للوقوف أمام المحكمة. ومن ثم قرر القاضي رفع الجلسة للاستراحة لمدة ساعة وربع.
وعاودت جلسة المحكمة انعقادها بعد انتهاء فترة الاستراحة وبدأ القاضي بالاستماع إلى خبير في المواد الكيماوية وهو في الوقت نفسه الطبيب المختص في قضية الأنفال، وقد بدأ بعرض المعلومات العلمية التي بحوزته.
وقد سمح القاضي محمد الخليفة لدى بدء جلسة بعد الظهر لمحامي الدفاع بديع عزت عارف بالعودة الى المحكمة بعد ان كان قد طرده منها وامر باعتقاله ليوم واحد بتهمة اهانة المحكمة.
وبدأ الشاهد الثاني الطبيب في جلسة اليوم بالادلاء بافادته حيث اكد ان قنابل غاز الخردل والسيرين قد استعملت لضرب المناطق الكوردية وقد تسببت بوفاة الطيور والحيوانات بعد دقيقتين فقط بينما توفي البشر بعد خمسة دقائق.
وتابع الطبيب سفنديار احمد شكري وهو كوردي عراقي الاصل حاصل على الجنسية الاميركية من مواليد عام 1940 ويسكن مشيغان بالولايات المتحدة ان منظمة اطباء من اجل الانسانية اتصلت به عام 1988 للتحقيق في عمليات ضرب الكورد بالاسلحة الكيمياوية.
واضاف الطبيب الشاهد الثاني في جلسة اليوم الـ25 لقضية الأنفال انه تم توزيع اكثر من الف استمارة استبيان على لاجئين كورد في تركيا في معسكر ديار بكر وكان فيه 13 الف لاجيء ومعسكر ماردين وفيه 5 الاف لاجيء اضافة الى مقابلات تلفزيونية.
واشار الطبيب الى ان 25 شخصاً اكدوا انهم ضربوا في 25/8/1988 بقنابل كيمياوية وحدثت لهم اصابات جراء ذلك وقالوا ان روائح هذه القنابل كانت تشبه رائحة الثوم.
وعرض الطبيب اقوال مصابين كورد اكدوا فيها اصابتهم بالاسلحة الكيمياوية وقدموا وصفاً لاثار هذه الاسلحة على اعينهم واجسادهم اضافة الى وفاة اقارب لهم بفعل هذه الاسلحة.
ومن ثم قام الطبيب بعرض صور للمصابين بأعراض التسمم الكيماوي في مخيم في منطقة ماردين التركية على المحكمة.
الطبيب يوضح بعد سؤال القاضي له أن عمله كان ضمن منظمة إنسانية طلب منها التحقق من وجود تعرض لسلاح كيماوي لدى اللاجئين الكورد دون أن تطلب منهم الحكومة التركية معالجتهم.
الطبيب يخلص إلى أن تقريره يؤكد أن غازات الخردل والسيرين والأعصاب قد استعملت، ذاكراً بأن التقرير نشر في حينها بمجلات طبية أمريكية وقد وافق عليه خمسة عشر خبيراً طبياً.
اعترض الادعاء العام على اقوال الطبيب مشيراً الى ان سرده لاقوال آخرين غير مؤثر على سير القضية وطلب منه ان يسرد مشاهداته وكذلك نتائج تحليلاته عن المصابين.
فرد الطبيب بانه شاهد فتاة مصابة بصدرها بالاسلحة الكيمياوية لكنها لم تسمح بتصوير صدرها قائلة ان ذلك امر معيب وحرام وعرض صورة للصبية ويبدو ان عمرها كان يبلغ حوالي 10 اعوام، كما عرض صوراً لاصابات اشخاص آخرين واثار الجروح على اجسادهم التي تؤكد اصابتهم بغاز الخردل.
واشار الى ان السلطات التركية منعت الاطباء الذين عالجوا المرضى من التحدث اليهم، فتم نقل عدد من هؤلاء الى منطقة حدودية مع ايران للالتقاء بهم وتصويرهم.
واكد الطبيب ان فحوصاته اثبتت استخدام غاز الخردل وغاز الاعصاب ضد الكورد على نطاق واسع وهو ما اكدته الفحوصات والتحليلات التي اجرتها مختبرات في اميركا وبريطانيا.
ومن ثم قرر القاضي محمد العريبي الخليفة تأجيل جلسة اليوم الـ25 الى يوم غد الخميس 30/11.
https://telegram.me/buratha