الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في کتاب الخلل لصلاة للسيد مصطفى الخميني: في صورة إدراك ركعة إذا توجه في أثناء العصر إلى استدباره في الظهر فتارة يلتفت قبل الغروب، واخرى يلتفت بعد الغروب، وهو في أثناء العصر، وثالثة يلتفت بعد الفراغ من العصر، فالمسألة تطلب من محلها، فإن أدلتها مختلفة لسانا واحتمالا ثبوتا. وما هو الاقرب: أن الوقت لم يوسع، بل في هذه الاخبار شهادة على ما ذكرناه، وهو أن مقتضى إطلاق عقد المستثنى، كفاية وقوع بعض الصلاة في الوقت، لان الطبيعة وقعت في الوقت فتكون تامة، كما في بعض الروايات، ونتيجة ذلك جواز التأخير عمدا، إلا أنه خلاف الاجماع ظاهرا، والتفصيل في محله. فعلى هذا، فإن التفت قبل مضي الوقت، فالكلام هنا كما مر، وإن التفت إلى استدباره في الظهر بعد مضي الوقت، فهذه الاخبار محكمة، وصحت صلاته عصرا وعليه الظهر. وغير خفي: أن مقتضى القاعدة كفاية وقوع الاقل من ركعة، كما في أول الوقت، حسب الاخبار الخاصة في غير هذه الصورة، إلا أن ظاهر الاخبار في هذه المسألة عرفا، ومقتضى الاجماعات والشهرات، أنه في صورة عدم العمد لا يعد تارك الصلاة في الوقت، وإلا فصلاته صحيحة، ولو أدرك جزء يسيرا من الوقت، إما عصرا أو ظهرا، كما هو كذلك على كل تقدير، لعدم وجوب تأخير غير المدرك لركعة إلى أن يمضي الوقت، هو أولى لقاعدة الميسور، ولانتفاء الاختصاص بالمعنى المعهود. ولا أظن التزام أحد بوجوب الاصطبار إلى مضي الوقت إلى المقدار الذي يدرك فيه ركعة من العصر، حتى يجوز له الشروع في الظهر، بعد فوت وقت أدائهما، إلا بأن يقال بوجوب الشروع في العصر، لقاعدة الميسور، كما اشير إليه. كما لا أظن التزام القائلين بالوقت الاختصاصي، بوجوب اصطبار من أدرك مقدار التشهد من الظهر الصحيح، إلى أن يمضي مقدار أربع ركعات، حسب خبر داود بن فرقد وغيره. وكون أدبهم التفكيك بين الظهرين كما ينسب إلى الفقيه الاستاذ البروجردي قدس سره لا يقتضي الوقت الاختصاصي، بعد ورود الاخبار على أن الجمع سنة مطلقا، أو في الجملة. وأعجب منه: توهم الجمع بين الاخبار في المسألة الاصلية، بأن الاستثناء في قوله عليه السلام: إلا أن هذه قبل هذه إن كان من الاستثناء لمنقطع، فهو خلاف الاصل، فالاستثناء متصل، وهو: أن وقت هذه قبل هذه، فيلزم الجمع بين الطائفتين من الاخبار، فإن الحذف خلاف الاصل، فيلزم الاجمال، مع أن الاستثناء المنقطع كثير في الكتاب الشريف، بخلاف الحذف، فإنه لا يجب الالتزام به حتى في مثل واسأل هذه الدكة فإنه كلام استعمل في معناه اللغوي لنقل السامع إلى المراد الجدي، من دون أن نلتزم بالادعاء، كما تحرر في الاصول، بخلاف قوله تعالى: "لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى" (الدخان 56). وقد حررنا تفصيله في ذيل قوله تعالى: "لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" (النساء 29). بطلان ما ذهب إليه السيد اليزدي والكوه كمري قدس سرهما فلا وجه لذهاب السيد الفقيه اليزدي رحمه الله إلى أن جميع الاستثناءات المنقطعة ترجع إلى المتصلة، حتى قوله تعالى: "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما" (الواقعة 25-26). أو ذهاب جد أولادي الحجة الكوه كمري قدس سره إليه، وإلا لا يتم الاستدلال بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: علي عليه السلام مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي فإن الحق أن ما تخيلوه، مضافا إلى بطلانه، يكون الاستثناء المنقطع من كمالات الكلمات الكتابية، ووجوه أسرار البلاغة القرآنية والحديثية. تتميم: في بيان ما أفاده الوالد المحقق ما ذهب إليه ا لسيد المحقق الوالد، جمعا بين الطائفتين، بالالتزام بالاشتراك، من جهة إمكان إيجاب الصلاتين على الاطلاق قانونا من أول الوقت، حسب الخطابات القانونية، أيضا غير تام، لانه يختص بصورة كون النسبة بين المتعلقين عموما من وجه، كما حررناه في الاصول، ضرورة امتناع ترشح الارادتين القانونيتين وغيرهما، بإيجاب الوقوف في يوم عرفة على الاطلاق، في عرفات وكربلاء المعلى، بخلاف إيجاب الامرين، وتكون النسبة بينهما عموما من وجه كالصلاة والازا لة، وتفصيله في الاصول. اللهم إلا أن يقال: بكفاية فرض المقنن طرو النسيان، والغفلة، والجهالة، والسهو، والاضطرار، والاكراه، من غير أن يكون أحدهم من الحالات الراجعة إلى التقييد، بل يكون في تلك الاحوال وجوب الوقوف موجودا، ولكنه يكون معذورا، وإلى هذا يشير قوله عليه السلام: إلا أن هذه قبل هذه. ولكن الانصاف: أن هذه الاخبار ليست آمرة بالصلاة، كي يلاحظ أمر ترشح الارادة الباعثة، بل هي بصدد توضيح اشتراط الصلاة بالوقت ولو كان بالامر، كما في قوله تعالى: "أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل" (الاسراء 78).
عن کتاب البيع للسيد مصطفى الخميني: حول الاستدلال بآية التجارة على صحة المعاطاة قصور الايتين عن شمولها لا يلازم قصور آية التجارة "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" (النساء 29) عنه، لان ظاهرها هو أن الميزان لصحة الاكل وجوازه، هي التجارة غير المنطبق عليها عنوان الباطل وتكون حقا، والمعاطاة تجارة عرفية عقلائية، وليست باطلا عند العقلاء. بل الظاهر منها أن المدار على الحق والباطل، ولا خصوصية لباب الاموال والمعاملات والعقود والايقاعات، فما هو الحق هو الممضى، وما هو الباطل منهي بها، لان وجه النهي عن الاكل والتصرفات بإطلاقها هو البطلان عرفا، لا الامر الاخر، ويصير عرفا وجه التجويز كونها حقا، سواء كانت تجارة، أو نكاحا. وربما يخطر بالبال قصورها، لما فيها من الاحتمالات الكثيرة الناشئة من اختلاف القراءة رفعا ونصبا في لفظة التجارة ومن اختلاف الاراء في كون الاستثناء منقطعا، أو متصلا. ومن أنها على فرض كونها منصوبة، تكون خبرا، أو قائمة مقامه، أي يصير المعنى إلا أن تكون التجارة تجارة عن تراض أو أن تكون الاموال أموال تجارة. ومن اختلافهم في أن الباء للسببية أو لغيرها، وفي أن الاكل كناية عن التصرف، أو هو المقصود مع قصد التصرفات، وبلا قصدها، أو يكون الغرض النهي عن التملك بالباطل، كالقمار، والسرقة، والخيانة. هذا مع أن مقتضى قراءة الرفع، كون جملة المستثنى مستقلة، لما أن الاستثناء منقطع. وأما على أن يكون متصلا، فيشكل تصحيح الاية إعرابا، إلا على أن يقال: بأن المحذوف كلمة الاموال وهي الاسم، وقد حذفت لعدم خصوصية لها، ولدعوى: أن التجارة هي الاموال، أو لاجل انتقال المخاطب إلى أن تمام الموضوع هي التجارة، وإن وقعت على ما يقابل الاموال، كالحقوق مثلا، بناء على أن الظاهر من الاموال هي الاعيان، أو هي والمنافع. فحينئذ كيف يمكن استفادة الحكم منها مع هذه الوجوه الكثيرة؟ وتوهم: أنه يمكن الاستدلال لصحة المعاطاة على جميع الوجوه الممكنة، فاسد، ضرورة أن بناء العقلاء على عدم العمل بمثل هذه الظواهر غير المعلوم منها مراد المتكلم، لا العمل با لقدر المتيقن فيها، كما لا يخفى.
کتاب ثلاث رسائل فقهية للسيد مصطفى الخميني عن ولاية الفقيه: حول الدليل اللفظي للمسألة وهو على طوائف نذكر مهماتها: تنبيه: قد عرفت في ابتداء مسألة ولاية الأب والجد: أن الأصل عدم ثبوت الولاية لأحد على الآخر، وعدم نفوذ تصرفات أحد في سلطان الآخرين. قد خرجنا عنه حسب البناءات العقلائية الممضاة في الطائفة الأولى وحسب الأدلة العقلية في الطائفة الثانية. وحيث تحتاج تلك العقليات إلى التأييد من ناحية النقليات، فلا بد من الإشارة إليها مع رعاية الاختصار. وقبل الورود فيها لا بأس بالإشارة إلى أمر: وهو أن هذه الولاية الكلية التي أردنا إثباتها للحاكم الاسلامي والفقيه الجامع للشرائط غير الولاية الكلية الإلهية التي تحررت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وللأئمة المعصومين عليهم السلام ولفاطمة المعصومة الزهراء عليها سلام الله تعالى فإنها طور آخر من الولاية، ربما يرجع إلى ما لا أذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر بقلب بشر، فلا ينبغي الخلط بين الأمور التكوينية والاعتبارية التشريعية. الطائفة الأولى: الآيات الكثيرة الشريفة منها: قوله تعالى: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" (النساء 59)، ولمكان تصدرها بقوله: "يا أيها الذين آمنوا" يكون الخطاب شاملا للمؤمنين في عصر الغيبة، ولأنه صلوات الله عليه غائب لا يمكن إطاعته، يتعين أن يكون مصداق أولي الأمر شخصا آخر، والقدر المتيقن منه هو الفقيه الجامع، فإذا تصدى الفقيه لأمر لا بد من أن يكون نافذا، قضاء لحق وجوب طاعته. وغير خفي: أن ما ورد من حصر أولي الأمر بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) فهو محمول في مقام الاجراء، لا التشريع، أي مع وجودهم لا ينبغي لأحد آخر أن يتصدى لاجراء الأمور وتنفيذ الأحكام، وأما مع فقدهم فيؤخذ بعموم الكتاب. اللهم إلا أن يقال: لو سلمنا جميع المقدمات فلا يثبت موضوع الإطاعة بهذه الآية، فإن الحكم لا يعقل أن يتصدى لحدود موضوعه، فإن الآية دلت على وجوب الإطاعة، وأما أن الفقيه هل يجوز له أن يأمر بكذا وكذا، حتى يحصل موضوع الآية بالنسبة إلى المؤمنين، فهو يحتاج إلى الدليل. نعم إذا ثبت أن للفقيه أن يأمر بكذا، فعلى الأمة الاسلامية - بل على الناس مثلا - عدم عصيانه. نعم يمكن الدعوى لقاعدة الملازمة المزبورة في أول كتاب البيع ليصح العقد المشكوك صحته بعموم "أوفوا بالعقود" (المائدة 1)، فكما أن هناك يكشف عموم الحكم عن صحة البيع شرعا، كذلك للفقيه أن يفهم من عموم وجوب الإطاعة صحة الأمر وجواز النهي ونفوذ التصدي للأمور في حق الآخرين. وتوهم: أن أولي الأمر تمثل الطغاة والفسقة والسلاطين الجائرين، ولا يمكن الأخذ بعمومه، فيكون الكتاب من هذه الجهة مبهما، في غير محله، لأن الضرورة قاضية بأنهم لا يصلحون لذلك، فكيف يمكن إيجاب إطاعة الفاسق الفاجر على المؤمن الصالح؟ اللهم إلا أن يقال: هذا في حد نفسه قبيح، ولكنه بالقياس إلى حفظ النظام والعدل في المجتمع حسن، فيكون الأمر مع وجود الفقيه المتصدي مفوضا إليه، ثم بعد ذلك إلى الفساق، كما قيل ويأتي. ومنها: قوله تعالى في سورة المائدة: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" (المائدة 55)، فانظر إلى ما في ذيل هذه الآية من الآيات الأخر: "ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون * يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين" (المائدة 56-57). ولمكان وقوعها في سورة المائدة المصدرة بقوله: "يا أيها الذين آمنوا" (المائدة 57) لا يختص الخطاب بطائفة الموجودين، ولأجل أن المخاطبين هم المؤمنون، والولي في الآية أيضا يكون الله ورسوله والمؤمنين كافة، فلا بد من الأخذ بأن المؤمنين في الآية طائفة خاصة، وإلا يلزم ولاية كل أحد على كل أحد، وتلك الطائفة لا بد وأن تكون الأئمة المعصومين، أو من يشابههم في الطريقة المنطبق عليه مفهوم الآية ومفادها، وهم الفقهاء العدول أو العدول، والفقهاء القدر المتيقن منها. وأما حمل الولاية على المحبة فهو خارج عن طريقة الانصاف، كحمل كلمة أولى في حجة الوداع على الولاء والمحبة، ولا سيما بعد تذييلها بقوله تعالى: "فإن حزب الله هم الغالبون" فإن منه يعلم أن الآية في مقام تشكيل الحزب، وجعل رئيس الحزب، ومن يقود أفراد الحزب، وفي مقام ذكر خاصية الحزب والغلبة والتفوق. وتوهم: أنها في مقام ردع الناس عن أهل الكتاب والكفار، فلا يشمل المقصود، كما يظهر من ذيل الآية الكريمة، في محله، إلا أنه يفيد الأمر الآخر، وهو أن من لا يكون واردا في صدر الآية، يعد من الكفار في ذيلها، فتدبر جيدا. ومنها: قوله تعالى في سورة المائدة: "لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون" (المائدة 63) ولمكان كونها في مقام تعيير الرباني والحبر والعلماء في الأمم، يعلم أن وظيفة العلماء والفقهاء من كل الأمم ذلك، وهذا مما لا يمكن إلا بتشكيل الحكومة، وكون الاختيارات الكلية بيد الفقيه.
https://telegram.me/buratha
