الصفحة الإسلامية

اشارات السيد مصطفى الخميني قدس سره عن القرآن الكريم من سورة النساء (ح 21)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن کتاب خيارات للسيد مصطفى الخميني: الحق الذي لا محيص عنه حسب القواعد: هي فورية حق الارش، دون حق الفسخ، والتأخير لا يقتضي سقوط حق الفسخ، إلا في صورة أشرنا إليها، ولا سقوط حق الارش، بل لا يثبت الارش، لقصور أدلته كما عرفت. فرع: حكم بيع المعيب تكليفا هل يحرم بيع المعيب تكليفا، أم يجب الاعلام بالعيب تكليفا، أو يحرم الغش، فيكون البيع المذكور محرما لاجله، لا بذاته، أو يحرم الغش في المعاملة تكليفا؟ وأما ما في كلماتهم من حرمة ترك الاظهار، فهو غير جيد، لا لما قد يتخيل من امتناع اتصاف الترك بالحرمة، فإنه باطل محرر تفصيله في محله، بل لكونه خلاف الفهم العرفي، فإن المتعارف محرمية الامور الوجودية، لا العدمية، والامر سهل. وقد مر شطر من البحث في أوائل بحوث خيار العيب، وذكرنا هناك إمكان كون بيع المعيب محرما، لكونه من الاكل بالباطل، والنهي في الكتاب "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" (النساء 29) نفسي، وحيث إن المعاملة تحتاج الى الامضاء والرضا، وهو لا يجتمع عادة - بل وعقلا على إشكال - مع المبغوضية الموجودة في المادة المحرمة، فيكون الرضا منتفيا، فيكون البيع باطلا. أو لكونه غشا، وهو محرم، ضرورة أن مبنى المعاملات على تبادل الصحيح بالصحيح، وإن لم يكن التزام شخصي بين البائع والمشتري، فإذا علم البائع وترك الاظهار، ينتزع منه الغش وإن لم يصنع شيئا وجوديا يختفي به العيب، وقد مر توضيح هذا المبنى بما لا مزيد عليه. ولا يضر بهذا البناء الكلي العمومي، كون البائع في المعاملة الشخصية الخاصة، مريدا جلب المشتري الى متاعه، فإنه محيط خاص، بخلاف المبنى المذكور، فلا تخلط. أو لكونه من الكذب، فإن الافعال توصف بالصدق والكذب، والاشياء توصف بهما، فيقال: (فجر صادق وكاذب) فإذا سكت البائع بعد ذلك البناء، فسكوته بمنزلة الاخبار، فيكون محرما، وخدعة، وحيلة، وتغريرا. والذي هو الحق من بين الاقوال الخمسة - من الحرمة، والكراهة، والوجوب، والاستحباب، والتفصيل بين الخفي والجلي، أو غير ذلك: أن عنوان (بيع المعيب) بما هو هو خارج عن جميعها، والادلة المستند إليها لا تقتضي شيئا، وأما العناوين المنطبقة عليه فلا تورث بطلانه، بعد كونه من التجارة عن التراضي، على إشكال محرر في محله، ولا حرمة ذاتا وبعنوانه. وأما الغش، ففي كونه محرما في نفسه إشكال. نعم، ما هو المحرم احتمالا هو الغش في المعاملة، وإلا فالخلط بالتصرف في ملكه ليس محرما، فإذا كان الغش محرما في المعاملة، فهو معناه حرمة بيع المغشوش، وعندئذ يشكل صحته ولو كان محرما تكليفا، لما اشير إليه. وما قد اشتهر: (من أن النهي التحريمي دليل الصحة) غير صحيح، لان الصحة عند العقلاء محرمة عند الشرع.

 

وعن کتاب البيع للسيد مصطفى الخميني: حول الاستدلال بآية التجارة على صحة المعاطاة قصور الايتين عن شمولها لا يلازم قصور آية التجارة "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" (النساء 29) عنه، لان ظاهرها هو أن الميزان لصحة الاكل وجوازه، هي التجارة غير المنطبق عليها عنوان الباطل وتكون حقا، والمعاطاة تجارة عرفية عقلائية، وليست باطلا عند العقلاء. بل الظاهر منها أن المدار على الحق والباطل، ولا خصوصية لباب الاموال والمعاملات والعقود والايقاعات، فما هو الحق هو الممضى، وما هو الباطل منهي بها، لان وجه النهي عن الاكل والتصرفات بإطلاقها هو البطلان عرفا، لا الامر الاخر، ويصير عرفا وجه التجويز كونها حقا، سواء كانت تجارة، أو نكاحا. وربما يخطر بالبال قصورها، لما فيها من الاحتمالات الكثيرة الناشئة من اختلاف القراءة رفعا ونصبا في لفظة التجارة ومن اختلاف الاراء في كون الاستثناء منقطعا، أو متصلا.

 

وعن کتاب الطهارة الكبير للسيد مصطفى الخميني: الفصل السادس فيما يستدل به على أن المياه المضافة مطهرة من الحدث وهو إطلاق مادة الاغتسال القابلة للصدق على الطهارة الحاصلة بالمضافات. نعم، لا يتحقق الغسل بمطلق المائعات، حتى يلزم التعارض بين ما يدل على مطهريته، وما يدل على عدم مطهريته. وبعبارة اخرى: لو سلمنا دلالة الاية والرواية على نفي مطهرية سائر المائعات، ولكنها قابلة للتخصيص والتقييد، فلو صح الغسل بماء مضاف ومائع كالاعراق المتخذة من النباتات فإطلاق أدلتها يخصص ويقيد بالايتين الامرتين بالاغتسال والغسل. فقوله تعالى: "حتى تغتسلوا" (النساء 43) وقوله تعالى: "فاغسلوا" (المائدة 6) مقدم على تلك الادلة وإن كانت النسبة عموما من وجه، وذلك لان من موجبات تقدم أحد العامين من وجه على الاخر، هو أن يكون الدليلان في مورد التصادق، مختلفي الظهور، فيكون أحدهما أظهر من الاخر، وفيما نحن فيه الامر كذلك كما لا يخفى. ودعوى: أن ذيل الايتين يشهد على أن المقصود من الغسل ما هو الحاصل بالماء ، غير مسموعة، لاحتمال كون الصدر - وهو إطلاق المادة - قرينة على أن الماء المذكور في الذيل من باب أحد مصاديق المطهر، بل هو كذلك، فتدبر. وإن شئت قلت: فيما لو دار الامر بين كون الصدر قرينة على الذيل وبا لعكس، يتعين الاول، خصوصا فيما نحن فيه، وما اشتهر من التمسك بالانصراف في هذه المواقف، لا يرجع إلى المحصل، فعليه يتعين تجويز كون جميع المياه المضافة التي يحصل بها الغسل لغة وعرفا، مطهرة للحدث، بل وللخبث على ما يأتي تفصيل البحث فيه. وما يظهر من بعض كتب اللغة، من تقييد الغسل بالماء، حتى يكون الموضوع له أخص، غير قابل للتصديق، لقيام التبادر على خلافه.

 

جاء في کتاب ثلاث رسائل العوائد والفوائد للسيد مصطفى الخميني: حديث الشفاعة، وغفران الذنوب كلها إلا الشرك بالله العظيم "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا" (النساء 48)، و "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا" (النساء 116)، وسعة الرحمة الالهية كما في قوله تعالى: (ورحمتي وسعت كل شئ" (الاعراف 156)، و "فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ" (الانعام 147) إلى أن قال، فقال تعالى: "عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ" (الاعراف 156). عبدي أنا الله الواسع الكريم، الذي لا ينفد خزائني ولا ينقص رحمتي شئ بل وسعت رحمتي كل شئ. وعن حديث الشفاعة قال الصادق عليه السلام: والله لنشفعن لشيعتنا، والله لنشفعن لشيعتنا، والله لنشفعن لشيعتنا حتى يقول الناس: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.

 

قال الله تعالى "يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وَأَولي الأمر منكم" (النساء 59) جاء في کتاب تحريرات في الأصول للسيد مصطفى الخميني: أخلاقه و عبادته‌: العوامل الوراثية و البيئيّة و العائلية لها الأثر الكبير على شخصيّة الإنسان كلّ إنسان، فهو ابن بيئته و ابن فواعله التربويّة و الوراثية، فلا عجب أن نجد شهيدنا الغالي يعيش قمّة الخلق الكريم و الفضائل الروحية، و النفسيّة و السلوكية و الكمالات الأخلاقية و العقلية، فقد عاش في بيت من بيوتات العلم و التقى و الزهد و الهدى، تتلألأ لياليه بأنوار التبتّل و الانقطاع إلى للّه المتعال، كما تمتلئ ساعات نهاره بالعلم و الجهاد و معالي الأمور، بيت يعيش همّ الإسلام و المسلمين بدون فتور أو انقطاع. لا عجب أن نجد شهيدنا العظيم مجمعا للفضائل و المكارم و قد كان مربّيه بطل العلم و التقوي و الجهاد، و قد تشرّب من أجوائه التي عاشها بين يديه، أسمى الكمالات الروحية و المعنوية و أقدس المزايا و السجايا و أجلّ النعوت و أجمل الصفات. إذا عرفت ذلك تعرف السرّ في حلول هذا الولد البارّ من نفس والده العظيم ذلك الموقع الخاصّ و المقام الرفيع، فكان يشيد بفضائل ولده قولا و عملا، و يشير إلى مكانته العلمية و المعنويّة، و عرف عنه قدس سره أنه لم يمدّ رجليه في حضرة ولده إكراما و تبجيلا له. و قد عرف هذا الولد البار حق والديه، فلم يفعل شيئا كرهاه، و كان يحترمهما إلى حدّ التقديس، و كان يعلم ما لوالده العظيم من مقام روحي و علمي جليل، و أهداف إلهيّة عالية يعيش همّها بلا فتور ليله و نهاره في صمته و كلامه، يجاهد في سبيل ربّه جهادا كبيرا لا يعرف الكلل و لا الملل و لا الخوف و لا الضجر، و كان يشير في كل مناسبة- في أحاديثه و كتاباته- بمقام والده الكبير الفقيه الحكيم و المجاهد العظيم. و سار الولد على مسار أبيه و اختطى خطاه، و تبنّى أهدافه و أمانيه، و جاهد كما جاهد أبوه بإصرار و شجاعة و عزم و ثبات. و من الصفات الغرّ لسيّدنا الشهيد أنّه كان شريفا عفيفا زاهدا عابدا قريبا من الناس محبوبا لديهم، كريما محسنا محبّا لأصدقائه مؤثرا للسمر معهم على سائر المتع، و ربما قضى معهم الساعات الطويلة من الليل، ثم يغفي إغفاءة يقوم بعدها لصلاة الليل و التضرّع و الابتهال لربّ العزّة و الجلال، ثمّ يعود بشغف و نشاط إلى بحثه و تدريسه و تأليفه. و هكذا كان عالما عابدا مجدا نشطا، مواظبا على النوافل و الأدعية و الأوراد، ملتزما بصلاة الجماعة، محتاطا في تصرّفاته، خصوصا فيما يتعلق ببيت المال إلى أبعد الحدود، و كان زاهدا في دنياه و راغبا في أخراه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك