الصفحة الإسلامية

كلمات مترادفة في القرآن الكريم (سنة و عام) (ح 7)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن العام "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" ﴿التوبة 28﴾ عَامِهِمْ: عَامِ اسم، هِمْ ضمير. بَعْدَ عامِهِم: عام تسعة للهجرة، يا معشر المؤمنين إنما المشركون رِجْس وخَبَث فلا تمكنوهم من الاقتراب من الحرم بعد هذا العام التاسع من الهجرة، وإن خفتم فقرًا لانقطاع تجارتهم عنكم، فإن الله سيعوضكم عنها، ويكفيكم من فضله إن شاء، إن الله عليم بحالكم، حكيم في تدبير شؤونكم. قال الله عز وجل "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" ﴿التوبة 37﴾ عاما اسم، إن الذي كانت تفعله العرب في الجاهلية من تحريم أربعة أشهر من السنة عددًا لا تحديدًا بأسماء الأشهر التي حرَّمها الله، فيؤخرون بعضها أو يقدِّمونه ويجعلون مكانه من أشهر الحل ما أرادوا حسب حاجتهم للقتال، إن ذلك زيادة في الكفر، يضل الشيطان به الذين كفروا، يحلون الذي أخروا تحريمه من الأشهر الأربعة عامًا، ويحرمونه عاما، ليوافقوا عدد الشهور الأربعة، فيحلوا ما حرَّم الله منها. زَيَّن لهم الشيطان الأعمال السيئة. والله لا يوفق القوم الكافرين إلى الحق والصواب. قوله سبحانه " قال الله جل جلاله "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ" ﴿العنكبوت 14﴾ ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك، فلم يستجيبوا له، فأهلكهم الله بالطوفان، وهم ظالمون لأنفسهم بكفرهم وطغيانهم. قوله عز من قائل "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" ﴿لقمان 14﴾ عامين اسم، وأَمَرْنا الإنسان ببرِّ والديه والإحسان إليهما، حَمَلَتْه أمه ضعفًا على ضعف، وحمله وفِطامه عن الرضاعة في مدة عامين، وقلنا له: اشكر لله، ثم اشكر لوالديك، إليَّ المرجع فأُجازي كُلا بما يستحق.

 

جاء في صحيفة الراية عن بلاغة القرآن ما الفرق بين (العام) و (السنة) في القرآن الكريم: الْعَامُ يطلق على الدَّعة والرّخاء أمّا السَّنَةُ فتطلق على الشدة والكرب والضيق، ومن ذلك قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا" (العنكبوت 14). فمدة دعوة نوح عليه السلام كانت مشقة وشدةً، لعناد قومه وسخريتهم واستهزائهم بنوح عليه السلام، وما استراح إلا بعد أن طهر الله تعالى الأرض من رجزهم. وقال تعالى:"قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ" (يوسف 47-49). فوصف السنين بأنهن شِدَادٌ، ووصف العام بالرخاء وأنه: فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ أي يأتيهم الغوث وَفِيهِ يَعْصِرُونَ من الرخاء والخير والبركة. عند التعب تأتي "السنون" ومع الراحة يكون "العام": يقولُ الله تعالى في سورة العنكبوت: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ"، "السنة والعام" تعبير زماني يُستخدم في حساب الأيام، حيث إن كلًا منهما يُعادل اثني عشر شهرًا. أما الفرق بينهما فهو أن كلمة "السنة" تستخدم للدلالة على مقدار التعب والمشقة، في حين تأتي كلمة "العام" للدلالة على الراحة والاسترخاء، لذا استخدم القرآن كلمة "سنة" في وصف السنين التي عاشها النبي نوح ومُعاناته مع قومه في الدعوة إلى الله تعالى والتي استمرت 950 سنة، في حين أن المدة التي ارتاح فيها نوح كانت خمسين عامًا. من الأمثلة أيضًا على هذا النوع من الإعجاز ما ذُكر في سورة يوسف، عندما طلب منه تفسير رؤيا الملك. قال يوسف: "تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا" فسنوات التعب كانت سبعًا وبعدها "ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ". حيث ذُكرت كلمة "سنين – جمع سنة" للدلالة على المشقة والتعب في الزراعة وسنوات الجفاف، ثم ذكر القرآن كلمة "عام" وقرنها بجملة "يغاث فيه الناس وفيه يعصرون" والتي تعني ينزل عليهم المطر ويغيثهم. ويزخر القرآن الكريم بالمئات من هذا النوع من الإعجاز البلاغي.

 

جاء في التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قال تعالى: "قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ" (المائدة 26) وقوله: يَتِيهُونَ من التيه وهو الحيرة. يقال: تاه يتيه ويتوه إذا تحير وضل الطريق. ووقع فلان في التيه. أى: في مواضع الحيرة. وقوله: فَلا تَأْسَ أى: فلا تحزن عليهم من الأسى وهو الحزن. يقال: أسى كتعب أى: حزن. فهو آس مثل حزين. وأسا على مصيبته من باب عدا أى: حزن قال امرؤ القيس: وقوفا بها صحبي على مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجمل أى: يقولون لا تهلك نفسك حزنا وتجمل بالصبر. والمعنى: قال الله تعالى لنبيه موسى مجيبا لدعائه: يا موسى إن الأرض المقدسة محرمة على هؤلاء الجبناء العصاة مدة أربعين سنة، يسيرون خلالها في الصحراء تائهين حيارى لا يستقيم لهم أمر، ولا يستقر لهم قرار، فلا تحزن عليهم بسبب هذه العقوبة فإننا ما عاقبناهم بهذه العقوبة إلا بسبب خروجهم عن طاعتنا، وتمردهم على أوامرنا، وجبنهم عن قتال أعدائنا، وسوء أدبهم مع أنبيائنا. وقال الفخر الرازي: اختلف الناس في أن موسى وهارون عليهما السلام هل بقيا في التيه أو لا؟ فقال قوم: إنهما ما كانا في التيه لأن موسى دعا الله أن يفرق بينه وبين القوم الفاسقين، ودعوات الأنبياء مجابة، لأن التيه كان عذابا والأنبياء لا يعذبون. وقال آخرون: إنهما كانا مع القوم في ذلك التيه، إلا أن الله- تعالى سهل عليهما ذلك العذاب كما سهل النار على إبراهيم فجعلها بردا وسلاما. وإنهما قد ماتا في التيه وبقي يوشع بن نون وكان ابن أخت موسى ووصيه بعد موته وهو الذي فتح الأرض المقدسة- بعد انقضاء مدة التيه وقيل بل بقي موسى بعد ذلك وخرج من التيه وحارب الجبارين وقهرهم وأخذ الأرض المقدسة. دخولهم في التيه كان عقوبة لهم على نكوصهم عن قتال الجبارين، ليدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم. فالتيه والحالة هذه كان بمثابة سجن لهم يعاقبون فيه. وقوله سبحانه "فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ" (العنكبوت 14) بيان لسوء عاقبة المكذبين لنوح عليه السلام- بعد أن مكث فيهم تلك المدة الطويلة. والطوفان: قد يطلق على كل ما يطوف بالشيء على كثرة وشدة من السيل والريح والظلام، وقد غلب إطلاقه على طوفان الماء، وهو المراد هنا.

 

عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ" (التوبة 37) النسيء وقف القتال الإجباري حيث سورة التوبة تتناول أبحاثا مفصلة حول قتال المشركين. إشارة إلى إحدى السنن الخاطئة في الجاهلية، وهي سنة النسئ اي تغيير الأشهر الحرم إذ تقول الآية: "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا" (التوبة 37) ففي أحد الأعوام يقررون حلية الشهر الحرام ويحرمون أحد الأشهر الحلال للمحافظة على العدد أربعة يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله. فهؤلاء يضيعون بتصرفهم هذا فلسفة تحريم الأشهر، ويتلاعبون بحكم الله بحسب ما تمليه عليهم أهواؤهم، والعجيب أنهم يرضون عن عملهم، وفعلهم هذا كما تقول الآية: زين لهم سوء أعمالهم. فهم يغيرون الأشهر الحرم ويبدلونها، ويعدون ذلك تدبيرا لحياتهم ومعاشهم، أو يتصورون أن طول فترة إيقاف القتال يقلل من حماس المقاتلين فلابد من إثارة الحرب. النسئ على وزن الكثير من مادة نسأ ومعناها التأخير ويمكن أن تكون هذه الكلمة اسم مصدر أو مصدرا، وتطلق على ما يؤجل من إعطاء المال أو قبضه. وكان عرب الجاهلية يؤخرون بعض الأشهر الحرم، فمثلا كانوا ينتخبون شهر صفر بدل شهر محرم في عام فيحرمونه، كما حدث لأحد زعماء قبيلة بني كنانة، إذ خطب في اجتماع كبير نسبيا في موسم الحج بمنى وقال: إنني أخرت المحرم هذا العام وانتخبت شهر صفر مكانه. وقد روي عن ابن عباس: إن أول من سن هذه السنة هو عمرو بن لحي، وقال بعضهم: بل هو قلمس من بني كنانة. وفلسفة هذا العمل التأخير والنسئ في عقيدتهم أن توالي ثلاثة أشهر حرم تباعا كذي القعدة وذي الحجة والمحرم يسبب إضعاف معنويات المحاربين، لأن عرب الجاهلية كانوا يتوقون إلى الإغارة وسفك الدماء والحرب، وأساسا فإن الحرب والإغارة وما شاكلهما كان يمثل جزءا من حياتهم، وكان من الصعب عليهم أن يتحملوا ثلاثة أشهر حرم يتوقف فيها القتال لذا فقد كانوا يسعون لفصل شهر المحرم عن هذه الأشهر أو يؤخروه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك