-هنا اي مطالعة الى زيارة الناحية نلاحظ ان الامام صلوات الله وسلامه عليه يركز على منهج الحزن بشكل شديد جداً، هذا المنهج لا نلاحظه في زيارة عاشوراء لأننا نلاحظ في زيارة عاشوراء هو الغضب الذي ينسجم مع طبيعة مقتضيات يوم عاشوراء، اما زيارة الناحية فنحن نقرأ صور مرعبة لابد من ان تسيل الدموع عند قراءتها ولابد من انها تهز القلب وتحرك الوجدان والعواطف بأقصى درجاتها، هي عبارة عن مأتم كامل والقصة كاملة بكل بتفاصيلها ومع ذلك الامام صلوات الله وسلامه عليه يضع المنهج الموجود في داخل زيارة عاشوراء من جهة ومن جهة اخرى يشير الى الجماعة الخاصة ويشير الى التكافل الاجتماعي في داخل الجماعة الخاصة ويشير الى الرعاية العقائدية في داخل الجماعة الخاصة، والقدر المتيقن ان هذه الزيارة هي زيارة الامام المنتظر صلوات الله وسلامه عليه فحينما نطلق على انفسنا منتظرين فان إمامنا يزور ويتفاعل مع قضية الحسين بهذه الطريقة، والذين يعترضون على حزن الشيعة وما الى ذلك لا يعرفون شيئا عن حقيقة التشيع في مثل هذه المجالات والا الامام هو الذي يتحدث بهذا المنطق وهو الذي يؤكد على استدامة الحزن والحرص على هذا الحزن، والسبب الرئيسي يعود الى هذا القلب الذي يجب ان يبقى متفاعلاً ويجب ان يبقى حياً، الان هذه الهجمة الشرسة على الدين وعلى القيم والاخلاقيات وعلى الأفكار بالصورة الواضحة عند الكثيرين، هذه الهجمة تتساقط وتنتهي في ايام المحرم وهي هجمة منظمة من امريكا واسرائيل وبريطانيا وكل الاستكبار العالمي على اساس انه يجب ان ينتهي التشيع خلال الجيل القادم، لكن بحلول محرم وبآلياته البسيطة وبفهمه المعقَّد يكسِّر هذه الهجمات كتكسر امواج البحر عند كاسر الموج وهو عندنا الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه، موسم محرم وصفر هو عبارة عن عملية احتواء لكل الهجمات المضادة وعبارة عن توحيد المناصرين وشحذ هممهم وتجديد طاقاتهم واضافة زخم لهم وإن كان عبر اساليب البعض كان يتصور انها خرافة او ترهات وما الى ذلك لكن هم لا يمتلكون رؤية الى النعيم الذي نراه في داخلنا ولو عاشوا طبيعة النعمة التي نعيشها لما تكلموا بذلك المنطق، المسالة ليست سذاجة من الطائفة، علمائنا ومراجعنا هم خُدّام في مدرسة الإمامة وهم ينظرون الى الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه يتحدث في زيارة الناحية بتلك الطريقة، نعم هناك شباب سُذَّج جاهل ومغرر به بحيث قطعوه عن منابع العلم يدعو الى ان تكون حضاري! وهل هناك معنى ان تكون حضاري دون هوية؟ وهل هناك نشوء لحضارة بدون هوية او بلا قيم خاصة بها؟ نفس الغربيين لديهم حضارة لكن لديهم هويتهم واخلاقياتهم الخاص بهم على ضوئها تم انشاء حضارتهم، هم يسموها حضارة! هذه الحضارة استطاعت ان تقتل مئات الملايين من البشر دون حياء لان قيمهم وهويتهم لا تستحي من القتل ولا تستحي من استباحة كل الشعوب ولا تخجل من ان تمارس اي نوع من انواع الظلم، بينما هويتنا وقيمنا تختلف، ذكرنا اكثر من مرة ان ائمة اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم احاطونا احاطة تامة واسسوا اليات قد تبدو سهلة لكنها هي من تحفر في الاعماق وهي التي ابقت التشيع الى يومنا هذا، الان في نظرة الى شبابنا حينما تكون لديه فاعلية ونشاط ويريد ان يتحرك في قضية معينة لديه ثلاثة مناهج: اما ان يخوض في حرب العصابات وما الى ذلك، واما ان يتجه الى الحركات العابثة من المجون والطرب والشرب والمخدرات وما الى ذلك، او ان يلتقي في الموكب الحسيني على سبيل المثال وينخرط بهمم الموكب الحسيني بأي شكل من اشكال العزاء او أي شكل من اشكال الفعالية الاجتماعية او بشكل من اشكال العمل بمنسك خاص به ولكن بالنتيجة هو يتلقى في هذه الفعاليات افكاراً ومُثُل وقيم من قصة الامام الحسين عليه السلام، هذا الشاب الذي لم يأخذ شيء من المدرسة بالإضافة الى ان الاب والام مشغولان عنه وشبكة الانترنت تضخ عليه ملايين المفردات التي تحاول ان تسلخ هويته، هنا يأتي الى مدرسة الامام الحسين عليه السلام ليستعيد هويته من جديد بعد سنة كاملة يعمل بها اعدائه ضد هذه الهوية لكن عمل هذه السنة الكاملة يتحطم خلال شهرين، كل ذلك يأتي بسبب الاساليب البسيطة التي تركها اهل البيت صلوات الله عليهم بيد الناس ليمارسوها من دون ان يتصيدهم الطاغوت، ويبقى الامام الحسين عليه السلام صورة متوهجة على مر الأيام، والصورة الموجودة عندنا اليوم هي حصاد تلك الجهود وهي حصاد تلك الأيام. .. يتبع
https://telegram.me/buratha