الصفحة الإسلامية

كتاب الامام الباقر عليه السلام للشيخ الكعبي والقرآن الكريم (ح 7)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في کتاب الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام سيرة وتاريخ للشيخ علي موسى الكعبي: تكملة للحلقة السابقة عن التفسير: خامساً: النهي عن التفسير بالرأي، ويراد به الأخذ بالاعتبارات الظنية في التفسير، يقول شيخ الطائفة الطوسي في مقدمة تفسيره: ان تفسير القرآن لا يجوز إلاّ بالأثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة: الذين قولهم حجة كقول النبي. وقد نهى الإمام أبو جعفر عليه السلام عن الأحتكام إلى الحدس والظن والتخمين في التفسير، أو أن يفسره الإنسان بذوقه ومن تلقاء نفسه، في عدة أحاديث، منها ما رواه ثقة الإسلام الكليني عن زيد الشحام، قال: (دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه السلام فقال: يا قتادة، أنت فقيه أهل البصرة؟ قال: هكذا يزعمون. فقال أبو جعفر عليه السلام: بلغني أنك تفسر القرآن؟ فقال له قتادة: نعم. فقال له أبو جعفر عليه السلام: بعلم تفسره أم بجهل؟ قال: لا، بعلم. فقال له أبو جعفر عليه السلام: فإن كنت تفسره بعلم، فأنت أنت، وأنا أسألك؟ قال قتادة: سل. قال: أخبرني عن قول اللّه عزوجل في سبأ: "وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ" (سبأ 18). فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال، يريد هذا البيت، كان آمنا حتى يرجع إلى أهله. فقال أبو جعفر عليه السلام: نشدتك اللّه يا قتادة، هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت، فيقطع عليه الطريق، فتذهب نفقته ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟ قال قتادة: اللهم نعم. فقال أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة، إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت. ويحك يا قتادة، ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفاً بحقنا، يهوانا قلبه، كما قال اللّه عزّوجلّ: "فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ" (ابراهيم 37) ولم يعن البيت فيقول: إليه، فنحن واللّه دعوة إبراهيم عليه السلامالتي من هوانا قلبه قبلت حجّته وإلاّ فلا، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمناً من عذاب جهنّم يوم القيامة. قال قتادة: لا جرم واللّه لا فسرتها إلاّ هكذا. فقال أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة، إنما يعرف القرآن من خُوطب به). وهنا يحصر الإمام أبو جعفر عليه السلام، معرفة الكتاب العزيز تفسيراً وتأويلاً وعلى درجة الكمال بالمعصومين من أهل البيت: دون سواهم، باعتبارهم المخاطبين الذين نزل الكتاب في بيوتهم، وعليه لا يجوز تفسير القرآن بغير علم، وهو المستفاد من قوله عليه السلام: (فإن كنت تفسره بعلم، فأنت أنت)، وقوله عليه السلام: (ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا فقولوا: اللّه أعلم، ان الرجل لينزع بالآية من القرآن يخر فيها أبعد من السماء). لأن التفسير الخالي من الدليل العلمي الواضح والبرهان القطعي يعتمد على الظن الذي لا يغني عن الحقّ شيئاً.

 

وعن تنقية التفسير يقول الشيخ علي موسى الكعبي: أسهم الإمام الباقر عليه السلام في تنقية التفسير. قال الباقر عليه السلام لجابر الجعفي: (ما يقول فقهاء العراق في قوله تعالى: "لَوْلاَ أَنْ رَءَا بُرْهَانَ رَبِّهِ" (يوسف 24)؟ قال: رأى يعقوب عاضاً على إبهامه. فقال: لا، حدثني أبي عن جدي علي بن أبي طالب عليهما السلام أن البرهان الذي رآه أنها حين همت به وهم بها، قامت إلى صنم لها مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض خشية أن يراها، أو استحياء منه. فقال لها يوسف عليه السلام: ما هذا؟ فقالت: الهي أستحي منه أن يراني على هذه الصورة. فقال يوسف عليه السلام: تستحين من صنم لا ينفع ولا يضر، ولا يسمع ولا يبصر، أفلا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت؟ ثم قال: واللّه لا تنالين مني أبداً، فهو البرهان). وعن محمد بن عطية، قال: (جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام من أهل الشام من علمائهم، فقال له: يا أبا جعفر، قول اللّه تعالى: "أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالاْءَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا" (الانبياء 30)؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام: فلعلك تزعم أنهما كانتا رتقاً ملتزقتين ملتصقتين ففتقت احداهما من الأخرى؟ فقال: نعم. فقال أبو جعفر عليه السلام: استغفر ربك، فإنّ قول اللّه عزوجل: "كَانَتَا رَتْقاً" (الانبياء 30) يقول: كانت السماء رتقاً لا تنزل المطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت الحبّ، فلمّا خلق اللّه تبارك وتعالى الخلق وبثّ فيها من كلّ دابة، فتق السماء بالمطر، والأرض بنبات الحبّ. فقال الشامي: أشهد أنك من ولد الأنبياء، وأنّ علمك علمهم). وسأله الأبرش الكلبي عن قول اللّه عزوجل: "وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ" (البروج 3). فقال أبو جعفر عليه السلام: (ما قيل لك؟ فقال: قالوا: الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة. فقال أبو جعفر عليه السلام: ليس كما قيل لك، الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم القيامة، أما تقرأ القرآن؟ قال اللّه عزوجل: "ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ" (هود 103).

 

وعن دوره في علم الطب يقول الشيخ الكعبي في كتابه: وردت عن الإمام الباقر عليه السلام ارشادات كثيرة في مجال الطب الروحاني، وعلاجات لبعض الأمراض، ومواصفات لبعض الأدوية والأغذية. ونقل عنه عليه السلام الكثير من العلاجات بطريقة الطب الروحاني، ولا يخفى أن البحوث الطبية الحديثة أكدت أنّ الطبّ الروحاني من أهمّ الأسباب المؤدّية إلى تخفيف الأمراض النفسية المستعصية، والكثيرة الشيوع في زماننا هذا، ولا ريب أنّ القرآن الكريم والدعاء يقفان على رأس مفردات الطبّ الروحاني والعلاج النفساني، قال تعالى: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُوءْمِنِينَ" (الاسراء 82). من هنا أكد الإمام الباقر عليه السلام أن يتعوذ المسلم بالرقى المستخرجة من القرآن، دون غيرها لأن كثيراً منها قد يؤدي بالمرء إلى الشرك دون أن يشعر. روى أحمد بن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر محمد الباقر عليه السلام: (أنتعوّذ بشيء من هذه الرقى؟ قال: إلاّ من القرآن، فإن علياً عليه السلام كان يقول: إنّ كثيراً من الرقى والتمائم من الإشراك). وأكد على خصوصية سورة الحمد والإخلاص في علاج جميع الأمراض، قال عليه السلام: (كل من لم تبرأه سورة الحمد، وقل هو اللّه أحد، لم يبرأه شيء، كلّ علّة تبرأها هاتان السورتان). ونقل عن الإمام الباقر عليه السلام مزيد من العلاجات والوصفات الروحانية التي تعتمد القرآن أو الدعاء، منها في علاج آلام الجسد، ووجع الرأس والشقيقة، والصمم، ووجع لأضراس، ووجع الخاصرة، ووجع الظهر، ووجع الرجلين، وبكاء الصبيان، والسل، وكل ما يشتكي منه الإنسان، وشدّة الطلق وعسر الولادة، والرمد، وعبث الشيطان، وتعرّض الأرواح، وشدّة النزع عند الموت، وآثار الهوام، والجراح.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك